للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَارَقَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ جَانِبِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ، وَشَرْطُ التَّعْلِيقِ وُجُودُ الصِّفَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ التَّوَافُقُ، وَلَمْ يُوجَدَا، وَأَمَّا مِنْ جَانِبِهَا فَلَا تَعْلِيقَ فِيهِ بَلْ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ أَيْضًا كَمَا مَرَّ وَجَعَالَةٌ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ فَغُلِّبَ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِيهَا أَيْضًا فَاسْتَوَيَا، وَلَوْ أَجَابَهَا بِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَاهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ، أَوْ بِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفَهَا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ، أَوْ نِصْفَهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي نَظَرًا لِلْمَلْفُوظِ لَا لِلسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى وَبِاخْتِيَارِهِ وَيَأْتِي مَا لَهُ بِذَلِكَ تَعَلُّقٌ (وَإِذَا خَالَعَ، أَوْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ) وَلَوْ فَاسِدًا (فَلَا رَجْعَةَ) لَهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْ الْمَالَ لِتَمْلِكَ بُضْعَهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا بَذَلَ الصَّدَاقَ لَا تَمْلِكُ هِيَ رَفْعَهُ

(فَإِنْ شَرَطَهَا) كَطَلَّقْتُك، أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ فَقَبِلَتْ، أَوْ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَبْرَأَتْ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ أَخْذًا مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ (فَرَجْعِيٌّ، وَلَا مَالَ) لَهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَيْ الرَّجْعَةِ وَالْمَالِ أَيْ: أَوْ الْبَرَاءَةِ مُتَنَافِيَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الرَّجْعَةَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ بِرَجْعِيَّةٍ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِصِفَةِ الْبَرَاءَةِ لَا أَنَّهَا عِوَضٌ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْوُقُوعِ إلَّا بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ، وَصِحَّتُهَا تَسْتَلْزِمُ الْبَيْنُونَةَ، وَهِيَ تُنَافِي قَوْلَهُ: رَجْعِيَّةٌ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا نَظِيرُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّنَافِي، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْوُقُوعَ (وَفِي قَوْلٍ: بَائِنٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّهُ، وَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ هُنَا بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ.

(وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ) ، أَوْ ارْتَدَّ هُوَ، أَوْ ارْتَدَّا (فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ فَوْرًا بِأَنْ لَمْ تَتَرَاخَ الرِّدَّةُ وَلَا الْجَوَابُ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، وَحِينَئِذٍ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِارْتِدَادُ (قَبْلَ دُخُولٍ، أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ) هِيَ، أَوْ هُوَ، أَوْ هُمَا عَلَى الرِّدَّةِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَالَ) وَلَا طَلَاقَ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ فِي الْحَالَيْنِ أَمَّا إذَا أَجَابَ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَإِنَّهَا تَبِينُ حَالًا بِالْمَالِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفَارَقَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي نَظِيرِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَلَغْوٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَالْمُعَاوَضَةُ) عَطْفٌ عَلَى " التَّعْلِيقُ " وَقَوْلُهُ التَّوَافُقُ عَطْفٌ عَلَى " وُجُودُ الصِّفَةِ " (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدَا) أَيْ الصِّفَةُ وَالتَّوَافُقُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) أَيْ الْجَعَالَةُ وَقَوْلُهُ فَغَلَبَ أَيْ الْجَعَالَةُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ فَالْمَجْمُوعُ لَا يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةُ الْمُوَافَقَةَ وَقَوْلُهُ فَاسْتَوَيَا أَيْ التَّعْلِيقُ وَالْمُعَاوَضَةُ فِي اقْتِضَاءِ الْمُوَافَقَةِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ وَاحِدَةً) أَيْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ اهـ ع ش زَادَ الْمُغْنِي وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِاخْتِيَارِهِ) عَطْفٌ عَلَى الْأَقْوَى اهـ سم (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدُ فِي شَرْحِ وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَلَوْ فَاسِدًا) إلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: رَفْعُهُ) أَيْ الْبُضْعِ

