للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا إذَا أَبْهَمَ السَّبَبَ، وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ وَادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ قَتَلَهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ فِعْلٍ مِنْهُ يَقْطَعُ فِعْلَهُ بِخِلَافِ دَعْوَى السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِيَمِينٍ كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ) وَمَاتَ (وَزَعَمَ) الْجَانِي (سَبَبًا) آخَرَ لِمَوْتِهِ غَيْرَ السِّرَايَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ (وَ) زَعَمَ (الْوَلِيُّ سِرَايَةً) حَتَّى تَجِبَ كُلُّ الدِّيَةِ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ السِّرَايَةِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِاَلَّذِي قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ

ــ

[حاشية الشرواني]

صُورَتَيْ ادِّعَاءِ الْوَلِيِّ انْدِمَالًا غَيْرَ مُمْكِنٍ وَادِّعَائِهِ سَبَبًا مُبْهَمًا وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ فِي صُورَتَيْ ادِّعَاءِ الْجَانِي سِرَايَةً وَادِّعَاءِ قَتْلِهِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ إذَا أَبْهَمَ) أَيْ الْوَلِيُّ سم (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمِنَ الِانْدِمَالَ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم وَقَدْ قَدَّمْنَا عِبَارَةَ الْمُغْنِي الْمُوَافِقَةَ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى السِّرَايَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ وَزَعَمَ الْجَانِي إلَى قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ أَنَّ الْجَانِيَ إمَّا يَدَّعِي السِّرَايَةَ، أَوْ قَتْلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ صُورَتَانِ وَإِنَّ الْوَلِيَّ إمَّا يَدَّعِي انْدِمَالًا مُمْكِنًا، أَوْ سَبَبًا مُعَيَّنًا أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ أَمْ لَا أَوْ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ مُمْكِنٌ أَرْبَعُ صُوَرٍ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِهَا فِي صُورَتَيْ الْجَانِي الْمَذْكُورَتَيْنِ ثَمَانِيَةُ صُوَرٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ وَأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَى الْمَتْنِ أَنَّ الْوَلِيَّ إمَّا يَدَّعِي انْدِمَالًا غَيْرَ مُمْكِنٍ، أَوْ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ غَيْرُ مُمْكِنٍ صُورَتَانِ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِهِمَا فِي صُورَتَيْ الْجَانِي الْمَارَّتَيْنِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يُصَدَّقُ الْجَانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا يَمِينٍ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينٍ وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى الْجَانِي قَتْلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَالْوَلِيُّ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ غَيْرُ مُمْكِنٍ.

(قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ) ، وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْجَانِي أَنْتَ قَتَلْته بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْك ثَلَاثُ دِيَاتٍ وَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ بِحَلِفِ الْجَانِي فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ إلَخْ) ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بَعْدَهُ حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَنِصْفُ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْدِمَالِ، وَلَوْ تَنَازَعَا الْوَلِيُّ وَقَاطِعُ الْيَدَيْنِ أَوْ الْيَدِ فِي مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ صُدِّقَ مُنْكِرُ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَوْ قَطَعَ شَخْصٌ أُصْبُعَ آخَرَ فَدَاوَى جُرْحَهُ ثُمَّ سَقَطَ الْكَفُّ فَقَالَ الْمَجْرُوحُ تَآكَلَ مِنْ الْجُرْحِ وَقَالَ الْجَانِي مِنْ الدَّوَاءِ صُدِّقَ الْمَجْرُوحُ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ إلَّا إنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ هَذَا الدَّوَاءَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ فَيُصَدَّقُ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى (قَوْلُهُ وَمَاتَ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ (قَوْلُهُ سَبَبًا آخَرَ لِمَوْتِهِ إلَخْ) كَشُرْبِ سُمٍّ يَقْتُلُ فِي الْحَالِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم.

أَقُولُ بَلْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُنَا أَيْ عِنْدَ الْإِمْكَانِ الْوَلِيُّ أَيْضًا وَتَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَحَذَفَ قَيْدَ وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ، أَوْ قَطْعُ الْيَدِ وَقَوْلُهُ كُلُّ الدِّيَةِ أَيْ أَوْ الْقَتْلُ أَسْنَى (قَوْلُهُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) أَيْ بِيَمِينِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ اسْتِمْرَارُ السِّرَايَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ وَقَدَّمَ هَذَا الْأَصْلَ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ بِالسَّرَايَةِ سم (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ تَصْحِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَقَوْلُهُمَا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ الْمُرَادُ بِهِ تَعْيِينُ السَّبَبِ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ فَتَدَبَّرْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

دَعْوَى قَتْلِهِ أَمَّا دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. اهـ وَأَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ سِرَايَةً وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ نَازَعَهُ فِيهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَاضِحٌ فَإِنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ هُنَا مُسْتَحِيلَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْحَلِفِ فِي مُقَابَلَتِهَا، وَثَمَّ مُمْكِنَةٌ فَإِنَّهُ يَدَّعِي سَبَبًا آخَرَ مُمْكِنَ الْوُقُوعِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفٍ بِنَفْيِهِ، وَكَوْنُ إهْمَالِهِ السَّبَبَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ السِّرَايَةَ لَا أَثَرَ لَهُ فَإِنَّهُ كَمَا يَحْتَمِلُهَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهَا. اهـ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ عَلَى الظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا أَبْهَمَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) فَإِنْ أَمْكَنَ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ) ، وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ شَارِحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ) حَيْثُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ بِسَبَبٍ آخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>