مُعَاوَضَةً فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَقَالَ (عَلَى مُوسِرٍ) حُرٍّ كُلُّهُ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ أَمَةً وَكَافِرَةً وَمَرِيضَةً (كُلَّ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ أَيْ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَى الْفَجْرِ دُونَ مَا مَضَى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْفَجْرِ دَائِمًا.
وَمَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِسْطُ مُطْلَقًا ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ مَا قَدْ يُوَافِقُهُ (مُدَّا طَعَامٍ وَمُعْسِرٍ) وَمِنْهُ كَسُوبٌ وَإِنْ قَدَّرَ زَمَنَ كَسْبِهِ عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ، وَمُكَاتَبٌ وَإِنْ أَيْسَرَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَذَا مُبَعَّضٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِنَقْصِهِ وَإِنَّمَا جُعِلَ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّغْلِيظِ أَيْ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ فِيهَا يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ احْتِيَاطًا لَهُ لِشِدَّةِ لُصُوقِهِ وَصِلَةً لِرَحِمِهِ (مُدٌّ وَمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَنِصْفٌ) وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلًّا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ كَكَفَّارَةٍ نَحْوِ الْحَلْقِ فِي النُّسُكِ وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَهُوَ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الرَّغِيبُ فَلَزِمَ الْمُوسِرُ الْأَكْثَرَ وَالْمُعْسِرُ الْأَقَلَّ وَالْمُتَوَسِّطُ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ شَرَفُ الْمَرْأَةِ وَضِدُّهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَلَا الْكِفَايَةُ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَرِيضَةِ وَالشَّبْعَانَةِ نَعَمْ الظَّاهِرُ خَبَرُ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا فِيهِ بِالْكِفَايَةِ فَقَطْ بَلْ بِهَا بِحَسَبِ الْمَعْرُوفِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ.
وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ فُتِحَ بَابُ الْكِفَايَةِ لِلنِّسَاءِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِوُقُوعِ التَّنَازُعِ لَا إلَى غَايَةٍ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ اللَّائِقُ بِالْعُرْفِ الشَّاهِدُ لَهُ تَصَرُّفُ الشَّارِعِ كَمَا تَقَرَّرَ فَاتَّضَحَ مَا قَالُوهُ وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَلَفًا فِي التَّقْدِيرِ بِالْإِمْدَادِ وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت الصَّوَابُ إنَّهَا بِالْمَعْرُوفِ تَأَسِّيًا وَاتِّبَاعًا وَمِمَّا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهَا فِي مُقَابَلَةٍ وَهِيَ تَقْضِي التَّقْدِيرَ فَتَعَيَّنَ وَأَمَّا تَعَيَّنَ الْحَبُّ فَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُقَابِلٍ وَتَفَاوَتُوا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ مُتَفَاوِتِينَ فِيهِ فَأَلْحَقْنَا مَا هُنَا بِذَلِكَ فِي أَصْلِ التَّقْدِيرِ وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُهُ تَعَيَّنَ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى يُوجِبُ التَّفَاوُتَ وَهُوَ مَا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْهُ (وَالْمُدُّ)
ــ
[حاشية الشرواني]
اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُعَاوَضَةً) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حُرٍّ) بِالْجَرِّ نَعْتُ مُوسِرٍ وَقَوْلُهُ كُلُّهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ حُرٍّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ وَمُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ مُوسِرٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ أَيْ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِهِ (قَوْلُهُ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ) أَيْ النَّفَقَةُ أَيْ وُجُوبُهَا (قَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ مَكَّنَتْهُ لَيْلًا فَقَطْ مَثَلًا أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْمُعْسِرِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَسُوبٌ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُعْسِر فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا مَالَ بِيَدِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ اكْتَسَبَ حَصَلَ مَالًا كَثِيرًا وَمُوسِرٌ حَيْثُ اكْتَسَبَهُ وَصَارَ بِيَدِهِ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. ع ش وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ إلَخْ) فَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ بِالْكَسْبِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ) أَيْ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِالْكَسْبِ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٌ) عُطِفَ عَلَى كَسُوبٍ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ) أَيْ الْمُبَعَّضُ (قَوْلُهُ يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَيَرْجِعُ إلَى الصَّوْمِ رَشِيدِيٌّ وَلَا يَصْرِفُ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) فَإِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) عَطْفٌ عَلَى فِي الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ وَصِلَةً لِرَحِمِهِ عَطْفٌ عَلَى احْتِيَاطًا اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ) أَيْ نَسَبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) أَيْ إلَى آخِرِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُدُّ (قَوْلُهُ الزَّهِيدُ) أَيْ قَلِيلُ الْأَكْلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْمُتَوَسِّطُ مَا بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لَوْ أَلْزَمَ الْمَدِينَ لَضَرَّهُ وَلَوْ اكْتَفَى مِنْهُ بِمُدٍّ لِضَرِّهَا فَلَزِمَهُ مُدٌّ وَنِصْفٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالنَّفَقَةِ قِلَّةً وَكَثْرَةً (قَوْلُهُ وَلَا الْكِفَايَةُ) عَطْفٌ عَلَى (شَرَفُ الْمَرْأَةِ) (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ لِلْمَرِيضَةِ إلَخْ أَيْ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ بِالْكِفَايَةِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَسَقَطَتْ نَفَقَتُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَا بَطَلَتْ الْكِفَايَةُ حَسُنَ تَقْرِيبُهَا مِنْ الْكَفَّارَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَنْ الْخَبَرِ) أَيْ الْمَارِّ آنِفًا (قَوْلُهُ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ إلَخْ) وَإِنَّمَا نَظَرَ إلَيْهِ هُنَا لَا فِي جَانِبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ يُحْتَرَزُ فِيهَا عَنْ النِّزَاعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. اهـ سم.
(قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ بَلْ بِهَا بِحَسَبِ الْمَعْرُوفِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِالْكِفَايَةِ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَذْرَعِيِّ أَيْضًا أَيْ مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةٍ) أَيْ لِشَيْءٍ وَهُوَ التَّمَتُّعُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ شَبَهًا) كَانَ هَذَا فِي أَصْلِ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالضَّارِبِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَتَفَاوَتُوا إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ إلَخْ أَوْ قَوْلُهُ وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَوِي النُّسُكِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ إلَخْ) مَا الْمُرَاد بِالْقِسْطِ (قَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ وَمِنْهُ كَسُوبٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْمَالِ بِالْكَسْبِ فَإِنْ جُعِلَ حَالًا مِنْهُ نَظَرَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ إلَخْ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُعْسِرًا وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) عُطِفَ عَلَى فِي الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ وَصْلَةً لِرَحِمِهِ عُطِفَ عَلَى احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) أَيْ إلَخْ (قَوْلُهُ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ نَظَرَ لِهَذَا نَظَرَ إلَيْهِ فِي جَانِبِ الْقَرِيبِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ هُنَا لَا ثُمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى مُعْتَبَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute