بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ هُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (أَوْ) انْقَطَعَ (لَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (فَكَذَا) تَصْبِرُ لِسِنِّ الْيَأْسِ إنْ لَمْ تَحِضْ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهَا لِرَجَائِهَا الْعَوْدَ كَالْأُولَى وَلِهَذِهِ وَمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ عَشْرَ سَنَةً اسْتِعْجَالُ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ وَزَعْمُ أَنَّ اسْتِعْجَالَ التَّكْلِيفِ مَمْنُوعٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ (تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِيُعْرَفَ فَرَاغُ الرَّحِمِ إذْ هِيَ غَالِبُ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَانْتَصَرَ لَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ عُمَرَ قَضَى بِهِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ مِنْ التِّسْعَةِ عِدَّتُهَا وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ أَيْضًا تَتَرَبَّصُ (أَرْبَعَ سِنِينَ) ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَتَتَيَقَّنُ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ (تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) كَمَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا بِالْوِلَادَةِ مَعَ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا
(فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ) الثَّلَاثَةِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَمْ يَتِمَّ الْبَدَلُ وَيُحْسَبُ مَا مَضَى قُرْءًا قَطْعًا لِاحْتِوَاشِهِ بِدَمَيْنِ (أَوْ) حَاضَتْ (بَعْدَهَا) أَيْ: الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ (فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نَكَحَتْ) زَوْجًا آخَرَ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ ظَاهِرًا وَلَا رِيبَةَ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا (وَإِلَّا) تَكُنْ نَكَحَتْ (فَالْأَقْرَاءُ) تَجِبُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهَا غَيْرُ آيِسَةٍ وَأَنَّهَا مِمَّنْ يَحِضْنَ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْآتِي وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا فَإِذَا صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ فِي حَقِّ امْرَأَةٍ سَبْعِينَ مَثَلًا، ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ غَيْرَهَا مِمَّنْ اعْتَدَدْنَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ الَّذِي هُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ بِالْأَشْهَرِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحْنَ أَعَدْنَ الْعِدَّةَ بِالْأَشْهَرِ بَعْدَ السَّبْعِينَ وَبَانَ أَنَّ الْعِدَّةَ الْأُولَى وَقَعَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا لِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهَا غَيْرُ آيِسَةٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ لِمَا عُلِمَ أَنَّ جَمِيعَ النِّسَاءِ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ صِرْنَ كَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي إعْطَائِهِنَّ حُكْمَ ذَاتِ الدَّمِ كَمَا ذُكِرَ أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْكِحْنَ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِنَّ بِهَذَا الَّذِي ثَبَتَ لِنَظِيرِ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ إلَخْ نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ هُنَا فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي بُلُوغِ ذَلِكَ لَهُنَّ
ــ
[حاشية الشرواني]
النَّفَقَةَ مِثْلُ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْعِدَّةِ، وَقَدْ قُلْنَا بِبَقَائِهَا وَطَرِيقُ الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَقِيَّةَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِضْرَابَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ إلَّا بِمَضْمُونِهِ إذْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ حُجَّةً إلَّا إنْ سَكَتَ عَلَيْهِ الْبَاقُونَ بِشَرْطِهِ فَيَكُونُ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذِهِ) أَيْ: لِمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ أَوْ لَا وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُفِيدُ إرْجَاعَ الْإِشَارَةِ إلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذِهِ وَمَنْ لَمْ تَحِضْ إلَخْ) أَفْهَمَ تَخْصِيصُ جَوَازِ الِاسْتِعْجَالِ بِهَاتَيْنِ حُرْمَةَ اسْتِعْجَالِ الْحَيْضِ عَلَى غَيْرِهِمَا كَمَنْ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ مَثَلًا مَرَّةً فَأَرَادَتْ اسْتِعْجَالَ الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ لِتَنْقَضِي عِدَّتَهَا فِيمَا دُونَ الْأَقْرَاءِ الْمُعْتَادَةِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ اسْتِعْجَالَ التَّكْلِيفِ مَمْنُوعٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَنَّ زَعْمَ ذَلِكَ اسْتِعْجَالٌ لِلتَّكْلِيفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ، ثُمَّ تَعْتَدُّ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ) أَيْ: التِّسْعَةُ أَشْهُرٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا) فَهُوَ فَاعِلُ تَعْتَدُّ اهـ سم (قَوْلُهُ: طَلَاقُهَا) بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلٍ لِلْمُعَلَّقِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى الْجَدِيدِ) وَهُوَ التَّرَبُّصُ لِسِنِّ الْيَأْسِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجْرِي أَيْضًا فِيمَا إذَا انْقَطَعَ لِعِلَّةٍ اهـ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) وَلَوْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ، ثُمَّ انْقَطَعَ حَيْضُهَا اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ ذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ فَصْلِ لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِئْنَافِ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ أَوْ قُرْأَيْنِ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا حَيْضٌ أَيْضًا وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُحْسَبُ مَا مَضَى قُرْءًا وَعَلَيْهِ فَقَدْ تَمَّتْ الْعِدَّةُ بِهَذَيْنِ الْقُرْأَيْنِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ هُنَا بِالْقُرْءِ الْحَيْضَ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ نُكِحَتْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: زَوْجًا آخَرَ) أَيْ: مِنْ زَوْجٍ غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَصَحَّ النِّكَاحُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: فِي التَّنْبِيهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ) أَيْ: قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ نَكَحَتْ فَلَا شَيْءَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا أَيْ فِيمَنْ صَدَقَتْ عَلَيْهَا غَيْرُهَا الْآتِي، وَقَوْلُهُ: أَعْلَى الْيَأْسِ أَيْ تَمَامُهُ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ بَلَغَ ذَلِكَ أَيْ خَبَرُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالْأَشْهُرِ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَدَدْنَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ إلَخْ) جَوَابٌ فَإِذَا صَارَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ بُلُوغُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّبْعِينَ) أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ لِمَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ الْأُولَى، وَقَوْلُهُ: عُلِمَ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْكِحْنَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَبْلَ أَنْ يَنْكِحْنَ (قَوْلُهُ: بِهَذَا الَّذِي ثَبَتَ) أَيْ بِالْحُكْمِ الَّذِي ثَبَتَ لِذَاتِ الدَّمِ (قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: تُعْرَفُ) أَيْ: وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ إلَّا لِعِلَّةٍ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا) هُوَ فَاعِلُ تَعْتَدُّ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَيْضًا يَجْرِي فِيمَا إذَا انْقَطَعَ لِعِلَّةٍ (قَوْلُهُ: لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) لَا يُقَالُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلْآيِسَةِ تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ وَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ إلَّا بَعْدَهُ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) ، فَلَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا إذَا أَيِسَتْ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ قَبْلَ تَمَامِهَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ حَاضَتْ أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ بَعْدَ الْيَأْسِ قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ، ثُمَّ انْقَطَعَ أَيْ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا اهـ لَكِنْ اعْتَرَضَ فِي شَرْحِهِ قَوْلَهُ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ إلَخْ فَقَالَ وَهَذَا التَّنْظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute