وَجَذَبَ أَحَدُهُمَا الْمِنْشَارَ ثُمَّ الْآخَرُ فَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ فِعْلِ كُلٍّ بَلْ عَلَى كُلٍّ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ يَبْلُغَانِ دِيَةً.
(وَشِجَاجُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهِ (الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشَرٌ) بِاسْتِقْرَاءِ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجَرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ لَيْسَا عَيْنَ الشَّجَّةِ بَلْ شَرْطَانِ فِي تَسْمِيَتِهَا شَجَّةً فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ الْجُرْحِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ إنْ أُطْلِقَتْ لَا إنْ أُضِيفَتْ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ أَوَّلُهُنَّ طَبْعًا وَوَضْعًا (حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) كَالْخَدْشِ مِنْ حَرَصَ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ خَدَشَهُ قَلِيلًا بِالدَّقِّ (وَدَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ الشَّقُّ بِلَا سَيْلَانِ دَمٍ عَلَى الصَّوَابِ وَإِلَّا فَهِيَ الدَّامِعَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَبِهَذَا تَبْلُغُ الشِّجَاجُ إحْدَى عَشَرَةَ (وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا مِنْ بَضَعَ قَطَعَ (وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةُ بَعْدَهُ سُمِّيَتْ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاحُمِ تَفَاؤُلًا.
(وَسِمْحَاقٌ) بِكَسْرِ سِينِهِ (تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالسِّمْحَاقِ حَقِيقَةً مِنْ سَمَاحِيقِ الْبَطْنِ وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ (وَمُوضِحَةٌ) وَلَوْ بِغَرْزِ إبْرَةٍ (تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ أَيْ تَكْشِفُهُ بِحَيْثُ يَقْرَعُ بِنَحْوِ إبْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَرَ (وَهَاشِمَةٌ تَهْشِمُهُ) أَيْ تَكْسِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَمُنَقِّلَةٌ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَعَ كَسْرِهَا أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَحَلِّهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتَهْشِمْهُ (وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ الْمُسَمَّاةَ بِأُمِّ الرَّأْسِ (وَدَامِغَةٌ) بِمُعْجَمَةٍ (تَخْرِقُهَا) أَيْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَتَصِلُهُ وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ غَالِبًا وَيُتَصَوَّرُ الْكُلُّ فِي الْجَبْهَةِ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْخَدِّ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بَلْ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَقِيلَ) يَجِبُ فِيهَا (وَفِيمَا قَبْلَهَا) لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي مِثْلُهُ لِلْقِصَاصِ بَلْ لِتَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِسْطِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِنِسْبَتِهَا إلَيْهَا (مَا سِوَى الْحَارِصَةِ) كَمَا زَادَهُ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا جَزْمًا إذْ لَمْ يُفْتِ بِهَا شَيْءٌ لَهُ وَقْعٌ.
(وَلَوْ أَوْضَحَ)
ــ
[حاشية الشرواني]
أَوْ جَذَبَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ فِي الذَّهَابِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْآخَرُ أَيْ فِي الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَيُحْتَاطُ الْقَاضِي فِي فَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ ظُلْمٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا نَقْصٌ لِمَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ عَنْ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْحُكُومَةِ ع ش (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَبْلُغَانِ) أَيْ الْحُكُومَتَانِ وَقَوْلُهُ دِيَةً أَيْ لِلْيَدِ سم
(قَوْلُهُ: بِاسْتِقْرَاءِ كَلَامِ الْعَرَبِ) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَى الْعَشْرِ الِاسْتِقْرَاءُ عَمِيرَةُ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى شَجَّةً) بَلْ يُسَمَّى جُرْحًا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَصِحُّ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّتِهَا مَعَ تَسَامُحِ الشَّجَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّجَّةَ هِيَ جِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَجِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ الْمُضَافَةُ إلَيْهِمَا فَلَمَّا اشْتَمَلَ الْمُضَافُ وَهُوَ الشِّجَاجُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ كَانَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ حُكْمًا ع ش (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ الْمَتْنِ لِمَا يُقَالُ لَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الشِّجَاجِ لِلرَّأْسِ إذْ لَا تَكُونُ إلَّا فِيهِ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا إلَخْ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّجْرِيدِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُتَوَهَّمُ أَنْ يُورِدَ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الشَّجَّةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى جُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً إلَخْ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِلتَّخْصِيصِ بِلَا تَأْوِيلٍ ع ش (قَوْلُهُ: طَبْعًا) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْهَشْمِ وَالنَّقْلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَسْبِقُهُ رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَوَضْعًا) أَيْ فِي ذِكْرِ الْفُقَهَاءِ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَوْ التَّفْعِيلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ سَالَ الدَّمُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِاعْتِبَارِ سَيَلَانِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا) احْتِرَازٌ عَنْ الْغَوْصِ الْآتِي سم (قَوْلُهُ: الْجِلْدَةَ بَعْدَهُ) أَيْ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ إلَخْ) وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمُتَلَاحِمَةُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ سَمَاحِيقِ الْبَطْنِ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْهَا، وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الشَّجَّةُ الْمَلَطَى وَالْمِلْطَاةُ وَاللَّاطِيَةُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُرَ) أَيْ الْعَظْمُ مِنْ أَجْلِ الدَّمِ الَّذِي سَتَرَهُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْقَافِ) وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمَنْقُولَةُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِنْ فَتْحِهَا) وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى الْفَتْحِ مُنَقَّلُ بِهَا عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ تَنْقُلُهُ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَمَا عَدَا الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ مَا عَدَا الْمَأْمُومَةِ وَالدَّافِعَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ وَسَائِرِ الْبَدَنِ) أَيْ فِي الصُّورَةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ تَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ آنِفًا (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ أَوْضَحَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَاعْتِرَاضُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِيمَا قَبْلَهَا إلَخْ) وَهِيَ الدَّامِعَةُ وَالْبَاضِعَةُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالسِّمْحَاقُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهَا) أَيْ مَا قَبْلَهَا مِنْ الشِّجَاجِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: كَمَا زَادَهُ عَلَى أَصْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ، اسْتِثْنَاءُ الْحَارِصَةِ مِمَّا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْجَارِحَةَ لَا قِصَاصَ فِيهَا قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا اهـ.
وَفِي الْكِفَايَةِ إنَّ كَلَامَ جَمَاعَةٍ يُفْهِمُ خِلَافًا فِيهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَبْلُغَانِ دِيَةً) لِلْيَدِ، وَقَوْلُهُ يَبْلُغَانِ أَيْ الْحُكُومَتَانِ، وَقَوْلُهُ دِيَةً أَيْ لِلْيَدِ.
(قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُطْلَقُ الْجُرْحِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ إلَخْ) لَا مَانِعَ مِنْ إبْقَاءِ الشِّجَاجِ عَلَى مَعْنَاهَا وَجَعَلَ الْإِضَافَةَ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِبَيَانِ التَّعْمِيمِ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا) احْتِرَازًا عَنْ الْغَوْصِ الْآتِي (قَوْلُهُ: مِنْ التَّلَاحُمِ) أَيْ الِالْتِصَاقِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الرَّدِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ يَدْفَعُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ النِّسْبَةَ لَمَّا كَانَتْ قَدْ يَقَعُ فِيهَا الْخَطَأُ لَمْ تُعْتَبَرْ احْتِيَاطًا لِلْقِصَاصِ وَبِأَنَّ التَّيَسُّرَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْإِمْكَانِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي أَصْلِ