للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَرَّ فِيمَنْ وَقَفَ بِمَهَبِّ رِيحٍ قَاصِدًا التُّرَابَ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُدَّعَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ النَّقْلِ الْقَصْدُ أَيْ لِوُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِهِ كَمَا يَأْتِي لَا عَكْسُهُ فَلَا يَرِدُ مَا ذُكِرَ فِي الْوُقُوفِ بِمَهَبِّ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْقَصْدِ النَّقْلُ نَعَمْ قَالَ السُّبْكِيُّ إفْرَادُ الْقَصْدِ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرُّكْنِيَّةِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مَدْلُولُ التَّيَمُّمِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْآيَةِ وَالنَّقْلُ لَازِمٌ لَهُ وَيُجَابُ بِمَنْعِ لُزُومِ النَّقْلِ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَا فِي الْمَتْنِ هُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا الْمَلْزُومَ رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ، ثُمَّ اللَّازِمَ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ وَهُوَ الطَّرِيقُ لِذَلِكَ الْمَلْزُومِ (نَقْلُ التُّرَابِ) أَيْ تَحْوِيلُهُ مِنْ نَحْوِ الْأَرْضِ أَوْ الْهَوَاءِ إلَى الْعُضْوِ الْمَسْمُوحِ بِنَفْسِ ذَلِكَ الْعُضْوِ كَأَنْ مَعَكَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِالْأَرْضِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً، إذْ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ هُنَا أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ مَأْذُونِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ كَأَنْ أَخَذَ مَا سَفَتْهُ الرِّيحُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ وَكَأَنْ سَفَتْ عَلَى يَدِهِ أَوْ كُمِّهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ فَمَسَحَ بِهِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ بِهِ لِلْوَجْهِ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَأَفْهَمَ عَدَّ النَّقْلِ رُكْنًا بُطْلَانَهُ بِالْحَدَثِ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ قَبْلَ وُصُولِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ لِوُجُودِ النَّقْلِ حِينَئِذٍ (فَلَوْ نَقَلَ مِنْ وَجْهٍ) إلَيْهِ أَوْ (إلَى يَدٍ) بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ تُرَابِهِ بِالْكُلِّيَّةِ تُرَابٌ آخَرُ فَأَخَذَهُ وَمَسَحَ بِهِ يَدَيْهِ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَقَلَ مِنْ يَدٍ إلَى وَجْهٍ كَذَا مِنْهَا إلَيْهَا (كَفَى فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ حَقِيقَةِ النَّقْلِ، وَلَوْ أَخَذَهُ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ يَدَيْهِ أَوْ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ جَازَ مَسْحُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ عَيْنِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

ــ

[حاشية الشرواني]

مَا مَرَّ فِيمَنْ وَقَفَ إلَخْ) فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَصَدَ وَلَمْ يَنْقُلْ وَقَوْلُهُ لَا عَكْسِهِ أَيْ إنَّ الْقَصْدَ يَلْزَمُ مِنْهُ النَّقْلُ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَبِتَسْلِيمِهِ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ يَظْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَ النَّقْلِ وَنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ زَائِدٌ هُوَ قَصْدٌ بَلْ بِالتَّأَمُّلِ يَظْهَرُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى النَّقْلِ وَالنِّيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ فَتَأَمَّلْ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي صُورَةِ السَّفْيِ لِعَدَمِ وُجُودِ النَّقْلِ فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ وَهُوَ غَيْرُهُمَا قُلْنَا هَذَا لَا يَجِبُ حُصُولُهُ مَعَهُمَا بَلْ مَتَى وُجِدَ نَقْلٌ مُقْتَرِنٌ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ وَحِينَئِذٍ يَشْكُلُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالشَّارِحُ سم. (قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي الْوُقُوفِ بِمَهَبِّ الرِّيحِ. (قَوْلُهُ ذَكَرَ أَوَّلًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ قَصْدُهُ وَ (قَوْلُهُ حُصُولُهُ) الْأَوْلَى قَصْدُهُ. (قَوْلُهُ وَبِتَسْلِيمِهِ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْقَصْدِ الْقَصْدُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَقْصُودِ.

