لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَعْظٌ وَهَجْرٌ) نَدْبًا (فِي الْمَضْجَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ لَا فِي الْكَلَامِ لِحُرْمَتِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحِ دِينِهَا لَا حَظَّ نَفْسِهِ وَلَا الْأَمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ لِجَوَازِ الْهَجْرِ بَلْ نَدَبَهُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِ الْمَهْجُورِ نَحْوَ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ وَكَصَلَاحِ دِينِهِ أَوْ دِينِ الْهَاجِرِ وَمِنْ ثَمَّ «هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّلَاثَةَ اللَّذَيْنِ خُلِّفُوا وَنَهَى الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ» وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا جَاءَ مِنْ مُهَاجَرَةِ السَّلَفِ.
(وَلَا يَضْرِبُ فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ الْجِنَايَةِ بِالتَّكَرُّرِ (قُلْت الْأَظْهَرُ يَضْرِبُ) إنْ شَاءَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ إفَادَةَ الضَّرْبِ قِيلَ وَأَنْ لَا تَظْهَرَ عَدَاوَتُهُ لَهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ رَفْعُهَا لِلْقَاضِي وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَدْرَكًا لَا نَقْلًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَلَمْ نَأْخُذْ بِهِ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ وَنَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَاخْتَارُوا الْأَوَّلَ.
(فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرْبُ) إنْ عِلْم ذَلِكَ أَيْضًا مَعَ الْوَعْظِ وَالْهَجْرِ وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ وَلَا يَجُوزُ ضَرْبٌ مُدْمٍ أَوْ مُبَرِّحٍ وَهُوَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ بِأَنْ يَخْشَى مِنْهُ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ فَيَحْرُمُ الْمُبَرِّحُ وَغَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي وَيُؤَيِّدُ تَفْسِيرِي لِلْمُبَرِّحِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ يَضْرِبُهَا بِمِنْدِيلٍ مَلْفُوفٍ أَوْ بِيَدِهِ لَا بِسَوْطٍ وَلَا بِعَصًا اهـ قَدْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي سَوْطِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَقُّ هُنَا لِنَفْسِهِ وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ خَفَّفَ فِيهِ مَا لَمْ يُخَفِّفْ فِي غَيْرِهِ وَلَا عَلَى وَجْهٍ أَوْ مَهْلَكٍ وَلَا لِنَحْوِ نَحِيفَةٍ لَا تُطِيقُهُ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا أَنْ يَبْلُغَ ضَرْبُ حُرَّةٍ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِلَّهِ لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ ثَمَّ وَلَمْ يَجِبْ الرَّفْعُ هُنَا لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ مُشِقٌّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهَا لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: ٣٤] وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ سَبَبَ الضَّرْبِ النُّشُوزُ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِيهِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِاللِّسَانِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ تَأْثَمُ بِهِ وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ عَلَيْهِ وَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا بِنَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَرْفَعُهَا إلَى قَاضٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ وَلَا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْهَجْرِ فِي الْمَضْجَعِ إيثَارًا لِلَفْظِ الْآيَةِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَالشَّارِحُ إنَّمَا فَسَّرَ الْمُرَادَ بِالْمَضْجَعِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ لَا فِي الْكَلَامِ) عَطْفٌ عَلَى فِي الْمَضْجَعِ.
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ إلَخْ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ لِجَوَازِ الْهَجْرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَصَلَاحِ دِينِهِ أَيْ وَكَأَنْ يَكُونَ فِي الْهَجْرِ صَلَاحٌ لِدِينِ الْمَهْجُورِ اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَكَوْنِ الْمَهْجُورِ نَحْوَ فَاسِقٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هَجْرُهُ لَا يُفِيدُ تَرْكَهُ الْفِسْقَ أَوْ الْبِدْعَةَ نَعَمْ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَجْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى زِيَادَةِ الْفِسْقِ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا) وَهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَصَاحِبَاهُ مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ مِنْ مُهَاجِرَةِ السَّلَفِ) أَيْ تَرْكَ بَعْضُهُمْ الْكَلَامَ لِبَعْضٍ اهـ ع ش.
. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ يَظُنُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالْأَسْنَى.
(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ) فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ وَالْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْأَوَّلُ مَا بَقَّاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ وَالْمُرَادُ وَاهْجُرُوهُنَّ إنْ نَشَزْنَ وَاضْرِبُوهُنَّ إنْ أَصْرَرْنَ عَلَى النُّشُوزِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا لَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ) أَيْ ظَنَّ إفَادَةَ الضَّرْبِ.
. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ) وَهَذَا بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ مُغْنِي وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ إلَخْ) اسْتِئْنَافٌ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ الْمُبَرِّحِ.
(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُنَافِي قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ مَا يَأْتِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ جَوَازُهُ بِسَوْطٍ وَعَصًا هُنَا أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى الْعَفْوُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى وَجْهٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ ع ش مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ضَرْبٌ مُدْمٍ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا لِنَحْوِ نَحِيفَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ضَرَبَ) أَيْ ضَرَبَ الْقَاضِي اهـ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَيْ إنَّمَا جَازَ الضَّرْبُ أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ لِلْحَدِّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَفَادَ أَمْ لَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ الرَّفْعُ هُنَا لِلْحَاكِمِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَسُقُوطِ حَقِّ الْقَسْمِ فَلَا تَسْقُطُ هَذِهِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي فِي الْمَضْجَعِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الشَّرْحِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْآتِي عَلَى مَا يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ.
. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ضَرَبَ لِلْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِلَّهِ) تَبِعَهُ فِيهِ م ر ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُحَدُّ وَلَا يُعَزَّرُ لِحَقِّ اللَّهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ هَلْ لِكَلَامِ الشَّارِحِ مَحْمَلٌ آخَرُ كَانَ يَحْمِلُ هَذَا عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ كَالْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَسُقُوطِ حَقِّ الْقَسْمِ فَلَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأُمُورُ بَلْ هِيَ الْمُصَدِّقَةُ لَهَا (قَوْلُهُ صُدِّقَ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ رَمَى عَيْنَ إنْسَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ نَظَرَ إلَى حَرَمِهِ فِي دَارِهِ مِنْ نَحْوِ كُوَّةٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ النَّظَرَ إلَيْهَا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا غَيْرُ مَا يَأْتِي فِي الصِّيَالِ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الِاطِّلَاعِ وَاخْتَلَفَا فِي تَعَمُّدِ النَّظَرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الزَّوْجِ إلَى تَأْدِيبِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