وَقَوْلُهُ: بَانَتْ مِنِّي أَوْ حُرِّمَتْ عَلَيَّ كِنَايَةٌ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَقَوْلُهُ: لِوَلِيِّهَا زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ أَيْ وَبِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ، وَإِلَّا لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِهَذَا، وَلَهَا تَزَوَّجِي وَلَهُ زَوِّجْنِيهَا كِنَايَةٌ فِيهِ وَمَرَّ قُبَيْلَ التَّفْوِيضِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا.
وَلَوْ قِيلَ لَهُ يَا زَيْدٌ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ أَرَادَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا فِي امْرَأَةُ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ، وَهُوَ فِيهَا أَنَّهَا تَطْلُقُ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ اعْتِمَادُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحُكْمَيْنِ دُونَ تَعْلِيلِ الْأُولَى إذْ لَا عُمُومَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا عُمُومَ فِيهِ بَدَلًا وَلَا شُمُولًا بِخِلَافِ مَنْ فَإِنَّ فِيهَا الْعُمُومَ الشُّمُولِيَّ فَشَمِلَهَا لَفْظُهُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّتِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى فَاحْتَاجَ لِنِيَّتِهَا عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ تَخْرِيجَ مَا هُنَا عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ فَحْوَى كَلَامِهِمْ عَلَيْهَا وَمَلْحَظُ الْخِلَافِ فِيهَا، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي إنْ غِبْت عَنْهَا سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ بِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي الظَّاهِرِ بِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ غَيْبَةِ السَّنَةِ فَلَهَا بَعْدَهَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا تَزَوُّجُ غَيْرِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي الطَّلَاقُ ثَلَاثًا مِنْ زَوْجَتِي تَفْعَلُ كَذَا بِأَنَّهُ إنْ نَوَى إيقَاعَهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْفِعْلِ وَقَعَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ بِتَقْدِيرِ كَائِنٍ أَوْ وَاقِعٍ عَلَيَّ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا أَفْتَيْت بِهِ فِي الطَّلَاقُ مِنْك مَا تَزَوَّجْت عَلَيْك أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِتَقْدِيرِ الطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَيَّ مِنْك إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك إذْ هَذَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ احْتِمَالًا ظَاهِرًا فَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَلَوْ طَلَبَتْ الطَّلَاقَ فَقَالَ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ عَدَمُ الْكُلِّيَّةِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْغَلَبَةِ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ:) أَيْ السَّيِّدِ بَانَتْ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى نَحْوِ أَنْتِ لِلَّهِ إلَخْ فَهُوَ مِمَّا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ) أَيْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْعِتْقِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مِنْ السَّيِّدِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ لَا مِنْ السَّيِّدَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْحُسْبَانِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ الزَّوْجِ وَظَاهِرُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ عَطْفٌ عَلَى نَحْوِ أَنْتِ لِلَّهِ إلَخْ فَهُوَ مِمَّا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِوَلِيِّهَا) أَيْ خِطَابًا لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ) كَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِيهَا وَقَوْلِهِ لَهَا تَزَوَّجِي حَيْثُ كَانَ أَيْ الثَّانِي كِنَايَةً فِيهِ أَيْ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْوَلِيَّ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهَا فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
رَشِيدِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَأَتَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِيهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ كَوْنِهِ إقْرَارًا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَكَذَا الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ) أَيْ فِي التَّطْلِيقِ (قَوْلُهُ: لِهَذَا) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْإِقْرَارِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى عَدَمِ تَكْذِيبِ الْمَرْأَةِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ إلَخْ أَيْ لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ مَعْطُوفَانِ عَلَى قَوْلِهِ لِوَلِيِّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كِنَايَةٌ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ إنْ كَانَ كَاذِبًا وَآخَذْنَاهُ بِهِ ظَاهِرًا لَمْ تَحْرُمْ بَاطِنًا بِخِلَافِ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَاهُ حُرِّمَتْ بِهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا فِيمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي الدَّرْسِ، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَغْلَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابِ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْتَحَ لَهَا أَحَدٌ وَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَتَحَ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا هُوَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ الرَّوْضَةِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ إنَّهَا تَطْلُقُ وَقَوْلُهُ: فِي امْرَأَةٍ مَنْ إلَخْ أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ امْرَأَةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاطِقَ بِهِ فِي السِّكَّةِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا تَطْلُقُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَا تَطْلُقُ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَطْلُقُ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَعِبَارَةُ حَجّ تَطْلُقُ. اهـ. وَقَالَ سم قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بَيَّنْته فِي كِتَابِي فَيْضِ الْوَهَّابِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: دُونَ تَعْلِيلِ الْأُولَى) وَلَوْ قَالَ فِيهِ إذْ الْمُخَاطَبُ لَا يَدْخُلُ فِي خِطَابِهِ لَكَانَ وَاضِحًا. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ قَوْلُ الرَّوْضِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِكَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ: وَمَلْحَظُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَحْوَى إلَخْ (قَوْلُهُ:، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: إنْ غِبْت عَنْهَا إلَخْ) هَذَا قَرِيبٌ مِنْ نَحْوِ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا أَنْتِ بِزَوْجَةٍ لِي الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ تَغَايُرِ الْحُكْمِ. اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش قَدْ يُقَالُ تَعْرِيفُ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَنْطَبِقْ عَلَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِخْبَارِ لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ وُجِدَتْ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ الطَّلَاقِ بَعْدَهَا فَكَانَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ فِي نَحْوِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت لِي بِزَوْجَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) اُنْظُرْ مَا الْحُكْمُ فِي الْبَاطِنِ إذَا قُصِدَ بِهِ إنْشَاءُ التَّعْلِيقِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَتَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهِ أَنَّهُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ حِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ عَلَى الْبَاطِنِ لِئَلَّا يَتَنَافَيَا (قَوْلُهُ: وَأَبُو زُرْعَةَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَتْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إلَى مَا قُلْنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ
(قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا مَا نَقَلَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ لَيْسَ فِيهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بَيَّنْته فِي كِتَابَيْ فَيْضِ الْوَهَّابِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ قَوْلُ الرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ غِبْت عَنْهَا سَنَةً فَمَا أَنَا لَهَا بِزَوْجٍ) هَذَا قَرِيبٌ مِنْ نَحْوِ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا أَنْتِ بِزَوْجَةٍ لِي الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