مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ فَلَا عِبْرَةَ بِظَرْفِهِ كَلَبَنِ حَيَّةٍ فِي سِقَاءٍ نَجَسٍ نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً تَقْرِيبًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ وَلَوْ بِكْرًا خَلِيَّةً دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرَّمُ فَرْعُهَا
(وَلَوْ حَلَبَتْ) لَبَنَهَا الْمُحَرَّمَ وَهُوَ الْخَامِسُ أَوْ خَمْسُ دُفُعَاتٍ أَوْ حَلَبَهُ غَيْرُهَا أَوْ نَزَلَ مِنْهَا بِلَا حَلْبٍ ثُمَّ مَاتَتْ (فَأُوجِرَ) طِفْلٌ مَرَّةً فِي الْأُولَى وَخَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الثَّانِيَةِ (بَعْدَ مَوْتِهَا حُرِّمَ) بِالتَّشْدِيدِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهِيَ غَيْرُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ (وَلَوْ جُبْنٌ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ ذَلِكَ الْجُبْنَ أَوْ الزُّبْدَ أَوْ سَقَاهُ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الزُّبْدَ (حَرُمَ) لِحُصُولِ التَّغَذِّي (تَنْبِيهٌ)
قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ الَّذِي تَبِعْت فِيهِ غَيْرِي حَيْثُ عُمِّمَ فِي الْمَطْعُومِ وَخُصِّصَ الْمَسْقِيُّ بِمَا نُزِعَ زُبْدُهُ أَنَّ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الْجُبْنُ وَهُوَ الْمُسَمَّى عَلَى السُّنَّةِ الْعَامَّةِ بِالْمَصْلِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَصْلَ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ مَاءُ الْأَقِطِ بَعْدَ غَلَيَانِهِ وَعَصْرِهِ عَلَى أَحَدِ تَفْسِيرَيْهِ فِي الرِّبَا لَا يَحْرُمُ هُنَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ انْسَلَخَ عَنْهُ اسْمُ اللَّبَنِ وَصِفَاتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمَنْزُوعِ مِنْهُ الزُّبْدُ لِبَقَائِهِمَا فِيهِ وَعَجِيبٌ أَنَّ الرَّوْضَةَ وَفُرُوعَهَا وَغَيْرَهُنَّ فِيمَا عَلِمْت لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَنْزُوعِ مِنْهُ زُبْدٌ وَلَا جُبْنٌ وَلَا يُقَاسُ مَا هُنَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَالرِّبَا لِاخْتِلَافِ الْمَلْحَظِ فِيهِنَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ
(وَلَوْ خُلِطَ) اللَّبَنُ (بِمَائِعٍ) أَوْ جَامِدٍ (حَرُمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمَائِعُ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِأَنْ زَالَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ فِيمَا يَأْتِي وَالْحَالُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ خَمْسُ دُفُعَاتٍ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقْرَاءٍ لَكِنْ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ خِلَافَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِلَبَنِهَا اهـ وَكَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَسَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْله مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ إلَخْ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إبَاحَةُ شَيْءٍ لَهَا وَلَا تَحْرِيمُ شَيْءٍ عَلَيْهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْخِطَابِ كَالْبَهِيمَةِ سم وع ش (قَوْلُهُ كَلَبَنِ حَيَّةٍ) أَيْ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ (قَوْلُهُ فِي سِقَاءٍ نَجَسٍ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْآدَمِيِّ بِالْمَوْتِ مُغْنِي وَسَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً إلَخْ) أَيْ نِكَاحُ نَحْوِ فَرْعِ مَنْ تَحْرُمُ مُنَاكَحَتُهَا بِتَقْدِيرِ الرَّضَاعِ مِنْهَا حَيَّةٌ (فَرْعٌ)
لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَقِيَاسُ تَفْصِيلُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا يُقَالُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ بَلْ الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ وَمِثْلُهُ فِي التَّحْرِيمِ مَا لَوْ اُسْتُؤْصِلَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ أَصْلِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ. . . إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرّ نَقْصُهَا عَنْ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا ع ش أَيْ بِأَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ) فَإِنْ انْفَصَلَ مِنْهَا اللَّبَنُ قَبْلَ التِّسْعِ بِمَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَلَمْ يُؤَثِّرْ اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ أَوْ خَمْسُ دُفُعَاتٍ) عُطِفَ عَلَى لَبَنِهَا الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ حَلْبُ الْخَامِسَةِ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ حَلْبُ خَمْسِ دُفُعَاتٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ جُبْنٌ) أَيْ أَوْ جُعِلَ مِنْهُ أَقِطٌ أَوْ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الْجُبْنَ) وَمِثْلُهُ الْقِشْطَةُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ الزَّبَدَ) أَيْ أَوْ السَّمْنَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى عِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ يَشْمَلُ السَّمْنَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ انْتَهَتْ اهـ ع ش (قَوْله قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ) أَيْ قَوْلُهُ وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى إلَخْ) وَيُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِالْمِشِّ الْحَصِيرِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ هُنَا) مُعْتَمَدٌ سم وع ش وَشَيْخُنَا وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ لَفْظَةِ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَا جُبْنٌ) أَيْ وَلَا الْمَنْزُوعُ مِنْهُ جُبْنٌ
(قَوْلُ الْمَتْنِ بِمَائِعٍ) طَاهِرٍ كَمَاءٍ أَوْ نَجَسٍ كَخَمْرٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ جَامِدٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ تَحَقَّقَ إلَى قَوْلِهِ بَقِيَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ حُكِيَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ فِدْيَةٍ إلَى وَعَدَمُ تَأْثِيرِ الْبَعْضِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ إلَى وَلَوْ اخْتَلَطَ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ غَلَبَ) أَيْ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ الْمَائِعُ) هَلَّا قَالَ أَوْ الْجَامِدُ اهـ سم (قَوْلُهُ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِظُهُورِ اللَّوْنِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ كَمَا فِي الْمِيَاهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي حِسًّا وَتَقْدِيرًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَايَلَتْ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضُ) لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِ اللَّبَنِ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ خَمْسُ دُفُعَاتٍ لَوْ انْفَرَدَ مُغْنِي وَرُشَيْدِيٌّ أَيْ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ إلَخْ) إذْ الْمَغْلُوبُ كَالْعَدَمِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ غَلَبَ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ غَلَبَ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ وَحُكْمُهُ يُؤْخَذُ مِنْ الثَّانِيَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ) أَيْ اللَّبَنُ لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الْخَلِيطِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ خَمْسُ دُفُعَاتٍ) أَيْ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةُ رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ خَمْسُ دُفُعَاتٍ) أَيْ وَانْفَصَلَ فِي خَمْسِ دُفُعَاتٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ دُفُعَاتٍ اهـ ع ش هَذَا عَلَى مُخْتَارِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالزِّيَادِيُّ مِنْ اعْتِبَارِ تَعْدَادِ انْفِصَالِ اللَّبَنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَاهُ)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ) كَانَ الْمُرَادُ عَنْ الْحِلِّ لَهَا وَالْحُرْمَةِ عَلَيْهَا أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِلُّ شَيْءٍ وَلَا حُرْمَتُهُ لِخُرُوجِهَا عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْخِطَابِ كَالْبَهِيمَةِ
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يَضُرُّ فِي التَّحْرِيمِ غَلَبَةُ الرِّيقِ لِقَطْرَةِ اللَّبَنِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْفَمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالرُّطُوبَاتِ فِي الْمَعِدَةِ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِابْنِ النَّقِيبِ وَقَعَتْ قَطْرَةُ لَبَنٍ فِي فَمِ صَبِيٍّ وَاخْتَلَطَتْ بِرِيقِهِ ثُمَّ وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِهِ غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَالثَّانِي يَحْرُمُ قَطَعَا انْتَهَى. وَأَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَ جَمِيعَ الرِّيقِ الَّذِي اخْتَلَطَتْ بِهِ الْقَطْرَةُ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَثَّرَ وَحُسِبَ رَضْعَةً وَلَا كَلَامَ أَوْ دُفُعَاتٍ جَاءَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ الْمَائِعُ) هَلَّا قَالَ أَوْ الْجَامِدُ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ إلَّا دُفْعَةٌ وَشَرِبَ الْكُلَّ وَكَانَ هُوَ الْخَامِسَةُ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا فَتَأَمَّلْهُ