للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْهَمْزِ أَيْ مُسَاوَاةٌ مِنْ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلَهُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ تَامَّةٍ أَوْ أَصَالَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ مُهْدَرًا بِنَحْوِ زِنًا (بِذِمِّيٍّ) يَعْنِي بِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَالْمُسْلِمِ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الدُّنْيَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ لَا دَلِيلَ لَهُ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَيْ لَا يُقْتَلُ الْمُعَاهَدُ مُدَّةَ بَقَاءِ عَهْدِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ وَعَلَى فَرْضِ احْتِيَاجِهِ لِلتَّقْدِيرِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ قَتْلُ الْكَافِرِ بِالْكَافِرِ فَلَا تَخْصِيصَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْمَنْعِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِالْهَمْزِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ ع ش (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ) عِلَّةٌ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي الْخَبَرِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنَّمَا ذَكَرَ الذِّمِّيَّ لِيُنَبِّهَ عَلَى خِلَافِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِهِ وَحَمَلُوا الْكَافِرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ بَعْدُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ وَلَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ حَمْلِهِمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» يَقْتَضِي عُمُومَ الْكَافِرِ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوهُ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَتْلَهُ عِبَادَةٌ فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ دَلِيلًا وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ فَيُرَادُ بِالْكَافِرِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْجُمْلَةِ إلَخْ) أَيْ وَوُجُوبِ اشْتِرَاكِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي صِفَةِ الْحُكْمِ لَوْ سَلِمَ إنَّمَا هُوَ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ احْتِيَاجِهِ) أَيْ قَوْلِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلتَّقْدِيرِ) أَيْ تَقْدِيرٍ بِحَرْبِيٍّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ مَنْعِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا عَطْفَ عَلَى هَذَا أَصْلًا سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ) أَيْ الْمُعَاهَدُ (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءً) حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ مُسْلِمٍ فِي لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَتِيلَهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ إلَخْ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ فِي الْمُحَارَبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَوَدُ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا أَوْ حُرٌّ عَبْدًا. وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ مَعْنَى الْحَدِّ أَوْ مَعْنَى الْقِصَاصِ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَفِي قَوْلِ الْحَدِّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَذِمِّيٍّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ تَامَّةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُبَعَّضٌ مُتَمَحَّضَ الرِّقِّ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَخْذِهِ مِمَّا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَفْضُلْهُ بِحُرِّيَّةٍ تَامَّةٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالتَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ فَقَدْ تُؤَثِّرُ غَيْرُ التَّامَّةِ كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَقَدْ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي قَتْلِ مُبَعَّضٍ مُبَعَّضًا آخَرَ مَعَ تَفَاوُتِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ لَا وَكَمَا لَوْ وَجَدَ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ كَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَكْسَهُ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ مَا نَصُّهُ وَقِيلَ يُخَصِّصُهُ أَيْ يَقْصُرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْخَاصِّ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ قُلْنَا فِي الصِّفَةِ مَمْنُوعٌ مِثَالُ الْعَكْسِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» يَعْنِي بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَقَالَ الْحَنَفِيُّ يُقَدَّرُ الْحَرْبِيُّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي صِفَةِ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَ بِهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ انْتَهَى فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَلِيلَ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ بَلْ لَهُ دَلِيلٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ فَيُقَدَّرُ الْحَرْبِيُّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَأَمَّا حَمْلُهُمْ أَيْ الْمُخَالِفِينَ الْكَافِرَ فِي قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ وَلَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ يَقْتَضِي عُمُومَ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُعَاهَدِينَ وَالْحَرْبِيِّينَ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِإِضْمَارٍ وَقَوْلُهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ أَيْ لَا يُقْتَلُ ذُو الْعَهْدِ لِأَجْلِ عَهْدِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا فَإِنَّ قَتْلَهُ عِبَادَةٌ مَعْلُومَةٌ قَطْعًا فَكَيْفَ يُقْتَلُ بِهِ وَلِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعَامِّ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ) أَيْ عَلَى تَخْصِيصِ الْكَافِرِ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحَاشِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ مَنْعِ هَذَا اسْتِدْلَالَ الْحَنَفِيِّ السَّابِقَ عَنْ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا عَطْفَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>