للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بِهِ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ هُنَا بِحَالَةِ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْهُ أَوْ جَدَّدَ، وَلَمْ يُطَلِّقْ بَانَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ كَالدُّخُولِ فَوُجِدَ فِي حَالِ الْجُنُونِ انْحَلَّتْ الصِّفَةُ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ نَحْوِ الْجُنُونِ لِعَدَمِ الْيَأْسِ بِهِ هُوَ مَا نَقَلَاهُ هُنَا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَرَضَا بِأَنَّهُمَا نَاقَضَاهُ كَالْغَزَالِيِّ فِي الْإِيلَاءِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْوَجْهَ اخْتِلَافُ الْمَلْحَظَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا بِهِ يَتَحَقَّقُ الْيَأْسُ وَمَعَ نَحْوِ الْجُنُونِ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَتَّى يَقَعَ قُبَيْلَهُ لِإِمْكَانِ فِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الدُّخُولَ لَوْ وُجِدَ، وَهِيَ بَائِنٌ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلَا تَطْلُقُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ فَكَمَا اعْتَبَرُوا الصِّفَةَ هُنَا مَعَ الْبَيْنُونَةِ لِأَجْلِ مَنْعِ الْوُقُوعِ قَبْلَهَا فَكَذَا يُعْتَبَرُ مَعَ نَحْوِ الْجُنُونِ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (أَوْ) عَلَّقَ (بِغَيْرِهَا) كَإِذَا وَسَائِرِ مَا مَرَّ (فَ) تَطْلُقُ (عِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ) وَفَارَقَتْ إنْ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ لَهَا بِزَمَنٍ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ كَإِذَا فَإِنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فَتَنَاوَلَتْ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا فَمَعْنَى إنْ لَمْ تَدْخُلِي إنْ فَاتَك الدُّخُولُ، وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ، وَمَعْنَى إذَا لَمْ تَدْخُلِي: أَيَّ وَقْتٍ فَاتَك الدُّخُولُ فَوَقَعَ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ فَتَرَكَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا لِإِكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيُقْبَلُ ظَاهِرًا قَوْلُهُ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ لَا زَمَنًا مَخْصُوصًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ وَعَلَيْهِ فُرِّقَ بِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَفِيهِ مَا فِيهِ وَبِأَنَّ مَعْنَى إذَا أَوْ غَيْرَهُ كَالتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ) إذَا وَ (أَنْ) دَخَلْت أَوْ إذَا، وَأَنْ (لَمْ تَدْخُلِي بِفَتْحِ) هَمْزَةٍ (أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ أَنْ الْمَفْتُوحَةَ وَمِثْلُهَا إذْ لِلتَّعْلِيلِ فَالْمَعْنَى لِلدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ وُجُودِ الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ كَمَا مَرَّ فِي لِرِضَا زَيْدٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَا بِهِ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ هُنَا بِحَالَةِ النِّكَاحِ) أَيْ: النِّكَاحُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّعْلِيقُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبِرِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّلَاقَ فِي النِّكَاحِ الْمُجَدَّدِ أَفَادَ انْحِلَالَ الْيَمِينِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحِنْثِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ فِعْلَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا حِنْثَ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْمُغْنِي أَيْ وَالْأَسْنَى فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَالْحِنْثُ رَاجِعْهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَ الْفِرَاقِ مَا يُؤَثِّرُ الْوُقُوعَ قَبْلَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ بَانَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ لَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْفَسْخِ فِي صِحَّةِ التَّجْدِيدِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَجْدِيدٌ بَعْدَ طَلَاقٍ ثُمَّ فَسْخٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْوُقُوعِ نَقْصُ الْعَدَدِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَا أَثَرَ لِفِعْلِ النَّاسِي فِي بِرٍّ، وَلَا حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ فِي مَعْنَى النَّاسِي لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ الْيَمِينَ قُلْت مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ سم أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَبَيْنَ قَصْدِ الْيَمِينِ بِأَنْ أَرَادَ بِهِ الْمَنْعَ أَلَا تَرَى تَعْبِيرَهُمْ بِبِرٍّ وَحِنْثٍ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّصْوِيرَ بِالتَّعْلِيقِ الْمُجَرَّدِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: فَكَذَا يُعْتَبَرُ) الضَّمِيرُ لِلصِّفَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّأْنِيثَ

(قَوْلُهُ: وَسَائِرِ مَا مَرَّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ مَا يَسَعُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَلَمْ يَفْعَلْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا إنْ لِمَ تَبِنْ بِالْأُولَى، وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ وَحِينَ أَوْ حَيْثُ أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فِيمَا مَرَّ اهـ

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) إلَى قَوْلِهِ لَا زَمَنًا فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا إلَى وَيُقْبَلُ، وَقَوْلَهُ: عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إلَى وَفَرَّقَ، وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْقِ " مَنْ " الشَّرْطِيَّةُ اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: وَفِي صَنِيعِ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا مَا يُخْرِجُ نَحْوَ مَنْ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى الزَّمَنِ

(قَوْلُهُ: فَوَقَعَ) الْأَنْسَبُ وَفَوَاتُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا قَصَدَ مَنْعَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ سم، وَقَوْلُهُ: مَنْعَهَا لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ حَثَّهَا

(قَوْلُهُ: لِإِكْرَاهٍ) أَيْ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ قُبِلَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِ إنْ وَقْتًا مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا دُيِّنَ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَرَادَ بِلَفْظٍ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ

(قَوْلُهُ: لَا زَمَنًا مَخْصُوصًا) كَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إذَا قَالَ أَرَدْت بِإِذَا لَمْ تَدْخُلِي أَيْ فِي غُرَّةِ رَمَضَانَ وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَفِيهِ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِلْأَوْقَاتِ أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ فَالْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ مِنْ بَعْضِ مَاصَدَقَاتِهَا، وَإِنْ تَجَوَّزَ بِهَا فِي مُلَاحَظَةِ خُصُوصِ التَّعْيِينِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي اسْتِعْمَالِهَا بِمَعْنَى إنْ تَجْرِيدَهَا عَنْ خُصُوصِ الظَّرْفِيَّةِ، وَاسْتِعْمَالَهَا فِي مُطْلَقِ الشَّرْطِيَّةِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ التَّجَوُّزِ، وَفِي إرَادَةِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ ضَرْبٌ آخَرُ مِنْ التَّجَوُّزِ فَمَا الدَّاعِي لِتَجْوِيزِ أَحَدِهِمَا وَمَنْعِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ إخْرَاجٌ لِلَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ الْمُتَبَادَرَةِ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَبَادُرِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ) أَيْ بَيْنَ إرَادَةِ مَعْنَى إنْ وَالزَّمَنِ الْمَخْصُوصِ

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِذَا إلَخْ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَنْ الْمَفْتُوحَةَ) إلَى قَوْلِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَقَعْ لِعَدَمِ الْيَأْسِ فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْحِنْثُ) رَاجِعْهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ قَدْ يُؤَجَّلُ بَعْدَ الْفِرَاقِ مَا يُؤَثِّرُ الْوُقُوعَ قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ جَدَّدَ، وَلَمْ يُطَلِّقْ بَانَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ لَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْفَسْخِ فِي صِحَّةِ التَّجْدِيدِ؛ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَجْدِيدٌ بَعْدَ طَلَاقٍ ثُمَّ فَسْخٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْوُقُوعِ نَقْصُ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ: وَلَا أَثَرَ لِفِعْلِ النَّاسِي فِي بِرٍّ، وَلَا حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ فِي مَعْنَى النَّاسِي لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ الْيَمِينَ قُلْت: مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا قَصَدَ مَنْعَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>