للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يُشْتَرَطْ طَلَبُهُ قَبْلَهُ، وَلَوْ وَاحِدًا عَنْ رَكْبٍ لِلْآيَةِ، إذْ لَا يُقَالُ لِمَنْ لَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَجِدْ وَلِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ وَلَا يَكْفِي طَلَبُ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَا طَلَبُ فَاسِقٍ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ طَلَبُ الْمَالِ لِلْحَجِّ وَالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَمَا هُنَا شَرْطٌ لِلِانْتِقَالِ عَنْ الْوَاجِبِ إلَى بَدَلِهِ فَلَزِمَ كَطَلَبِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَامْتَنَعَتْ الْإِنَابَةُ فِي الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَهُنَا عَلَى الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ.

(تَنْبِيهٌ)

ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ طَلَبَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِ أَنَّهُ طَلَبَ أَوْ أَنَابَ مَنْ يَطْلُبُ وَطَلَبَ فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَوْ نَائِبَهُ طَلَبَ فِي الْوَقْتِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ وَلِمَا يَأْتِي أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْفِعْلِ كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْيَقِينِ وَلَا يُنَافِيهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فَدَخَلَ الْوَقْتُ عَقِبَ طَلَبِهِ تَيَمَّمَ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ الطَّلَبِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُحْتَمَلْ تَجَدُّدُ مَاءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ الْأَوَّلُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ طَلَبَهُ لِعَطَشِ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَذَلِكَ اهـ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِيعَابُ وَعِبَارَةُ سم بَعْدَ رَدِّ تَنْظِيرِهِ، ثُمَّ الْوَجْهُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْفَقْدَ بِالطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِفَائِتَةٍ أَوْ عَطَشٍ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِلْحَاضِرَةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الطَّلَبِ اهـ، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يَجِبُ طَلَبُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ لِكَوْنِ الْقَافِلَةِ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا بِمُبَادَرَتِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبِ فِي أَظْهَرِ احْتِمَالَيْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ اهـ وَنَظَرَ فِيهِ م ر سم بِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ إتْلَافِ الْمَاءِ الَّذِي مَعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَقَرَّهُ الرَّشِيدِيُّ وَأَطَالَ الْكُرْدِيُّ فِي رَدِّهِ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخُنَا م ر اهـ

(قَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ تَيَمَّمَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَادَفَهُ شَيْخُنَا وَعِ ش وَفِي النِّهَايَةِ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ مَا يُفِيدُهُ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ لَوْ اجْتَهَدَ فَظَنَّ دُخُولَهُ فَطَلَبَ فَبَانَ أَنَّهُ صَادَفَهُ صَحَّ اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَشْرُطْ طَلَبَهُ قَبْلَهُ) شَامِلٌ لِلْإِطْلَاقِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَ لَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ كَفَى أَمَّا طَلَبُ غَيْرِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ لِيَطْلُبَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ أَذِنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَطْلَقَ فَطَلَبَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَكُنْ جَزْمًا فَإِنْ طَلَبَ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَقْتِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَنَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ يُوَكِّلُ رَجُلًا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخُنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ فَيَكْفِي اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدًا عَنْ رَكْبٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْبَعْثِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ ع ش. (قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) دَلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يُقَالُ إلَخْ بَيَانٌ لِوَجْهِ الدَّلَالَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ غَلَبَ إلَخْ) خِلَافًا لِإِطْلَاقِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَاعْتَمَدَ ع ش مَا قَالَهُ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَالَ وَمَحَلُّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ شَرْطُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا شَرْطُ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِمَا هُنَا فَقْدُ الْمَاءِ فَهُوَ شَرْطُ الِانْتِقَالِ لَكِنَّ الطَّلَبَ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ وَإِنْ أُرِيدَ نَفْسُ الْمَاءِ فَالطَّلَبُ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِلِانْتِقَالِ بَلْ شَرْطُ الِانْتِقَالِ فَقْدُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِمَا هُنَا الْعِلْمُ بِالْفَقْدِ وَهُوَ شَرْطُ الِانْتِقَالِ وَالطَّلَبُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ طَلَبَهُ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ الِاكْتِفَاءُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَهُوَ بِهِ أَنْسَبُ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَلْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ آخِرَ الْبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِغَلَبَةِ ظَنِّ تَعْمِيمِ التُّرَابِ لِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَقَاصِدِ دُونَهُمَا فَيُغْتَفَرُ فِيهِمَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهَا بَلْ مَا هُنَا وَسِيلَةٌ لِلْوَسِيلَةِ تَصْرِيحُهُمْ هُنَا بِأَنَّ اسْتِنَابَةَ الْوَاحِدِ كَافِيَةٌ مُصَرِّحٌ بِالِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ إذْ خَبَرُهُ لَا يُفِيدُ غَيْرَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ إلَّا إنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ وَلَكِنَّ تَحَقُّقَهُ نَادِرٌ جِدًّا فَتَأَمَّلْهُ وَأَنْصِفْ بَصْرِيٌّ وَهُوَ وَجِيهٌ مَعْنًى لَكِنْ يُؤَيِّدُ كَلَامَ الشَّارِحِ مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ تَيَقُّنِ كَوْنِ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ اشْتِرَاطَ تَيَقُّنِ الطَّلَبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصَحَّ التَّيَمُّمُ الْآخَرُ بِهِ لِاتِّحَادِ جِنْسِهِمَا بِخِلَافِ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِعَطَشٍ فَإِنَّهُ لَا مُجَانَسَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ حَتَّى يُغْنِيَ عَنْ تَعَدُّدِ طَلَبٍ لَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَظْهَرِ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ وُجُوبَ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَوَّلَهُ إذَا عَظُمَتْ الْقَافِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُهَا إلَّا بِذَلِكَ اهـ

وَالْإِيجَابُ أَوَّلُهُ مُتَّجِهٌ وَقَبْلَهُ يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُمُعَةَ أُنِيطَ بَعْضُ أَحْكَامِهَا بِالْفَجْرِ فَلَا يُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا اهـ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (وَأَقُولُ) قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْوُجُوبِ قَبْلَ الْوَقْتِ فِي الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ لِلطَّهَارَةِ وَإِتْلَافِهِ عَبَثًا مِنْ غَيْرِ عِصْيَانٍ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْوُجُوبِ فَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْوُجُوبَ لِصِحَّةِ الطَّلَبِ حَتَّى إذَا عَظُمَتْ الْقَافِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُهَا إلَّا بِالطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ أَوَّلَهُ فَأَخَّرَ إلَى أَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُ الِاسْتِيعَابِ وَلَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِدُونِهِ وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّتُهُ بِدُونِ طَلَبٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ الْوَجْهُ فِيمَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْفَقْدَ بِالطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِفَائِتَةٍ أَوْ عَطِشَ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِلْحَاضِرَةِ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الطَّلَبِ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ إلَخْ قَدْ يَرُدُّ هَذَا الْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ وَمَاءُ وَرْدٍ فَاجْتَهَدَ لِلشُّرْبِ جَازَ التَّطَهُّرُ بِمَا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الطَّلَبَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>