(قَوْلُهُ: فَأَبْرَأَتْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ هُنَا فَوْرِيَّةُ وَلَا عِلْمُ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا مُعَارَضَةَ فِيهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ قُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ حُصُولِهَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَوَاضِحٌ اشْتِرَاطُ عِلْمِهِمَا، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ الْبَرَاءَةُ الصَّحِيحَةُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْلِيقَ عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ أَقُولُ: اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا الْعِلْمُ فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَتَسَاقَطَانِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْبَرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ إنَّمَا يُنَافِي الْبَرَاءَةَ إذَا جُعِلَتْ عِوَضًا لَا إذَا قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ عَلَيْهَا فَالتَّنَافِي بَيْنَ شَرْطِ الرَّجْعَةِ وَكَوْنِ الْبَرَاءَةِ عِوَضًا فَاللَّازِمُ مِنْ هَذَا التَّنَافِي عَدَمُ كَوْنِهَا عِوَضًا لَا بُطْلَانُهَا فِي نَفْسِهَا فَالْأَوْجَهُ صِحَّتُهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ شَرْطَ الرَّجْعِيَّةِ يُنَافِي الْعِوَضَ فَيَسْقُطُ وَإِذَا سَقَطَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ عِوَضًا سَقَطَ مُطْلَقًا؛ إذْ لَيْسَ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِهَا بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ فَإِنَّهَا مَعْقُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَأَمَّلْهُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش، وَفِي السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ وَسَكَتُوا عَنْ حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَالظَّاهِرُ فِيهَا بُطْلَانُ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الصِّيغَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهَا تَسْتَلْزِمُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَلْزِمُهَا إذَا جُعِلَتْ عِوَضًا لَا إذَا قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ يَصْرِفُهَا عَنْ الْعِوَضِيَّةِ إلَى مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَعَهَا بِعِوَضٍ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَيَحْتَمِلُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ) نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَارْتَدَّتْ) أَيْ عَقِبَ هَذَا الْقَوْلِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَوْرًا بِأَنْ لَمْ تَتَرَاخَ الرِّدَّةُ إلَخْ) فَلَوْ تَرَاخَتْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

السَّابِقَةِ عُبَابٌ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ عَدَمَ الْوُقُوعِ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ (قَوْلُهُ وَبِاخْتِيَارِهِ) عَطْفٌ عَلَى الْأَقْوَى

(قَوْلُهُ: كَطَلَّقْتُك إلَخْ) أَيْ فَقَبِلَتْ وَقَوْلُهُ، أَوْ إنْ أَبْرَأْتنِي إلَخْ أَيْ فَأَبْرَأَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَسَاقَطَانِ) هَذَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْبَرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ إنَّمَا يُنَافِي الْبَرَاءَةَ إذَا جُعِلَتْ عِوَضًا لَا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ عَلَيْهَا فَالتَّنَافِي بَيْنَ شَرْطِ الرَّجْعَةِ وَكَوْنِ الْبَرَاءَةِ عِوَضًا فَاللَّازِمُ مِنْ هَذَا التَّنَافِي عَدَمُ كَوْنِهَا عِوَضًا لَا بُطْلَانُهَا فِي نَفْسِهَا فَالْأَوْجَهُ صِحَّتُهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ يُنَافِي الْعِوَضَ فَيَسْقُطُ وَإِذَا سَقَطَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ عِوَضًا سَقَطَ مُطْلَقًا؛ إذْ لَيْسَ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِهَا بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ فَإِنَّهَا مَعْقُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ دِقَّةٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ سُقُوطُ دَعْوَى أَنَّ الْقِيَاسَ فَسَادُ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُنَافِي شَرْطَ الرَّجْعَةِ فَيَتَسَاقَطَانِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّارِحِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْحَمْلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ لَوْلَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي عَنْ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَخْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَإِقْرَارُهُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ تَسْتَلْزِمُ الْبَيْنُونَةَ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَلْزِمُهَا إذَا جُعِلَتْ عِوَضًا لَا إذَا قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ كَمَا هُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>