ابْتِدَاءً لِفَقْدِهِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ أَفْطَرَ وَانْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ بِخِلَافِ الشَّبَقِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ إذْ هُوَ شِدَّةُ الْغِلْمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ (أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ) فِي غَيْرِ الْقَتْلِ لِمَا يَأْتِي (بِإِطْعَامٍ) أَيْ تَمْلِيكٍ وَآثَرَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ فَحَسْبُ إذْ لَا يُجْزِئُ حَقِيقَةُ إطْعَامِهِمْ.
وَقِيَاسُ الزَّكَاةِ الِاكْتِفَاءُ بِالدَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكُ، وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ اشْتِرَاطَهُ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِهَا (سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِلْآيَةِ لَا أَقَلَّ حَتَّى لَوْ دَفَعَ لِوَاحِدٍ سِتِّينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ وَوَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهمْ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالتَّفَاوُتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ أَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْ إلَّا مِنْ أَخَذَ مُدًّا لَا دُونَهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ بِأَنَّ الْمُمَلِّكَ ثَمَّ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِهِ التَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُنَا لَا مُمَلِّكَ إلَّا الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِيهِ (أَوْ فَقِيرًا) ؛ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا أَوْ الْبَعْضُ فُقَرَاءَ وَالْبَعْضُ مَسَاكِينَ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَوْ لِمُدٍّ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (لَا كَافِرًا) وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا مُكَفِّيًا بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ وَلَا قِنًّا وَلَوْ لِلْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لَهُ حَقِيقَةٌ (وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا) وَنَحْوَهُمْ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ (سِتِّينَ مُدًّا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي رِوَايَةٍ وَصَحَّ فِي أُخْرَى سِتُّونَ صَاعًا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ الصَّادِقِ بِالنَّدْبِ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ فَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِمَا ذَكَرَ.
وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ هُنَا (مِمَّا) أَيْ مِنْ طَعَامٍ (يَكُونُ فِطْرَةً) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ فِي غَالِبِ السَّنَةِ كَالْأَقِطِ وَلَوْ لِلْبَلَدِيِّ فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ دَقِيقٍ مِمَّا مَرَّ ثَمَّ، نَعَمْ اللَّبَنُ يُجْزِئُ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا فَرْقَ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَفِّرِ هُنَا الْمُخَاطَبُ بِالْكَفَّارَةِ لَا مَأْذُونُهُ أَوْ وَلِيُّهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا الْمُؤَدِّي فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الصَّوْمِ وَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ أَوْ صَوْمٍ بِخِلَافِ بَعْضِ الطَّعَامِ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ إذْ لَا بَدَلَ لَهُ فَيُخْرِجُهُ ثُمَّ الْبَاقِي إذَا أَيْسَرَ.
ــ
[حاشية الشرواني]
الْآتِي وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ لِفَقْدِهِ) أَيْ عُذْرِ غَلَبَةِ الْجُوعِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّبَقِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ شِدَّةُ الْغِلْمَةِ) أَيْ شَهْوَةُ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ الشَّبَقُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ) وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فِيهِ لَيْلًا بِخِلَافِهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لِاسْتِمْرَارِ حُرْمَتِهِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ أَيْ تَمْلِيكٌ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهَا إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ الْإِطْعَامِ. (قَوْلُهُ فَحَسْبُ) أَيْ فَقَطْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إذْ لَا يُجْزِئُ حَقِيقَةُ إطْعَامِهِمْ) أَيْ تَغْدِيَتِهِمْ أَوْ تَعْشِيَتِهِمْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ إلَخْ أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالتَّمْلِيكِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ قَالَ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَدَفْعِ الزَّكَاةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ) أَيْ صُورَةِ أَنْ يَقُولَ خُذُوهُ وَقَوْلِهِ وَتِلْكَ أَيْ صُورَةِ أَنْ يَقُولَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا فَقَبِلُوهُ. (قَوْلُهُ أَوْ الْبَعْضَ فُقَرَاءَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْعَطْفُ عَلَى مِسْكِينًا وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَكْفِي الْبَعْضُ مَسَاكِينَ وَالْبَعْضُ فُقَرَاءَ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَى فَإِنْ عَجَزَ. (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَرْعٌ: لَوْ شَرَعَ الْمُعْسِرُ فِي الصَّوْمِ فَأَيْسَرَ أَوْ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْإِطْعَامِ فَقَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْإِعْتَاقِ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَى الصَّوْمِ فِي الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُدٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْإِمْدَادِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) كَزَوْجَتِهِ وَبَعْضِهِ. (قَوْلُهُ بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ) كَالزَّوْجِ وَالْبَعْضِ. (قَوْلُهُ وَلَا قِنًّا) وَلَوْ مُكَاتَبًا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الْغَيْرُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ سِتِّينَ مُدًّا لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ مُدًّا إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بِالسَّوِيَّةِ اُحْتُسِبَ لَهُ بِثَلَاثِينَ مُدًّا فَيَصْرِفُ ثَلَاثِينَ أُخْرَى إلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَسْتَرِدُّ مِنْ الْبَاقِينَ إنْ كَانَ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ إلَى ثَلَاثِينَ بِحَيْثُ لَا يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ مُدٍّ لَزِمَهُ صَرْفُ ثَلَاثِينَ مُدًّا إلَى ثَلَاثِينَ غَيْرِهِمْ وَيَسْتَرِدُّ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ صَرَفَ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ جَازَ وَإِنْ أَعْطَى رَجُلًا مُدًّا وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ مَثَلًا وَدَفَعَهُ لِآخَرَ وَهَكَذَا إلَى سِتِّينَ أَجْزَأَهُ وَكُرِهَ، وَلَوْ دَفَعَ الطَّعَامَ إلَى الْإِمَامِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ لَمْ يُجْزِهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ) قَدْ يُقَالُ مَا وَجْهُ تَعَذُّرِهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ إلَخْ يَعْنِي لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ فَتَأَمَّلْ اهـ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَلَعَلَّ وَجْهَ تَعَذُّرِ النَّسْخِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ عَلَى مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا فَرْقَ) فَيُجْزِئُ هُنَا أَيْضًا نِهَايَةٌ أَيْ حَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ سِتُّونَ مُدًّا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يَطَأْ الْمُظَاهِرُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةٌ مُلَفَّقَةٌ مِنْ خَصْلَتَيْنِ كَأَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَيَصُومَ شَهْرًا أَوْ يَصُومَ شَهْرًا وَيُطْعِمَ ثَلَاثِينَ فَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ صَامَ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لَهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ أَطْعَمَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ بَعْضَ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ وَلَوْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنْ يُرَادَ بِالْمَرَضِ مَا عَدَا الْهَرَمِ وَأَنْ يُسَمَّى مَرَضًا. (قَوْلُهُ وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ إنْ أَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ) اُنْظُرْ لَوْ أَخَذُوهُ جُمْلَةً هَلْ يَمْلِكُونَ بِهَذَا الْأَخْذِ حَتَّى لَا يَضُرَّ قِسْمَتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّفَاوُتِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُدٍّ) اُنْظُرْ بَعْضَ الْمُدِّ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا فَرْقَ) فَيَجْرِي هُنَا أَيْضًا شَرْحُ م ر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute