أَمْرَأُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهَا فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَهَا إنْ أَرْضَعَتْهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ وَحِينَئِذٍ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِيمَنْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا رَضِيَتْ بِهِ، وَأَمَّا مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَتَسْتَحِقُّ جَزْمًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا سَلَامَةُ الْحَاضِنَةِ مِنْ أَلَمٍ مُشْغِلٍ كَفَالِجٍ، أَوْ مُؤَثِّر فِي عُسْرِ الْحَرَكَةِ فِي حَقِّ مَنْ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ وَيُبَاشِرُهُ غَيْرُهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَمِنْ عَمًى عِنْدَ جَمْعٍ، وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ وَالْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ آخَرُونَ أَنَّهَا إذَا احْتَاجَتْ لِلْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهَا فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَمَنْ تَغْفُلُ كَمَا فِي الشَّافِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمِنْ سَفَهٍ أَيْ: إنْ صَحِبَهُ حَجْرٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ إنْ خَالَطَتْهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ لِمَا يَخْشَى مِنْ الْعَدْوَى وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُورِدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ» وَمَعْنَى لَا عَدْوَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُؤَثِّرَةً بِذَاتِهَا وَإِنَّمَا يَخْلُقُ اللَّهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ كَثِيرًا.
(فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ) كَأَنْ عَتَقَتْ أَوْ أَفَاقَتْ، أَوْ أَسْلَمَتْ، أَوْ رَشَدَتْ (أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ) وَلَوْ رَجْعِيًّا (حَضَنَتْ) حَالًا وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ إنْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ ذُو الْبَيْتِ بِدُخُولِ الْوَلَدِ لَهُ وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَ لِمَنْ يَلِيهَا فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا.
(فَإِنْ غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ فَ) الْحَضَانَةُ (لِلْجَدَّةِ) أُمِّ الْأُمِّ (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ، أَوْ جُنَّتْ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأُمَّ لَا تُجْبَرُ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَلْزَمْهَا نَفَقَتُهُ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ، وَمِثْلُهَا كُلُّ أَصْلٍ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ وَمِنْهُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْكِفَايَةُ. الْإِخْدَامُ بِنَحْوِ شِرَاءِ خَادِمٍ، أَوْ اسْتِئْجَارِهِ لِمَنْ يُخْدَمُ مِثْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ الْمُسْتَحِقَّةَ لِلْحَضَانَةِ إذَا لَمْ يَلْزَمْهَا إنْفَاقُهُ أَنْ تَخْدُمَهُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يَخْدُمُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْإِخْدَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِنْفَاقِ اللَّازِمِ لِغَيْرِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يَخْدُمُ وَلَدَهُ، وَمَنْ اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةَ فَحَضَنَتْ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِغَيْبَةِ الْمُنْفِقِ أَوْ امْتِنَاعِهِ، وَمَعَ فَقْدِ الْقَاضِي رَجَعَتْ بِأُجْرَتِهَا، وَإِلَّا فَلَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ الرُّجُوعَ وَلَمِنْ أَطْلَقَ عَدَمَهُ.
(تَنْبِيهٌ) قَامَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَانِعٌ مِنْ الْحَضَانَةِ رُجِعَ فِي أَمْرِهَا لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضَعُهُ عِنْدَ الْأَصْلَحِ مِنْهُنَّ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا لَمْ يَمْنَعُوهُنَّ يَكُنَّ بَاقِيَاتٍ عَلَى حَقِّهِنَّ فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَاحِدَةً فَقَطْ فَهِيَ الْأَحَقُّ، وَإِنْ بَعُدَتْ، أَوْ زَوْجَا ثِنْتَيْنِ قُدِّمَتْ قُرْبَاهُمَا
ــ
[حاشية الشرواني]
يَأْتِي هُنَا) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْحَضَانَةِ إذْ مَسْأَلَةُ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا هُنَا وَحِينَئِذٍ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ، أَوْ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ، أَوْ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَهُنَاكَ مَنْ يُرْضِي بِأَقَلَّ تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا اهـ.
