للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَرَحَ عَبْدًا فَعَتَقَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْمُشَارِكِ بَعْدَ عِتْقِهِ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا (وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكُ حَرْبِيٍّ) فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (وَ) قَاطِعُ يَدٍ مَثَلًا هُوَ شَرِيكُ (قَاطِعِ) أُخْرَى (قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) فَسَرَى الْقَطْعَانِ إلَيْهِ تَقَدَّمَ الْمُهْدَرُ أَوْ تَأَخَّرَ (وَ) جَارِحٌ لِمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَجُرْحِهِ لِنَفْسِهِ أَمْرُهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بِجَرْحِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ لِآمِرِهِ فَهُوَ (شَرِيكُ النَّفْسِ) فِي قَتْلِهَا (وَ) جَارِحٌ (دَافَعَ الصَّائِلَ) عَلَى مُحْتَرَمٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِعْلَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَقَعَ عَمْدًا، وَإِنَّمَا انْتَفَى الْقَوَدُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى آخَرَ خَارِجٍ عَنْ الْفِعْلِ فَلَمْ يَقْتَضِ سُقُوطَهُ عَنْ الْآخَرِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَكَوْنُ فِعْلِ الشَّرِيكِ فِيمَا بَعْدَ كَذَا مُهْدَرًا بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَقْتَضِي شُبْهَةً فِي فِعْلِ الْآخَرِ أَصْلًا فَلَيْسَ مُسَاوِيًا لِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُقَابِلُ وَشَرِيكُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ كَشَرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ أَوْ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ.

(وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ (وَمَاتَ بِهِمَا أَوْ جَرَحَ) جَرْحًا مَضْمُونًا وَجَرْحًا غَيْرَ مَضْمُونٍ كَأَنْ جَرَحَ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْمَجْرُوحُ (وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْقِطًا لِلْقَوَدِ لِكَوْنِهِ نَحْوَ خَطَأٍ أَوْ مُهْدَرًا إثْرَ شُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ فَفِي الْأُولَى عَلَيْهِ مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ إنْ أَوْجَبَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ وَفِيمَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ مُوجِبُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَتَعَدَّدَ الْجَارِحُ فِيمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَطَعَ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفَارَقَ شَرِيكُ الْأَبِ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْخَاطِئِ وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ وَشُبْهَةُ الْأُبُوَّةِ فِي ذَاتِ الْأَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَذَاتُ الْأَبِ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ سم (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) أَيْ وَالْمُشَارِكُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الذِّمِّيِّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ يَدٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرِيكُ حَرْبِيٍّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَذَا شَرِيكُ قَاطِعٍ قِصَاصًا أَوْ قَاطِعٍ حَدًّا كَانَ جُرْحُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ الْقَاطِعِ وَمَاتَ بِالْقَطْعِ وَالْجِرَاحِ، وَكَذَا يُقْتَلُ شَرِيكُ جَارِحِ النَّفْسِ كَأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ بِهِمَا وَكَذَا شَرِيكُ دَافِعِ الصِّيَالِ كَأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ دَفْعِ الصَّائِلِ وَمَاتَ بِهِمَا اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ مَزْجًا (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْمُهْدَرُ) أَيْ الْفِعْلُ الْمُهْدَرُ ع ش (قَوْلُهُ وَجَارِحٌ لِمَنْ جَرَحَ إلَخْ) أَيْ وَيُقْتَلُ جَارِحٌ لِشَخْصٍ جَرَحَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ جُرْحُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْجَارِحُ رَشِيدِيٌّ وَجَارِحٍ دَافِعٍ الصَّائِلَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى النَّفْسِ مَعَ تَنْوِينِهِ أَيْ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ جَارِحٍ دَافِعٍ الصَّائِلَ بِجَرِّ دَافِعٍ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ جَارِحٍ سم وَعِ ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ هُوَ بِتَنْوِينِ جَارِحٍ الْمَجْرُورِ بِإِضَافَةِ شَرِيكُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ دَافِعِ الصَّائِلِ فِي الدَّفْعِ فَالصُّورَةُ أَنَّ دَافِعَ الصَّائِلِ جَرَحَهُ لِلدَّفْعِ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ جَرَحَهُ آخَرُ فَمَاتَ بِهِمَا اهـ وَقَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَمِثْلُ الْبَعْدِيَّةِ الْمَعِيَّةُ وَالسَّبْقُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَشَرِيكُ النَّفْسِ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ جَرَحَهُ لِنَفْسِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا وَكَانَ مُتَعَمِّدًا فِيهِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السُّمِّ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَقْتَضِ) أَيْ ذَلِكَ الِانْتِفَاءُ.

(قَوْلُهُ: سُقُوطَهُ) أَيْ الْقَوَدِ عَنْ الْآخَرِ أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: كَشَرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ) أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا إلَخْ) ، وَلَوْ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْعَمْدُ أَوْ تَأَخَّرَ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ جُرْحَيْنِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا) أَيْ أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ أَوْ صَائِلًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ رَجَعَ الصَّائِلُ أَوْ جَرَحَ شَخْصًا بِحَقٍّ كَقِصَاصٍ وَسَرِقَةٍ ثُمَّ جَرَحَهُ عُدْوَانًا أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، وَلَوْ وَقَعَتْ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ بِأَمْرِهِ لِمَنْ لَا يُمَيِّزُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ خَطَأٍ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ أَوْ مُهْدَرًا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) أَيْ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا بَعْدَهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جَرَحَ جَرْحًا مَضْمُونًا إلَخْ ع ش أَيْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ إلَى كَثْرَةِ جُزْئِيَّاتِهَا كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَتَعَدَّدَ الْجَارِحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجَارِحُ أَوْ تَعَدَّدَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قِصَاصُهَا أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي اجْتِمَاعِ الْعَمْدِ مَعَ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

السَّبُعِ أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا انْتَهَى أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: جَرَحَ عَبْدًا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْحُرِّ فِي قَوْلِهِ شَارَكَ حُرًّا كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَمَّا قِنًّا فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ يَدٍ مَثَلًا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرِيكُ الْأَبِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَقَاطِعُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِأَنْ جَرَحَ الْمَقْطُوعَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَمَاتَ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَفْهَمَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَشَرِيكُ النَّفْسِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمِنْ أَيْ وَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ السَّبُعِ أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا وَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَجَارِحٌ دَافَعَ الصَّائِلَ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى النَّفْسِ مَعَ تَنْوِينِهِ أَيْ وَيُقْتَلُ شَرِيكٌ جَارِحٌ دَافَعَ الصَّائِلَ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَجَارِحٌ دَافَعَ) يُتَأَمَّلُ فَإِنْ نُوِّنَ قَرُبَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ دَافِعِ صَائِلٍ قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِأَنَّ جُرْحَهُ الدَّافِعُ انْتَهَى وَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>