للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْلِيقَ) بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ (لَمْ يَقَعْ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى» ، وَهُوَ عَامٌّ لِلطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَفِي خَبَرٍ لِأَبِي مُوسَى الْأَصْفَهَانِيِّ «مَنْ أَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى فَلَهُ ثُنْيَاهُ» وَعَلَّلَهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي مَشِيئَةً جَدِيدَةً، وَمَشِيئَتُهُ - تَعَالَى - قَدِيمَةٌ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ، وَقَدْ كَانَ شَاءَ فِي الْمَاضِي، وَالْفُقَهَاءُ بِأَنَّ مَشِيئَتَهُ تَعَالَى لَا تُعْلَمُ لَنَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ صِحَّةِ هَذَا دُونَ الْمُسْتَغْرِقِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَغْرِقَ يَمْنَعُ انْتِظَامَ اللَّفْظِ بِخِلَافِ هَذَا وَأَجَابَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً لَكِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَادِثَاتِ، وَتُصَيِّرُ الْحَادِثَ عِنْدَ حُدُوثِهِ مُرَادًا، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعْلِيقٌ بِذَلِكَ التَّعَلُّقِ الْمُتَجَدِّدِ ثُمَّ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ إنْ شَاءَ طَلَاقُك ثَلَاثًا لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ لِجُمْلَةِ الْمَذْكُورِ.

وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ طَلَاقَك الَّذِي عَلَّقْته لَا مُطْلَقًا فَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ أَحَدِ هَذَيْنِ التَّعْلِيقَيْنِ طَلَّقْتُك نَظَرًا إلَى أَنَّ قَضِيَّةَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْفُقَهَاءُ وُقُوعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ لَهَا عَلِمَ مَشِيئَتَهُ - تَعَالَى - لِطَلَاقِهَا وَوَجْهُ عَدَمِ إيرَادِهِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِاسْتِحَالَةِ الْوُقُوعِ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَهَذَا يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَشِيئَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيْضًا، وَهَذَا يُنَاسِبُ الثَّانِيَ لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَحَقُّقُ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ اللَّازِمُ مِنْ تَحَقُّقِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ وَقَعَ لَانْتَفَتْ الصِّفَةُ؛ إذْ لَا يَقَعُ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَبِانْتِفَائِهَا يَنْتَفِي الْمُعَلَّقُ بِهَا وَإِيضَاحُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَكَانَ بِالْمَشِيئَةِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَزِمَ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ لِمَا بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مِنْ التَّضَادِّ

ــ

[حاشية الشرواني]

طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْوَاحِدَةُ هِيَ الْيَقِينُ فِي الثَّالِثِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَوَّلِ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْأَوَّلِ، فَإِنَّ تَوَهُّمَ عَدَمِ الْفَرْقِ فِيهِ قَرِيبٌ لِاتِّحَادِ حَرْفَيْ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمَكْسُورَةِ فَنَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّ تَوَهُّمَ عَدَمِ الْفَرْقِ فِيهِمَا بَعِيدٌ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِالْمَشِيئَةِ) فِي الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِهَا فِي الثَّانِي اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ) فَإِنْ قَصَدَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقَعَ الطَّلَاقُ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ إلَخْ وَرَجَعَهُ الْكُرْدِيُّ إلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامٌّ إلَخْ) شَامِلٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَهُ ثُنْيَاهُ) كَذَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ يَعْنِي بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ فَقَصْرٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: الثُّنْيَا بِضَمٍّ فَسُكُونٍ كُلُّ مَا اسْتَثْنَيْته كَالثُّنْوَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ) أَيْ قَوْلُهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَلَك إرْجَاعُ الضَّمِيرِ إلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: وَالْفُقَهَاءُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَكَلِّمُونَ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفَرَّقُ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ صِحَّةِ هَذَا) أَيْ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: يَمْنَعُ انْتِظَامَ اللَّفْظِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ اهـ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ مُنْتَظِمٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَيْ كَمَا إذَا سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ إلَخْ، وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ اهـ

(قَوْلُهُ: عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ تَعْلِيلِ الْمُتَكَلِّمِينَ

(قَوْلُهُ: أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ أَيْ وَتَأْخِيرُ مَعْنَى إلَى هُنَا بِأَنْ يَقُولَ: مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَيْ طَلَاقَك إلَخْ) أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: التَّعْلِيقَيْنِ) أَيْ: تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَتَعْلِيقِ أَصْلِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: طَلَّقْتُك) أَيْ وَنَوَى ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَأَطْلَقَ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ: نَظَرًا إلَخْ هُوَ عِلَّةٌ لِيَرِد اهـ سم

(قَوْلُهُ: وُقُوعُهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَيْنِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ بِالْمَشِيئَةِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَمْ يُوجَدُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى مَشِيئَتِهِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الثَّانِي) أَيْ التَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ) أَيْ تَعْلِيلَ الْمُتَكَلِّمِينَ

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمَشِيئَةِ

(قَوْلُهُ: يُنَاسِبُ الثَّانِيَ) أَيْ تَعْلِيلَ الْفُقَهَاءِ

(قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَخْ) أَيْ فَلَزِمَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ الْوُقُوعُ، وَهُوَ مُحَالٌ اهـ سم

(قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) نَعْتٌ لِعَدَمِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: اللَّازِمُ إلَخْ نَعْتٌ لِلشَّرْطِ اهـ سم (قَوْلُهُ لَوْ وَقَعَ) أَيْ الطَّلَاقُ

(قَوْلُهُ: لَانْتَفَتْ الصِّفَةُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ بِهَا، وَهِيَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: يَنْتَفِي الْمُعَلَّقُ بِهَا) وَهُوَ الطَّلَاقُ

(قَوْلُهُ: وَإِيضَاحُهُ) أَيْ: الْمُعَارَضَةَ بِقَوْلِهِ: لَوْ وَقَعَ لَانْتَفَتْ الصِّفَةُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) وَهُوَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَنِصْفًا إلَّا وَاحِدَةً وَنِصْفًا وَقَعَ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ يُكَمَّلُ فِي الْإِيقَاعِ دُونَ الرَّفْعِ فَهُوَ فِيهِ لَاغٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ طَلْقَتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا وَقَعَ طَلْقَةٌ لِمَا ذُكِرَ فَكَأَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضِ مِمَّا نَصُّهُ وَهَلْ يَقَعُ بِثَلَاثٍ إلَّا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا ثَلَاثٌ أَوْ وَاحِدَةٌ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَقْيَسُهَا الثَّانِي اهـ قُلْت أَخْذُ مَا ذَكَرَ مَمْنُوعٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ الْمُفَرَّقُ لَا فِي الْمُسْتَثْنَى، وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ فِي الْأُولَى لِرُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهَا لِلْمَعْطُوفِ مَعَ اسْتِغْرَاقِهِ وَثَلَاثٌ فِي الثَّانِيَةِ لِذَلِكَ، وَهِيَ نَظِيرُ قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَا ذُكِرَ عَنْ الرَّوْضِ لِعَدَمِ تَفْرِيقِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَكَذَا أَيْ يَقَعُ طَلْقَتَانِ بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا وَاحِدَةً اهـ نَعَمْ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الرَّوْضَةِ فِي هَذِهِ وُقُوعُ طَلْقَةٍ، وَلَا يَخْفَى قِيَاسُهُ فِي الْأُولَى

(قَوْلُهُ: نَظَرًا) هُوَ عِلَّةٌ " لِيَرِد "

(قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى مَشِيئَتِهِ

(قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَخْ) أَيْ فَلَزِمَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ الْوُقُوعُ، وَهُوَ مُحَالٌ

(قَوْلُهُ: الَّذِي) هُوَ نَعْتٌ لِعَدَمِ، وَقَوْلُهُ: اللَّازِمُ نَعْتٌ لِلشَّرْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>