رَشِيدِيٌّ وَمَرَّ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ: قُبَيْلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ) أَيْ: أَجْنَبِيَّةٍ وَقَوْلُهُ: بِدُونِ مَا رَضِيَتْ أَيْ: الْأُمُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ إلَخْ) أَيْ: فِي شَرْحِ وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ إلَخْ، وَقَوْلِهِ: مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ إلَخْ قَدْ مَرَّ هُنَاكَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: الْإِتْيَانِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: سَوَاءٌ إلَى وَمَنْ تَغَفَّلَ، وَقَوْلَهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَى وَمِنْ سَفَهٍ، وَقَوْلَهُ: أَيْ: إنْ صَحِبَهُ حَجْرٌ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَتَسْتَحِقُّ جَزْمًا) أَيْ: الْحَضَانَةَ (قَوْلُهُ: سَلَامَةُ الْحَاضِنَةِ إلَخْ) وَأَنْ لَا تَكُونَ صَغِيرَةً مَنْهَجٌ وَمُغْنِي، ثُمَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ التَّاءِ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَفَالِجٍ) وَسُلٍّ اهـ.:
مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ يُبَاشِرُهَا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيَشْتَرِطُ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ هَذَا أَيْ: اشْتِرَاطُ السَّلَامَةِ عَمَّا ذُكِرَ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَمِيَ) ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ تَغَفُّلٍ وَمِنْ سَفَهٍ، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ جُذَامٍ إلَخْ كُلٌّ مِنْهَا عَطْفٌ عَلَى مِنْ أَلَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلَمْ تَجِدْ إلَخْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَثَّرَ) أَيْ: الْعَمَى اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي اشْتِرَاطِ سَلَامَةِ الْحَاضِنَةِ عَمَّا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ: الْكَبِيرُ إلَخْ أَيْ: الْمَحْضُونُ الْكَبِيرُ إلَخْ اهـ.
كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) أَيْ مَحْضُونٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ (قَوْلُهُ: لَا يُورَدُ إلَخْ) أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: ذُو عَاهَةٍ) عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ إذْ الْمَوْرِدُ لَيْسَ صَاحِبَ عَاهَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُ ذَاتِ الْعَاهَةِ اهـ.
رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَيْسَتْ إلَخْ) خَبَرٌ وَمَعْنًى إلَخْ، وَالضَّمِيرُ لِلدَّاءِ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ عَتَقَتْ) إلَى قَوْلِهِ: وَمِثْلُهَا فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ رَشَدَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ رَشَدَتْ) أَيْ: أَوْ تَابَتْ فَاسِقَةٌ اهـ. .
مُغْنِي (قَوْلُهُ: ذُو الْبَيْتِ) أَيْ: بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ فَتَسْتَحِقُّهَا مُطْلَقًا اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّهَا) أَيْ: وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَزِمَهَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ الْمَحْضُونِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَلَا أَبٌ مُوسِرٌ أُجْبِرَتْ أَيْ: الْأُمُّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ كَالْأَبِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ: الْإِخْدَامُ، وَالضَّمِيرُ لِلْإِنْفَاقِ، وَقَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ إلَخْ عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَعْضِ مَعْلُولِهَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَخْدُمَهُ) فَاعِلُ وَلَا يَلْزَمُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) تَقْيِيدًا لِقَوْلِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَخْدُمُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا إنْفَاقُ وَلَدِهَا الْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الرُّجُوعِ) أَيْ: بِأُجْرَةِ الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ: قَامَ إلَخْ) أَيْ: لَوْ قَامَ (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ) إلَى الْمَتْنِ مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ إلَخْ) أَيْ: فِي صُورَةِ كَوْنِ الْمَانِعِ التَّزْوِيجَ اهـ.
كُرْدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ هَذَا) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ الْفَصْلِ إلَى هُنَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُجْبِرَتْ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مِنْ قَوْلِهِمَا: وَإِنْ امْتَنَعَا مِنْهَا، وَكَانَ بَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ إلَخْ إذْ أَفَادَ أَنَّهُ لَا جَبْرَ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا مُسْتَحِقٌّ، وَالْأُمُّ أُجْبِرَتْ مَعَ أَنَّ بَعْدَهَا مُسْتَحِقًّا وَهُوَ الْجَدَّةُ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمَا يَأْتِي فِي الْمُمَيِّزِ، وَمَا يُوَافِقُ مَا هُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. وَلَوْ تَدَافَعُوا الْحَضْنَ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؟ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الرُّجُوعِ) أَيْ: