أَوْ سَارَ أَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُشْهِدْ وَالتَّعْبِيرُ بِأَعْذَارِ الْجُمُعَةِ هُوَ مَا قَالَهُ شَارِحٌ وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ لِمَا هُنَا بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَعْذَارُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ لَكِنَّا وَجَدْنَا مِنْ أَعْذَارِهِمَا إرَادَةُ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَلَوْ لِلتَّنْظِيفِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا فِي الْجُمُعَةِ وَمِنْ أَعْذَارِهِمَا أَكْلُ كَرِيهٍ وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ عُذْرًا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عُذْرٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْذَارِ
(وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ) كَمَا صَحَّ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ لَاعَنَ عَنْ الْحَمْلِ (وَ) لَهُ (انْتِظَارُ وَضْعِهِ) لِيَعْلَمَ كَوْنَهُ وَلَدًا إذْ مَا يُظَنُّ حَمْلًا قَدْ يَكُونُ نَحْوَ رِيحٍ لَا لِرَجَاءِ مَوْتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ لِيَكْفِيَ اللِّعَانُ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ بَلْ يَلْحَقُهُ لِتَقْصِيرِهِ (وَمَنْ أَخَّرَ) النَّفْيَ (وَقَالَ جَهِلْت الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ) أَمْكَنَ عَادَةً كَأَنْ (كَانَ غَائِبًا) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اسْتَفَاضَتْ وِلَادَتُهَا لَمْ يُصَدَّقْ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْجَهْلَ بِهَا (الْحَاضِرُ) إنْ ادَّعَى ذَلِكَ (فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ) بِهِ (فِيهَا) عَادَةً كَأَنْ بَعُدَ مَحَلُّهُ عَنْهَا وَلَمْ يَسْتَفِضْ عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ بِهِ إذَنْ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ قَوْلُهُ: لَمْ أُصَدِّقْهُ وَإِلَّا قُبِلَ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ قِيلَ لَهُ) وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِلْحَاكِمِ، أَوْ وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ لِعُذْرٍ بِهِ (مُتِّعْت بِوَلَدِك أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا فَقَالَ آمِينَ أَوْ نَعَمْ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ يَشْتَبِهُ بِهِ وَيَدَّعِي إرَادَتَهُ (تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) وَلَحِقَهُ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ مِنْهُ رِضَاهُ بِهِ (وَإِنْ قَالَ) فِي أَحَدِ الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ (جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ بَارَكَ عَلَيْك فَلَا) يَتَعَذَّرُ النَّفْيُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَصَدَ مُجَرَّدَ مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ
(وَلَهُ اللِّعَانُ) لِدَفْعِ حَدٍّ أَوْ نَفْيِ وَلَدٍ (مَعَ إمْكَانِ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا حُجَّةٌ تَامَّةٌ وَظَاهِرُ الْآيَةِ الْمُشْتَرَطُ لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ صَدَّ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ وَكَأَنَّ نَاقِلَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْخِلَافِ فِيهِ لِشُذُوذِهِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ حُجِّيَّةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَيْدُ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ وَسَبَبُ الْآيَةِ كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ فَاقِدًا لِلْبَيِّنَةِ (وَلَهَا) اللِّعَانُ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: أَوْ سَارَ) أَيْ: بِلَا تَأْخِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سَارَ إلَخْ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدْ يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ مَعَ السَّيْرِ وَأَنَّهُ لَا يُغْنِي السَّيْرُ عَنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ أَيْ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: تَشْبِيهِهِمْ) أَيْ: الْأَصْحَابِ، وَقَوْلُهُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَعْذَارُهُمَا أَيْ الْعَيْبُ وَالشُّفْعَةُ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ أَيْ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْخَوْفُ مِنْ الْحُكَّامِ عَلَى أَخْذِ مَالٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ إلَّا بِأَخْذِهِ أَمَّا لَوْ خَافَ مِنْ إعْلَامِهِ جَوْرًا يَحْمِلُهُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ أَوْ قَدْرٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِ مِثْلِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ عُذْرٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَعْذَارِهَا) أَيْ: الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ) أَيْ: أَكْلِ الْكَرِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ عُذْرٌ) أَيْ: أَكْلَ الْكَرِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ تِلْكَ الْأَعْذَارِ) أَيْ: أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّ) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَانَ نَاقِلُهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا لِرَجَاءِ مَوْتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ انْتِظَارِ وَضْعِهِ لِرَجَاءِ مَوْتِهِ، فَلَوْ قَالَ عَلِمْتُهُ وَلَدًا وَأَخَّرْت رَجَاءَ وَضْعِهِ مَيِّتًا فَأُكْفَى اللِّعَانَ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ عِلْمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتِظَارِ وَضْعِهِ الْمُقَدَّرِ بِالْعَطْفِ (قَوْلُهُ: مُدَّعِي الْجَهْلِ بِهَا) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ ادَّعَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْوِلَادَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ: مَحَلِّ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَفِضْ) أَيْ: الْوِلَادَةُ وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ أَنْ يَتَوَلَّدَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ) كَأَنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَمَضَتْ مُدَّةٌ يَبْعُدُ الْخَفَاءُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ بِهِ إذْنٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِالنُّونِ حَتَّى فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: عَدْلٌ رِوَايَةً) أَيْ: وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ امْرَأَةً اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ كَصَبِيٍّ وَفَاسِقٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: قُبِلَ) أَيْ: قَوْلُهُ لَمْ أُصَدِّقْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ وَادَّعَى حَمْلَ التَّهْنِئَةِ وَالتَّأْمِينِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ؛ فَلَهُ نَفْيُهُ إلَّا إنْ كَانَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ الْفَرْقُ حَيْثُ وَجَبَ الْإِشْهَادُ مَعَ سَيْرِ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَجِبْ مَعَ إرْسَالِ الْمُعَلِّمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُجَرَّدُ سَيْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْوَلَدِ فَيَلْحَقُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ إرْسَالِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ مُجَرَّدَ السَّيْرِ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِهِ وَإِرْسَالُ الْمُعَلِّمِ يُنَافِيهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَارَ أَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ، وَلَمْ يُشْهِدْ) يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ مَعَ السَّيْرِ وَأَنَّهُ لَا يُغْنِي السَّيْرُ عَنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَهَلْ لَهُ أَيْ لِلْغَائِبِ التَّأْخِيرُ إلَى رُجُوعٍ بَادَرَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مَعَ الْإِشْهَادِ أَيْ بِأَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ وَجْهَانِ اهـ وَذَكَرَ هُوَ أَنَّ أَصَحَّهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَوَّلُ وَأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ قَالَ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أَخَّرَ الْمُبَادَرَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِنْ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَإِنْ بَادَرَ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمُبَادَرَةُ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُشْهِدْ اهـ وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ فَرْعٌ إذَا أَمْكَنَ الْغَائِبَ السَّفَرُ فَلْيَأْخُذْ فِيهِ عَقِبَ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَيُشْهِدْ أَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ فَإِنْ أَخَّرَ بَطَلَ حَقُّهُ وَإِنْ أَشْهَدَ، وَكَذَا إنْ سَارَ وَلَمْ يُشْهِدْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَأَحَالَ الْإِمَامُ جَمِيعَ ذَلِكَ عَلَى الشَّفَقَةِ وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اهـ.
وَهَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ اجْتِمَاعِ السَّيْرِ وَالْإِشْهَادِ وَأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قِيلَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِالْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ حَالَ ذَهَابِهِ إلَى الْحَاكِمِ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الْإِنْهَاءِ إلَيْهِ وَالْفَرْقُ مُتَيَسِّرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ يُشْهِدُ عَلَى الْفَسْخِ فَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ لِمَا هُنَا بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا ذَهَبَ إلَى الْحَاكِمِ لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ حَالَ ذَهَابِهِ إنْ أَمْكَنَ لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ حَالَ ذَهَابِهِ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابُ لَكِنْ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ هُنَا فِي سَيْرِ الْغَائِبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْإِشْهَادِ وَأَنَّهُ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ عَدَمُ سُقُوطِ الذَّهَابِ عَنْهُ وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ سَقَطَ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