للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَلَا عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ، وَأَنْتِ حَرَامٌ كِنَايَةٌ اتِّفَاقًا كَتِلْكَ عِنْدَ مَنْ لَمْ تَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُعَامَلَةُ الْحَالِفِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ مَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَيَأْلَفْ عَادَتَهُمْ.

(وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ بَلْ لَا تَنْحَصِرُ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ (بَرِيَّةٌ) أَيْ مِنْهُ (بَتَّةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوُصْلَةِ إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ وَتَنْكِيرُ هَذَا لُغَةٌ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا مُعَرَّفًا بِأَلْ مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ.

(بَتْلَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ وَمِنْهُ «نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ» وَمِثْلُهَا مُثْلَةٌ مَنْ مَثَّلَ بِهِ جَدَعَهُ (بَائِنٌ) مِنْ الْبَيْنِ، وَهُوَ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ زَادَ بَعْدَهُ بَيْنُونَةً لَا تَحُلِّينَ بَعْدَهَا إلَيَّ أَبَدًا كَمَا مَرَّ (اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك) وَلَوْ لِغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ طَلَّقْت نَفْسِي (الْحَقِي) بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُ (بِأَهْلِك) أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ بِإِلْقَاءِ زِمَامِهِ فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى غَارِبِهِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ عَنْ الْعُنُقِ (لَا أَنْدَهُ) أَيْ أَزْجُرُ (سَرْبَك) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ الْإِبِلُ وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَالِ أَيْ تَرَكْتُك لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك أَمَّا بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَهُوَ قَطِيعُ الظِّبَاءِ وَتَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا أَيْضًا (اُغْرُبِي) بِمُهْمَلَةٍ فَمُعْجَمَةٍ أَيْ تَبَاعَدِي عَنِّي (اُعْزُبِي) بِمُعْجَمَةٍ فَرَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً أَجْنَبِيَّةً مِنِّي (دَعِينِي) أَيْ اُتْرُكِينِي (وَدِّعِينِي) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنْ الْوَدَاعِ أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (وَنَحْوُهَا) مِنْ كُلِّ مَا يُشْعِرُ بِالْفُرْقَةِ إشْعَارًا قَرِيبًا كَتَجَرَّدِي تَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي تَقَنَّعِي تَسَتَّرِي بَرِئْت مِنْك الْزَمِي أَهْلَك لَا حَاجَةَ لِي فِيك أَنْتِ وَشَأْنُك أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك وَسَلَامٌ عَلَيْك قَوْلُ الْمُحَشِّي أَمَّا ظَاهِرًا إلَخْ هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ فَلْتُحَرَّرْ،

ــ

[حاشية الشرواني]

مُطْلَقًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ إلَخْ) يُوهِمُ اشْتِرَاطَ التَّكَرُّرِ فِيمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ وُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ وَتَكَرُّرُهُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَلَيْسَ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ. اهـ. وَهِيَ سَالِمَةٌ عَنْ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: وَيَأْلَفُ عَادَتَهُمْ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُمْ فِيهِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَاقِ) عَلَى قَوْلِهِ كُلِي وَاشْرَبِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِثْلُهَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: طَلَّقْت نَفْسِي وَقَوْلُهُ: تَجَرَّدِي الْزَمِي أَهْلَك أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك (قَوْلُ الْمَتْنِ كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونُ طَالِقًا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ هَذَا اللَّفْظِ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ، وَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ أَوْ التَّعْلِيقَ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ سم وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ، وَإِلَّا كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَكُونُ طَالِقًا وَقَعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كُونِي طَالِقًا فَصَرِيحٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ حَالًا، وَكَذَا تَكُونِي عَلَى تَقْدِيرِ لَامِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ ع ش. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِنِّي وَكَذَا يُقَدَّرُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِيمَا بَعْدَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قَطْعِ الْهَمْزَةِ) أَيْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَنْ التَّبَتُّلِ) أَيْ التَّعَزُّبِ بِلَا مُقْتَضٍ لَهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ بَتْلَةٍ فِي الْكِنَائِيَّةِ وَقَوْلُهُ: مُثْلَةٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَقَوْلُهُ: جَدَعَهُ أَيْ قَطَعَ أَنْفَهُ (قَوْلُهُ: بَائِنٌ) وَحَرَامٌ. اهـ. رَوْضٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ عَكْسُهُ وَجَعَلَهُ الْمُطَرِّزِيُّ خَطَأً. اهـ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَكْسُهُ نَقَلَ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَطَأً إلَّا إنْ قَصَدَ بِهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَمَّا لَوْ قُدِّرَ لَهُ مَفْعُولٌ كَلَفْظِ نَفْسِك فَلَا خَفَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ خَطَأً فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ بِأَهْلِك) سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَهْلٌ أَمْ لَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ اعْتَدِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا يُخَلَّى الْبَعِيرُ إلَخْ) أَيْ لِيَرْعَى كَيْفَ شَاءَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِبِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ السِّرْبُ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا انْتَهَتْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: أَيْ صِيرِي) مِنْ صَارَ (قَوْلُهُ: أَيْ؛ لِأَنِّي طَلَّقْتُك) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ دَعِينِي إلَخْ أَوْ لِقَوْلِهِ لَا أَنْدَهُ سَرْبَك إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَنَحْوُهَا) مِنْ النَّحْوِ اذْهَبِي يَا مُسَخَّمَةُ، وَيَا مُلَطَّمَةُ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ، وَأَنَا مِنْ دَاخِلِ يَمِينِك فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي حَقِّ الثَّانِي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَتَجَرَّدِي وَتَجَرَّعِي) أَيْ كَأْسَ الْفِرَاقِ وَذُوقِي أَيْ مَرَارَتَهُ، وَيَا بِنْتِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَيُدَيَّنُ فِيهِ الْعَامِّيُّ لَمْ يَكُنْ بِبَعِيدٍ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَا تَدْيِينَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ جَعَلْنَاهُ صَرِيحًا الثَّانِي أَنْ لَا يَنْوِيَ شَيْئًا بَلْ يُطْلِقُ، وَالْوُقُوعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ بَاطِنًا لَهُ وَجْهٌ مَأْخَذُهُ الصَّرَاحَةُ أَوْ الشِّبْهُ بِالصَّرَاحَةِ، وَأَمَّا ظَاهِرًا إنْ نَوَى بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْزِمَ بِهِ وَفِي حَقِّ الْفَقِيهِ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ.

