سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ انْتَهَى وَهَذِهِ أَعْنِي: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَا نِزَاعَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهَا أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ نَصَبَ أَوْ لَا وَفَارَقَ غَيْرَك صِفَةً غَيْرَك اسْتِثْنَاءً بِأَنَّ الْأُولَى تُفِيدُ السُّكُوتَ عَمَّا بَعْدَهَا كَجَاءَ رَجُلٌ غَيْرُ زَيْدٍ فَزَيْدٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَجِيءٌ، وَلَا عَدَمُهُ وَالثَّانِيَةُ تُفِيدُ لِمَا بَعْدَهَا ضِدَّ مَا قَبْلَهَا، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَالَيْنِ أَعْنِي تَقْدِيمَ غَيْرٍ وَتَأْخِيرَهَا بَيْنَ الْجَرِّ وَقَسِيمَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ بِفَرْضِ تَأَتِّيهِ هُنَا لَا يُؤَثِّرُ، وَلَا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ غَيْرٍ وَسِوَى، وَإِذَا صَرَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي سِوَى بِمَا مَرَّ مَعَ قَوْلِ جَمْعٍ إنَّهَا لَا تَكُونُ صِفَةً فَغَيْرٌ الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهَا صِفَةً أَوْلَى
(وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَحْوِ إلَّا (مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ وَعَكْسِهِ) أَيْ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً، وَلَا أَشْكُوهُ إلَّا مِنْ حَاكِمِ الشَّرْعِ، وَلَا أَبِيتُ إلَّا لَيْلَةً حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ مُهِمٌّ، وَمِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ إلَّا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَا تَطْلُقُ، وَفِي لَا أَفْعَلُهُ إلَّا إنْ جَاءَ وَلَدِي مِنْ سَفَرِهِ فَمَاتَ وَلَدُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ ثُمَّ فَعَلَهُ تَرَدُّدٌ، وَسَيَأْتِي فِي تِلْكَ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الثَّابِتَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ نَقِيضُ الْمَلْفُوظِ بِهِ قَبْلَهُ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُنَا الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا، وَنَقِيضُهُ التَّخْيِيرُ بَعْدَ مَجِيءِ الْوَلَدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا انْتَفَى مَجِيئُهُ بَقِيَ الِامْتِنَاعُ عَلَى حَالِهِ، وَقَضِيَّتُهُ حِنْثُهُ بِفِعْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إفْتَاءُ بَعْضِهِمْ فِي هَذِهِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَعْلَمَ وَلَدَهُ بِالْيَمِينِ وَمَاتَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَجِيءِ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا وَقَعَ فَبَعِيدٌ جِدًّا بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ الْخَاطِبُ وَالْجَارُ مُتَعَلِّقٌ بِامْتَنَعَتْ
(قَوْلُهُ: سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ) أَيْ: وَهِيَ حَيَّةٌ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ أَعْنِي: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَقَعُ عِنْدَ تَأْخِيرِ غَيْرَك أَوْ سِوَاك عَنْ طَالِقٍ، وَلَا يَقَعُ عِنْدَ التَّقْدِيمِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: وَإِنْ نَوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ نِيَّتِهِ لَمْ يَرْبِطْ الطَّلَاقَ إلَّا بِمَا أَخْرَجَهَا مِنْهُ اهـ سم أَيْ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ: وَمِنْ الْمُسْتَغْرِقِ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك، وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ طَالِقٌ عَنْ غَيْرَ فَلَا يَقَعُ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمِثْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ طَالِقٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَالَيْنِ إلَخْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ عَدَمُ الْقَبُولِ فِيمَا لَوْ أَخَّرَ غَيْرَ سَوَاءٌ أَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الصِّفَةِ أَمْ لَا، وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ خِلَافُهُ ثُمَّ سَاقَ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ إلَى وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْأَصْلُ إلَخْ وَأَقَرَّهُ
(قَوْلُهُ: أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِي لَا أَفْعَلُهُ فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك إلَخْ) أَيْ وَتَرَكَ الْوَطْءَ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْبَاقِي سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ حَاكِمٍ إلَخْ) أَيْ إلَى حَاكِمٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ حَاصِلُ الْقَاعِدَةِ عَدَمُ وُقُوعِ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ) أَيْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ أَوْ الشِّكَايَةِ أَوْ الْمَبِيتِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ حَاصِلُهَا إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْعِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ وَطْئِك سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَلَا أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْهَا بَلْ أَكُونُ عَلَى الْخِيَارِ وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ حَاصِلِ الْقَاعِدَةِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَلَك إرْجَاعُ الضَّمِيرِ إلَى النَّحْوِ
(قَوْلُهُ: فَلَا تَطْلُقُ) يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكِيسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَرَشِيدِيٌّ أَقُولُ: وَقَدْ يُصَوَّرُ بِكَوْنِ هَذَا الْحَلِفِ مِنْ نَحْوِ فَقِيرٍ ضَاقَ خَاطِرُهُ ثُمَّ مِنْ مِنَّةِ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ بِإِنْفَاقِهَا لَهُ أَوْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مُوَافَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَطْلِيقِهَا الْعَجْزُ عَنْ مُؤْنَةِ الْعِدَّةِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِوُجُودِ مَا لَا يَنْقُصُ عَنْ الْعَشَرَةِ فِي الْكِيسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَقَعُ
(قَوْلُهُ: وَفِي لَا أَفْعَلُهُ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا فِي شَرٍّ ثُمَّ تَخَاصَمَا وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ الْحِنْثِ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ اهـ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ خَبَرُهُ، وَفِي لَا أَفْعَلُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: الِامْتِنَاعُ مُطْلَقًا) أَيْ مَاتَ الْوَالِدُ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ الْآتِي فِي إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ حِنْثُهُ إلَخْ) وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ شَخْصٌ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ إلَّا مَعَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الرَّضِيِّ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ حَمْلَ غَيْرٍ عَلَى إلَّا أَكْثَرُ مِنْ حَمْلِ إلَّا عَلَى غَيْرٍ، وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِغَيْرٍ هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إثْبَاتُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِغَيْرٍ وَحَمْلَهَا عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ كَوْنِهَا صِفَةً، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّضِيِّ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَ عَنْ الرَّضِيِّ، وَهُوَ عَجِيبٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ فَالتَّأْيِيدُ بِهِ قَرِيبٌ ظَاهِرٌ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ بِأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى مُتَفَاهَمِ أَهْلِ الْعُرْفِ، وَهَذَا يُنَاسِبُ الْإِقْرَارَ لِبِنَائِهِ عَلَى الْعُرْفِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ فِيهِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ إلَّا أَنْ يُرَدَّ هَذَا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يُعَوَّلُ فِيهِ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ أَعْنِي: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَقَعُ عِنْدَ تَأْخِيرِ " غَيْرَك أَوْ سِوَاك " عَنْ " طَالِقٌ "، وَلَا يَقَعُ عِنْدَ التَّقْدِيمِ
(قَوْلُهُ: أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: وَإِنْ نَوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ نِيَّتِهِ لَمْ يَرْبِطْ الطَّلَاقَ إلَّا بِمَا أَخْرَجَهَا مِنْهُ
(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً إلَخْ) أَيْ وَتَرَكَ الْوَطْءَ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْبَاقِي
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَا تَطْلُقُ) يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى انْتِفَاءِ مَا عَدَا الْعَشَرَةَ عَنْ الْكِيسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الِانْتِفَاءُ فَلْيَقَعْ الطَّلَاقُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ حِنْثُهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ: ثُمَّ فَعَلَهُ
(قَوْلُهُ: