للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ مِنْ الْعُمُومِ بَلْ يُدَيَّنُ لِاحْتِمَالِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (خَاصَمَتْهُ وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) فِي إنْكَارِهِ الْمُتَّصِلِ بِكَلَامِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ) لِظُهُورِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ: إنْ خَرَجْت اللَّيْلَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ إلَّا مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ: كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ فَقَالَ: لَا كَلَّمْته وَنَوَى الْيَوْمَ قُبِلَ ظَاهِرًا أَيْ لِلْقَرِينَةِ أَيْضًا وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ، وَقَالَ أَرَدْت مَا يَسْكُنُهُ دُونَ مَا يَمْلِكُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا أَيْ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَهُوَ يَحِلُّهَا مِنْ وِثَاقٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت مِنْ وِثَاقٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلْقَرِينَةِ وَقَيَّدَ الْمُتَوَلِّي مَسْأَلَةَ الرَّوْضَةِ بِمَا إذَا وَصَلَ حَلِفَهُ بِكَلَامِ السَّائِلِ، وَإِلَّا لَمْ تَنْفَعْهُ النِّيَّةُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ حِينَئِذٍ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ بِالْعُرْفِ، وَأَنَّهُ هُنَا أَوْسَعُ مِنْهُ بَيْنَ إيجَابِ الْبَيْعِ وَقَبُولِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ كَمَا تَرَى، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ رَأَيْت مِنْ أُخْتِي شَيْئًا، وَلَمْ تُخْبِرِينِي بِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مُوجِبِ الرِّيبَةِ أَمَّا الْقَرِينَةُ الْحَالِيَّةُ

ــ

[حاشية الشرواني]

فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلَّا عَمْرَةَ، وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يُضِفْ النِّسَاءَ لِنَفْسِهِ اهـ مُغْنِي وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَقِبَ وَأَقَرَّاهُ قَوْلَهُ لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ بِخِلَافِهِ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ هُنَا أَيْ حَيْثُ نَوَاهَا اهـ.

وَفِي سم بَعْدَ إطَالَتِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ مَا نَصُّهُ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا نَظِيرَ ذَلِكَ كَمَا تَبَيَّنَ فَالْوَجْهُ فِيهَا خِلَافُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ ذِي الزَّوْجَةِ وَذِي الزَّوْجَاتِ، وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: لَكِنْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ) هَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: إنَّهُ يُدَيَّنُ فِيهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا قَالَ طَلَاقًا مِنْ وِثَاقٍ إنْ كَانَ حَلَّهَا مِنْهُ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا عَنْ الْمُتَوَلِّي

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) وَحِينَئِذٍ فَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا الْتَزَمَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَصْحِيحِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَلَا يَحْسُنُ تَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ جَلَاءُ زَوْجَتِهِ عَلَى رِجَالٍ أَجَانِبَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تُجْلَى عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ جُلِيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِلَفْظِ غَيْرِهِ الرِّجَالَ الْأَجَانِبَ قُبِلَ قَوْلُهُ أَيْ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ، وَلَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ طَلَاقٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ، وَهِيَ غَيْرَتُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ نَظَرِ الْأَجَانِبِ لَهَا اهـ نِهَايَةٌ وَفِي سم نَحْوُهُ

(قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَا لَوْ أَرَادَتْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: كَلِّمْ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي، وَقَيَّدَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ أَنَّهُ بِحَذْفِ أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أُكَلِّمُ زَيْدًا (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَيْ لِلْقَرِينَةِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ: بَيْنَهُ أَيْ بَيْنَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ الْمَارِّ، وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ قَوْلِهَا أَيْ الرَّوْضَةِ

(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَتَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ

(قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَدَمِ الِاتِّصَالِ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ) أَيْ الْعُرْفَ أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ الطُّولِ وَالْقِصَرِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ذُكِرَ) أَيْ تَأْثِيرُ الْقَرِينَةِ وَالْعَمَلُ بِهَا

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِي الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ) أَيْ يَتِمُّ ذَلِكَ فِيمَنْ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ فَإِنَّ الْقَرِينَةَ حَالِيَّةٌ بِلَا شَكٍّ بَلْ قَدْ يُنَازَعُ فِي مَسْأَلَةِ الْأُخْتِ فِي كَوْنِ الْقَرِينَةِ لَفْظِيَّةً فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِمَّا يَمْنَعُ التَّقْيِيدَ بِاللَّفْظِيَّةِ مَسْأَلَةُ جَلَاءِ زَوْجَتِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

غَيْرُ الْمُخَاصِمَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَأَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ، وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ: بِخِلَافِ " النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلَّا عَمْرَةَ " وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُنَّ إلَى نَفْسِهِ وَأَقَرَّاهُ وَيُحْتَمَلُ هُنَا الْوُقُوعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلَاقَ عَمْرَةَ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَهُوَ بَاطِلٌ اهـ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ، وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي فَقَوْلُهُ طَالِقٌ إنَّمَا رَبَطَهُ بِقَوْلِهِ: نِسَائِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ نِيَّةً بِغَيْرِ الْمُخَاصِمَةِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي قَوْلِ ذِي الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ نِسَائِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ بِتَقْدِيمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَعْنِي غَيْرَك عَلَى قَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْ الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ: نِسَائِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ الْمُخَاطَبَةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا الْقَيْدِ بَلْ نَوَاهُ فَاحْتِيجَ فِي قَبُولِهِ ظَاهِرًا إلَى قَرِينَةٍ وَهُنَاكَ صَرَّحَ بِهِ فَعَمِلَ بِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ أَدَاةَ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ: كُلُّ نِسَائِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا نَظِيرَ ذَلِكَ كَمَا تَبَيَّنَ فَالْوَجْهُ فِيهَا خِلَافُ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ ذِي الزَّوْجَةِ وَذِي الزَّوْجَاتِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَأَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ بِقَوْلِهِ نِسَائِي أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ بَلْ أَطْلَقَ ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ تَلَفُّظِهِ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ نَوَى حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءَ الْمُخَاصِمَةِ، وَهَذَا هُوَ نَظِيرُ مَا نَظَرَ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا)

(فَرْعٌ) زَوْجَةٌ أُرِيدَ جَلْوَتُهَا عَلَى الرِّجَالِ فَحَصَلَتْ غَيْرَةُ الْأَبِ أَوْ الزَّوْجِ فَحَلَفَ أَنَّهَا لَا تُجْلَى عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ مِنْ الرِّجَالِ فَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِقَبُولِ دَعْوَاهُ ظَاهِرًا فَلَا يَحْنَثُ بِجَلْوَتِهَا عَلَى النِّسَاءِ لِقَرِينَةِ الْغَيْرَةِ الْمُقْتَضِيَةِ إرَادَةَ الرِّجَالِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا اللَّفْظِيَّةُ فِي هَذَا

(قَوْلُهُ: كَمَا إذَا دَخَلَ عَلَى صَدِيقِهِ، وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ مَحْمُولَةً فِيهِ عَلَى الْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى التَّقْيِيدَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ فَكَيْفَ قَيَّدَ مَا نَحْنُ فِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ قَبْلُ ثُمَّ مَا ذَكَرَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>