بِالْفَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لِمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَكْفِي قَوْلُهُ: فَرَضْت، أَوْ قَدَّرْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ، وَغِنَى الْأَصْلِ (أَوْ إذْنِهِ) وَلَوْ لِلْمَمُونِ إنْ تَأَهَّلَ (فِي اقْتِرَاضٍ) بِالْقَافِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الِاقْتِرَاضُ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ قِيلَ: فَعَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَتْنِ لَفْظِيٌّ؛ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ فَالْوَاجِبُ قَضَاءُ دَيْنِهِ لَا النَّفَقَةُ انْتَهَى وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ عَلَيْهِ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ صَارَ كَأَنَّهُ نَائِبُهُ فَالدَّيْنُ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا بِأَحَدِ هَذَيْنِ إنْ كَانَ (لِغَيْبَةٍ) لِلْمُنْفِقِ (أَوْ مَنْعٍ) صَدَرَ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا لِتَأَكُّدِهَا بِفَرْضِهِ، أَوْ إذْنِهِ، وَنَازَعَ كَثِيرُونَ الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِكَ وَأَطَالُوا بِمَا رَدَدْته عَلَيْهِمْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ حَمْلَ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا قَدَّرَهَا وَأَذِنَ لِآخَرَ فِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقَرِيبِ مَا قَدَّرَهُ.
فَإِذَا أَنْفَقَ صَارَتْ حِينَئِذٍ دَيْنًا قَالَ، وَهَذَا غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ انْتَهَى، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الِاقْتِرَاضِ؛ لِأَنَّ إنْفَاقَ مَأْذُونِهِ إنَّمَا يَقَعُ قَرْضًا لِمَنْ الْقَاضِي نَابَ عَنْهُ وَهُوَ الْغَائِبُ، أَوْ الْمُمْتَنِعُ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَذِنَ فِي الِاقْتِرَاضِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَكَيْفَ تُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الثَّانِيَةِ مَعَ مُغَايَرَةِ الشَّيْخَيْنِ بَيْنَهُمَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِاقْتِرَاضِ الْقَاضِي، أَوْ نَائِبِهِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ فُقِدَ الْقَاضِي وَغَابَ الْمُنْفِقُ، أَوْ امْتَنَعَ وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ، أَوْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهِ حَالًا فَاسْتَقْرَضَتْ الْأُمُّ وَأَنْفَقَتْ، أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ غَيْرَ وَصِيَّةٍ رَجَعَتْ عَلَيْهِ إنْ أَشْهَدَتْ وَقَصَدَتْ الرُّجُوعَ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى حَصْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَافِيٌّ أَيْ: لَا يَصِيرُ دَيْنًا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي إلَّا بِفَرْضِهِ إلَخْ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَكْفِي قَصْدُهُ وَحْدَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ لِمَا مَرَّ آخِرَ الْمُسَاقَاةِ مَعَ آخِرِ الْإِجَارَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ مِثْلُهَا كُلُّ مُنْفِقٍ، وَالتَّقْيِيدُ بِفَقْدِ الْقَاضِي هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ فِي هَرَبِ الْجَمَّالِ وَغَيْرِهِ.
وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا فَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: يَكْفِي قَصْدُ الرُّجُوعِ وَالْإِشْهَادِ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ إلَخْ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: بِالْفَاءِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْقَرْضِ بِالْقَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي) أَيْ: فِي صَيْرُورَتِهَا دَيْنًا، وَقَوْلُهُ: قَوْلُهُ: فُرِضَتْ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ بِالْفِعْلِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ: قَدَّرْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا بِذَلِكَ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ خَصَّ الْمَسْأَلَةَ بِنَفَقَةِ الْفَرْعِ؟ اهـ.
سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَكِنْ، ثُمَّ اُنْظُرْ لِمَ نَصَّ عَلَى ثُبُوتِ احْتِيَاجِ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ دُونَ عَكْسِهِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ إلَخْ) لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الْغَايَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ تَقْيِيدًا لِلْمَتْنِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ) أَيْ: بِالْفِعْلِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: قِيلَ فَعَلَيْهِ) أَيْ: ذَلِكَ الْبَحْثِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ) أَيْ: الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: قَضَاءُ دَيْنِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنَّمَا هُوَ وَفَاءُ الدَّيْنِ وَلَا يُسَمَّى هَذَا الْوَفَاءُ نَفَقَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: قَضَاءُ دَيْنِهِ) أَيْ: الْمُسْتَقْرِضِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ سم رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهِ أَيْ: الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: نَائِبُهُ) أَيْ: الْمُنْفِقِ (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ هَذَيْنِ) أَيْ: فَرْضِ الْقَاضِي، أَوْ إذْنِهِ فِي الِاقْتِرَاضِ اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ) كَشَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اهـ.
سم أَيْ: وَوَافَقَهُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: حُمِلَ كَلَامُهُمَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْضِ بِالْفَاءِ اهـ. .
سم (قَوْلُهُ: صَارَتْ حِينَئِذٍ دَيْنًا) أَيْ: فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ، أَوْ الْمُمْتَنِعِ اهـ. .
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: ذَلِكَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: فَرْضُ الْقَاضِي غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ أَيْ: الثَّانِيَةِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَأْذُونِهِ) أَيْ: الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ تُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الثَّانِيَةِ؟) أُجِيبُ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْأُولَى إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ، وَالثَّانِيَةَ إذْنٌ فِي الِاقْتِرَاضِ، وَالْإِقْرَاضُ غَيْرُ الِاقْتِرَاضِ فَلَيْسَتْ الْأُولَى مِنْ مَاصَدَقَاتِ الثَّانِيَةِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ اهـ.
سم، وَالْمُجِيبُ هُوَ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ) إلَى قَوْلِهِ: وَالتَّقْيِيدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا تُرَدُّ إلَى وَلَا يَكْفِي وَقَوْلَهُ: لِمَا مَرَّ إلَى وَيَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ إلَخْ) وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا إنْ عَجَزَ عَنْ الْحَاكِمِ وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَخْذُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ فَرْعِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ لَهَا إلَّا بِالْحَاكِمِ كَفَرْعٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ جِنْسُ مَا يَجِبُ لَهُ كَالْخُبْزِ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِهِ وَإِنْ وُجِدَ الْحَاكِمُ وَكَذَا يُقَال: فِي الْأُمِّ، وَالْفَرْعِ الْآتِيَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَى ابْنِهَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ اهـ.
عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ إنْ وَجَدَ جِنْسَهَا وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي الْأَصَحِّ وَيَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ كَجَدِّ الطِّفْلِ الْمُحْتَاجِ وَأَبُوهُ غَائِبٌ مَثَلًا وَلِلْأَبِ، وَالْجَدِّ أَخْذُ النَّفَقَةِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ إلَخْ) إنْ كَانَ كَالتَّفْسِيرِ، وَالتَّوْضِيحِ لِسَابِقِهِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ كَانَ قَيْدًا آخَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ مُحْتَرَزُهُ اهـ.
سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُنْفِقِ (قَوْلُهُ: إنْ أَشْهَدَتْ وَقَصَدَتْ الرُّجُوعَ) أَيْ: وَإِلَّا فَلَا اهـ.
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَكِنْ بِإِتْلَافِهِ يَضْمَنُهَا. اهـ. وَزَادَ فِي شَرْحِهِ عَقِبَ أَتْلَفَهَا عَبَثًا، أَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ بِخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: احْتِيَاجُ الْفَرْعِ) اُنْظُرْ لِمَ خَصَّ الْمَسْأَلَةَ بِنَفَقَةِ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَنَّهَا إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ م ر ش (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلِ: أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ هَذَا الْقِيلِ لَا تُنَافِي أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ كَأَنَّهُ نَائِبٌ، وَأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُنْفِقِ، وَالثَّانِي: أَنَّ حَاصِلَ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّ مَعْنَى صَيْرُورَةِ النَّفَقَةِ دَيْنًا أَنْ يَلْزَمَ ذِمَّةَ الْمُنْفِقِ نَفَقَةٌ أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ تُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى بَعْضِ مَاصَدَقَاتِ الثَّانِيَةِ مَعَ مُغَايَرَةِ الشَّيْخَيْنِ بَيْنَهُمَا) أُجِيبُ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْأُولَى إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ، وَالثَّانِيَةَ