(قَوْلُهُ الْمَلْزُومَ) أَيْ الْقَصْدَ وَ (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ) أَيْ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّيَمُّمِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَصْدُ وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ اللَّازِمَ) أَيْ النَّقْلَ وَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ) أَيْ لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجَدُ أَبَدًا بِخِلَافِ الْقَصْدِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ بِالْعُضْوِ أَوْ إلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ الْقَصْدَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فَهُوَ أَيْضًا مَوْجُودٌ أَبَدًا سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَسْلِيمِ لُزُومِ النَّقْلِ لِلْقَصْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ اللَّازِمِ وُجُودُ الْمَلْزُومِ فَنَبَّهَ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ النَّقْلَ يَسْتَلْزِمُ الْقَصْدَ أَيْضًا فَاللُّزُومُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْبَصْرِيِّ أَيْضًا بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ هَذَا لَا يُنَاسِبُ التَّسْلِيمَ فَتَدَبَّرْهُ اهـ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ الْمَلْزُومِ) أَيْ الْقَصْدِ سم. (قَوْلُهُ أَيْ تَحْوِيلُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ كَفَى فِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا بُدَّ إلَى أَوْ بِغَيْرِهِ وَإِلَى وَثَانِيهَا فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلَ. (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ عَدَّ النَّقْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ إنَّ الْحَدَثَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ يَضُرُّ كَالضَّرْبِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْحَ بِالضَّرْبِ الْمَذْكُورِ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ التَّمَعُّكِ وَالضَّرْبِ بِمَا عَلَى الْكُمِّ أَوْ الْيَدِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ فِي ذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ التُّرَابُ عَلَى يَدَيْهِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ تَجْدِيدِهَا لِبُطْلَانِهَا وَبُطْلَانِ النَّقْلِ الَّذِي قَارَنَتْهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الْإِجْزَاءَ فِي مَسْأَلَةِ التَّمَعُّكِ حَاصِلٌ بِالْأَوْلَى فِيمَا لَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَيْ الْمَسْحُ بِالضَّرْبِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَيْ قُبَيْلَ مَسِّ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ م ر وَبُطْلَانُ النَّقْلِ فَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْهَا إلَّا عِنْدَ مُمَاسَّةِ التُّرَابِ لَمْ يَكْفِ لِانْتِفَاءِ النَّقْلِ اهـ. (قَوْلُهُ بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ. (قَوْلُهُ مِنْهَا إلَيْهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ مِنْ عُضْوٍ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَمَسْحِهِ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ إلَخْ) وَ (قَوْلُهُ جَازَ مَسْحُهُ بِهِ إلَخْ) خَالَفَهُ الْمُغْنِي فِيهِمَا فَقَالَ يُشْتَرَطُ قَصْدُ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مُطَهِّرٍ أَصْلًا وَهُوَ مَعَ مُنَافَرَتِهِ لِقَوْلِهِ فَاخْتَصَّ اسْتِقْلَالُهُ فَتَأَمَّلْهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا مُطَهِّرٌ تَأَثُّرُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ حَتَّى لَوْ جَفَّفَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا فَلَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهِ وَأَيْضًا فَتُرَابُ التَّيَمُّمِ إنَّمَا هُوَ مُبِيحٌ وَتُرَابُ الْمُغَلَّظَةِ مُبِيحٌ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ يَظْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَ النَّقْلِ وَنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ الْمُقْتَرِنِ بِهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ زَائِدٌ هُوَ قَصْدٌ بَلْ بِالتَّأَمُّلِ يَظْهَرُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى النَّقْلِ وَالنِّيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِ فَتَأَمَّلْ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي صُورَةِ السَّفْيِ لِعَدَمِ وُجُودِ النَّقْلِ فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ وَهُوَ غَيْرُهُمَا قُلْنَا هَذَا لَا يَجِبُ حُصُولُهُ مَعَهُمَا بَلْ مَتَى وُجِدَ نَقْلٌ مُقْتَرِنٌ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ كَفَى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَصْدُ حُصُولِ التُّرَابِ وَحِينَئِذٍ يَشْكُلُ مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَبِتَسْلِيمِهِ) لَا يُقَالُ السُّبْكِيُّ جَعَلَ الْقَصْدَ مَلْزُومًا وَالنَّقْلَ لَازِمًا وَالشَّارِحُ عَكَسَ فَكَيْفَ يَكُونُ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ مَبْنِيًّا عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ هَذَا غَلَطٌ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الطَّرِيقُ لِذَلِكَ الْمَلْزُومِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِشَرْحِ الرَّوْضِ وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ أَيْ طَرِيقُ الْقَصْدِ (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّيَمُّمِ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ الْقَصْدُ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجَدُ أَبَدًا بِخِلَافِ الْقَصْدِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ بِالْعُضْوِ أَوْ الْيَدِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ الْقَصْدَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَهُوَ أَيْضًا مَوْجُودٌ أَبَدًا. (قَوْلُهُ الْمَلْزُومَ) أَيْ الْقَصْدَ.

(قَوْله

<<  <  ج: ص:  >  >>