(فَرْعٌ)

أَمَّا لَوْ قَالَ عَلَيَّ التَّلَاقُ بِالتَّاءِ فَهُوَ كِنَايَةٌ قَطْعًا فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ الْعَامِّيِّ وَالْفَقِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَالِقٍ أَنَّ تَالِقًا لَا مَعْنَى لَهُ يُحْتَمَلُ وَالتَّلَاقُ لَهُ مَعْنًى مُحْتَمَلٌ.

(فَرْعٌ)

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ دَالِقٌ بِالدَّالِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي تَالِقٍ بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّ الدَّالَ وَالطَّاءَ أَيْضًا مُتَقَارِبَانِ فِي الْإِبْدَالِ إلَّا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْأَلْسِنَةِ كَاشْتِهَارِ تَالِقٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْقَوْلُ بِالْوُقُوعِ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ.

(فَرْعٌ)

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِالْقَافِ الْمَعْقُودَةِ قَرِيبَةً مِنْ الْكَافِ كَمَا يَلْفِظُ بِهَا الْعَرَبُ فَلَا شَكَّ فِي الْوُقُوعِ فَلَوْ أَبْدَلَهَا كَافًا صَرِيحَةً فَقَالَ طَالِكٌ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَالَ تَالِقٌ بِالتَّاءِ إلَّا أَنَّهُ يَنْحَطُّ عَنْهُ بِعَدَمِ الشُّهْرَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَدَالِقٍ بِالدَّالِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ يَحْتَمِلُهُ وَالتَّاءُ وَالْقَافُ، وَالْكَافُ كَثِيرٌ فِي اللُّغَةِ وَقُرِئَ {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير: ١١] وَقُشِطَتْ.

(فَرْعٌ)

فَلَوْ أَبْدَلَ الْحَرْفَيْنِ فَقَالَ تَالِكٌ بِالتَّاءِ وَالْكَافِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ ثُمَّ إنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ مُحْتَمَلٌ وَلَوْ قَالَ دَالِكٌ بِالدَّالِ وَالْكَافِ فَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ تَالِقٍ مَعَ أَنَّ لَهُ مَعَانِيَ مُحْتَمَلَةً مِنْهَا الْمُمَاطَلَةُ لِلْغَرِيمِ وَمِنْهَا الْمُسَاحَقَةُ يُقَالُ تَدَالَكَتْ الْمَرْأَتَانِ أَيْ تَسَاحَقَتَا فَيَكُونُ كِنَايَةَ قَذْفٍ بِالْمُسَاحَقَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا أَلْفَاظًا بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فَأَقْوَاهَا تَالِقٌ ثُمَّ دَالِقٌ وَفِي رُتْبَتِهَا طَالِكٌ ثُمَّ تَالِكٌ ثُمَّ دَالِكٌ، وَهِيَ أَبْعَدُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>