للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ، أَوْ الْمُفَادَاةِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ طَلَاقًا (فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ) بِالتَّخْفِيفِ فِي الْأَفْصَحِ (عَدَدًا) فَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْد تَكَرُّرِهِ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَاخْتَارَهُ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ تَكَرَّرَ مِنْ الْبُلْقِينِيِّ الْإِفْتَاءُ بِهِ، وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِالْآيَةِ نَفْسِهَا؛ إذْ لَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ طَلَاقًا لَمَا قَالَ فَإِنْ طَلَّقَهَا، وَإِلَّا كَانَ الطَّلَاقُ أَرْبَعًا أَمَّا الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ فَطَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الطَّلَاقَ لَكِنْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِالظِّهَارِ الطَّلَاقَ

(تَنْبِيهٌ)

إنْ قُلْت: لِمَ كَانَ الْفَسْخُ لَا يُنْقِصُ الْعَدَدَ وَالطَّلَاقُ يُنْقِصُهُ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْفَسْخِ إزَالَةُ الضَّرَرِ لَا غَيْرُ، وَهِيَ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قَطْعِ دَوَامِ الْعِصْمَةِ فَاقْتَصَرُوا بِهِ عَلَى ذَلِكَ؛ إذْ لَا دَخْلَ لِلْعَدَدِ فِيهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَالشَّارِعُ وَضَعَ لَهُ عَدَدًا مَخْصُوصًا لِكَوْنِهِ يَقَعُ بِالِاخْتِيَارِ لِمُوجِبٍ وَعَدَمِهِ فَفَوَّضَ لِإِرَادَةِ الْمُوقِعِ مِنْ اسْتِيفَاءِ عَدَدِهِ وَعَدَمِهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ (لَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ) فِي الطَّلَاقِ أَيْ الْفُرْقَةِ بِعِوَضٍ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ (وَالْمُفَادَاةُ) أَيْ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا (كَخُلْعٍ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَكَذَا الْآتِيَانِ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهَا فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ (وَلَفْظُ الْخُلْعِ) وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ (صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ عَلَى لِسَانِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ الْأُسْلُوبُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إلَخْ) إنْ كَانَ هَذَا التَّقْيِيدُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةَ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، أَوْ كِنَايَةً وَنَوَاهُ فَفِي الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الشِّقِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى تَقْدِيرٍ غَيْرِ تَقْدِيرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ أَيْضًا فَفِي التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقَصْدِ مَعَ صَرَاحَتِهِ نَظَرٌ سم وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَالتَّقْيِيدُ لِتَعْيِينِ مَحَلِّ الْخِلَافِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا قَطْعًا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَأْتِي عَنْ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْأَوْلَى الْآخِرُ (قَوْلُهُ: بِالْآيَةِ نَفْسِهَا) وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ إلَخْ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ فُرْقَةٌ بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ بِالْعِوَضِ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ الْخُلْعِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مَجَّانًا تَارَةً وَبِعِوَضٍ أُخْرَى انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ) إلَى قَوْلِهِ: لَكِنْ نَقَلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: فَطَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الطَّلَاقَ) أَيْ: أَوْ اقْتَرَنَ بِهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ كَخَالَعْتُك عَلَى طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْخُلْعَ (قَوْلُهُ: لَا يَصِيرُ طَلَاقًا) أَيْ بَلْ هُوَ فَسْخٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ إزَالَةُ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْفَسْخِ وَقَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ مُجَرَّدِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا دَخْلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم، وَقَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى إنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَضَعْ لِلْفَسْخِ عَدَدًا خُصُوصًا حَتَّى يَنْقُصَ بِهِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ يَقَعُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فَفَوَّضَ لِإِرَادَةِ الْمَوْقِعِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ) مَا وَجْهُ التَّفْرِيعِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْفَاءَ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ عَلَى الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَيْضًا كِنَايَةٌ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فَاقْتَصَرَ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِهِ اهـ سم وَقَوْلُهُ الصَّحِيحُ الْأَوْفَقُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ وَلَوْ مَعَ الْمَالِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ صَنِيعُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ لَفْظُ الْفَسْخِ كَفَسَخْتُ نِكَاحَك بِكَذَا فَقَبِلَتْ كِنَايَةٌ فِيهِ إذْ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عُرْفًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْآتِيَانِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ، وَفِي قَوْلٍ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْخُلْعِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذِكْرِ الْمَالِ مَعَهُ، أَوْ لَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْخُلْعِ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُفَادَاةِ يَقْتَضِي أَنَّ نَحْوَ أَنْتِ خُلْعٌ، أَوْ مُفَادَاةٌ صَرِيحٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَسَيَأْتِي أَنَّ أَنْتِ طَلَاقٌ، أَوْ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى نَحْوِ الْخُلْعُ لَازِمٌ لِي كَمَا فِي الطَّلَاقِ لَازِمٌ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْخُلْعِ، وَمَا اُشْتُقَّ إلَخْ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ ذَكَرَ مَعَهُ الْمَالَ، أَوْ نَوَى وَيُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّ الْمَصَادِرَ كِنَايَاتٌ وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ مَا هُنَا كَالطَّلَاقِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ، وَمِنْهُ صَرِيحُ مُشْتَقِّ مُفَادَاةٍ وَمُشْتَقُّ خُلْعٍ اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا فِي الطَّلَاقِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلَهُ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى الْخُلْعِ، وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ طَلَاقًا) إنْ كَانَ هَذَا التَّقْيِيدُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةً الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، أَوْ كِنَايَةً وَنَوَاهُ فَفِي الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الشِّقِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى تَقْدِيرٍ غَيْرِ تَقْدِيرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ أَيْضًا فَفِي التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقَصْدِ مَعَ صَرَاحَتِهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ طَلَاقًا إلَخْ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ فُرْقَةٌ بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ بِالْعِوَضِ وَقَوْلُهُ {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ الْخُلْعِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مَجَّانًا تَارَةً وَبِعِوَضٍ أُخْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا دَخْلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ) مَا وَجْهُ هَذَا التَّفْرِيعِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْفَاءَ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ عَلَى الثَّانِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَيْضًا كِنَايَةٌ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فَاقْتَصَرَ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ وَلَوْ مَعَ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَلَفْظُ الْخُلْعِ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ) هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُفَادَاةِ يَقْتَضِي أَنَّ نَحْوَ أَنْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>