وَلَا يَعْلَمْهَا بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَقْصِدْ بِالطَّلَاقِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيَّ بَلْ نَحْوَ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَقَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُوقِعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا.
(وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالْعَرَبِيَّةِ) مَثَلًا إذْ الْحُكْمُ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِهِ بِغَيْرِ لُغَتِهِ (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ) كَمُتَلَفِّظٍ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا، وَيُصَدَّقُ فِي جَهْلِهِ مَعْنَاهُ لِلْقَرِينَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا؛ لِأَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِعِلْمِهِ بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ ظَاهِرًا، وَيَقَعُ عَلَيْهِ (وَقِيلَ إنْ نَوَى مَعْنَاهَا) عِنْدَ أَهْلِهَا (وَقَعَ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ وَرَدُّوهُ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ. .
(وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) بِبَاطِلٍ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ مِنْ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ لَوْ فَعَلَ مُكْرَهًا بِبَاطِلٍ أَوْ بِحَقٍّ لَا حِنْثَ خِلَافًا لِجَمْعٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَاشْتُرِطَ تَعَدِّي الْمُكْرِهِ بِهِ لِيُعْذَرَ الْمُكْرَهُ وَثَمَّ فِي أَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ هَلْ هُوَ مَقْصُودٌ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ أَوْ لَا كَالنَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي فَلَا يَتَقَيَّدُ بِحَقٍّ وَلَا بَاطِلٍ وَبِهَذَا يُتَّجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي إنْ أَخَذْت حَقَّك مِنِّي فَأَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ وَانْدَفَعَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ كَطَلَاقِ الْمُولِي وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مِنِّي يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ كَفِعْلِ الْأَخْذِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ أُكْرِهَ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ وَالْمُولِي لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَكْرَهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ نَفْسِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى خَارِجٍ عَنْهُ جَعَلَهُ الْحَالِفُ سَبَبًا لَهُ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ لَا الْإِكْرَاهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته فَقَالَ إنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُنَا الْأَخْذُ بِاخْتِيَارِ الْمُعْطِي وَالْإِمَامُ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ نَحْنُ لَا نَرَى ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي الْأَخْذُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِ. انْتَهَى.
وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِيمَا رَآهُ إلْغَاءٌ لِقَوْلِهِ مِنِّي الظَّاهِرِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَوْعِ اخْتِيَارٍ لَهُ فِي الْإِعْطَاءِ إذْ مَنْ أَخَذَ مِنْ مُكْرَهٍ لَا يُقَالُ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ مَا ذَكَرَ لِلتَّضَجُّرِ أَوْ عَدَمِهِ حَيْثُ أَرَادَ بِطَلَّقْتُكُمْ فَارَقْت مَكَانَكُمْ أَوْ أَطْلَقَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ الشَّرْعِيَّ) ، وَهُوَ قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يَقَعْ) أَيْ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ فِي جَهْلِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقَعُ بَاطِنًا إنْ كَانَ صَادِقًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ ظَاهِرًا) ، وَيُدَيَّنُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ عَلَيْهِ) أَيْ ظَاهِرًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِبَاطِلٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: بِغَيْرِ حَقٍّ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ هِيَ أَنَّ شَخْصًا كَانَ يَعْتَادُ الْحِرَاثَةَ لِشَخْصٍ فَتَشَاجَرَ مَعَهُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْرُثُ لَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَشَكَاهُ لِشَادِّ الْبَلَدِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْحِرَاثَةِ لَهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَهَدَّدَهُ إنْ لَمْ يَحْرُثْ لَهُ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْإِكْرَاهِ مِنْ الشَّادِّ الْمَذْكُورِ بَلْ يَكْفِي مَا وُجِدَ مِنْهُ أَوَّلًا حَيْثُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ جَمِيعَ السَّنَةِ عَلَى الْعَادَةِ بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ اُحْرُثْ لَهُ جَمِيعَ السِّنِينَ وَكَانَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْرُثُ لَهُ أَصْلًا لَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ الشَّادُّ مُتَوَلِّيًا تِلْكَ الْبَلْدَةَ وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْرُثْ عَاقَبَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ هَذَا إكْرَاهٌ بِحَقٍّ. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَقٍّ لَا حِنْثَ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا حِنْثَ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ أَنَّهَا إنْ وُجِدَتْ بِإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ تَنْحَلَّ بِهَا كَمَا لَمْ يَقَعْ بِهَا أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ وَانْحَلَّتْ م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: تَعَدِّي الْمُكْرِهُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِهِ أَيْ الطَّلَاقِ لِيُعْذَرَ الْمُكْرَهُ أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَ الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِالْحَلِفِ بِالْفِعْلِ بِالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ عَدَمِ الْحِنْثِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَتَى صُيِّرَ فِعْلُهُ، وَهُوَ إعْطَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَفِعْلُهُ إذَا كَانَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ لَا يَتَنَاوَلُهُ مَا صَاحَبَهُ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُكْرَهَ إلَخْ فَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ لِلْآخِذِ عَلَى الْأَخْذِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَالْمُولِي لَيْسَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَمَا نَحْنُ فِيهِ) ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى خَارِجٍ عَنْهُ) أَيْ الطَّلَاقِ وَكَذَا ضَمِيرُ سَبَبًا لَهُ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي. اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْفِعْلَ الْمُطْلَقَ) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْفِعْلِ بِالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَطَلَاقِ الْمُولِي، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ بَيْنَ نَفْسِ الطَّلَاقِ وَالْخَارِجِ عَنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرْته) أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنِّي يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَهُ إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا نَرَى ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْأَخْذِ بِاخْتِيَارِ الْمُعْطِي (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) مَمْنُوعٌ. اهـ. سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الرَّدِّ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ مَا ذَكَرَ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقَتُهَا التَّعْلِيقَ عَلَى أَخْذِ الْآخِذِ لَكِنَّ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَلَى مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِطَلَاقٍ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْلَمُهَا) أَيْ أَوْ يَعْلَمُهَا م ر
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا حِنْثَ) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ أَنَّهَا إنْ وُجِدَتْ بِإِكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَنْحَلَّ بِهَا كَمَا لَمْ يَقَعْ بِهَا أَوْ بِحَقٍّ حَنِثَ وَانْحَلَّتْ م ر.
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَتَى صُيِّرَ فِعْلُهُ، وَهُوَ إعْطَاؤُهُ بِنَفْسِهِ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَفِعْلُهُ إذَا كَانَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ لَا يَتَنَاوَلُهُ مَا صَاحَبَهُ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ لِلْآخِذِ عَلَى الْأَخْذِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِي أَنَّهُ إلَخْ) مَمْنُوعٌ