وَيَظْهَرُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الدِّيَتَانِ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْكُلَّ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَحَدُ مَالِكِيهَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَدِيعِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَالنَّفْسُ هُنَا مَضْمُونَةٌ إذْ لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ وَجَبَتْ الدِّيَةُ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ) عَفْوِ نَفْسِهِ، أَوْ بَعْدَ (عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ
وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ الْعَزْلِ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ وَيُجَابُ بِتَقْصِيرِ هَذَا بِعَدَمِ مُرَاجَعَتِهِ لِغَيْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ بِمُبَادَرَتِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ إلَّا إذَا عَلِمَ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا، أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِهِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ (وَلَا يُسْتَوْفَى) حَدٌّ، أَوْ تَعْزِيرٌ، أَوْ (قِصَاصٌ) فِي نَفْسٍ، أَوْ غَيْرِهَا (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) ، أَوْ نَائِبِهِ كَالْقَاضِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ تَنَاوُلُ وِلَايَتِهِ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَكِنَّهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ وَفِي حَقِّ الْآدَمِيِّ تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُتَأَهِّلِ وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ لَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ لِيَشْهَدَا إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
ع ش (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ) أَيْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قَوْلِ الْجَمْعِ وَقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ سم وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ أَيْ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الدِّيَتَانِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ أَوَّلًا رَجُلًا وَالْجَانِي امْرَأَةً فَحِينَئِذٍ يَصْدُقُ التَّقَاصُّ، وَلَا يَصْدُقُ أَخْذُ مَا زَادَ. اهـ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتُحْبَسُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَالْقَاضِي إلَى لَكِنَّهَا وَقَوْلُهُ وَكَانَ هَذَا حِكْمَةُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُ الْمَتْنِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَفِي سم هُنَا فَوَائِدُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَا يُسْتَوْفَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِتَقْصِيرٍ هَذَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ الْإِقْدَامُ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ (تَنْبِيهٌ)
بَادَرَ لُغَةٌ فِي بَدَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ إلَخْ) أَيْ فَمَقْصُودُ الْمَتْنِ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرَانِ فَتَقْدِيرُ لَمْ فِي الثَّانِي لِبَيَانِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ ع ش (قَوْلُهُ بِنَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ الْقِصَاصِ عَنْ الْمُبَادِرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ) فَإِنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْوَرَثَةِ انْفِرَادٌ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنَّهَا إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا) أَيْ إقَامَةَ الْحُدُودِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ بِإِرْجَاعِهِ إلَى الِاسْتِيفَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ الْمُتَأَهِّلِ) أَيْ لِلطَّلَبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ مُسْتَحِقٍّ مُتَأَهِّلٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْتَحِقٌّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا فِي الْحَالِ طَلَبَ حَالًا وَإِلَّا فَحِينَ يَتَأَهَّلُ كَمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ وَأَمْرُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ يَوْمِهِ وَبِالْوَصِيَّةِ بِمَا لَهُ وَعَلَيْهِ وَبِالتَّوْبَةِ وَالرِّفْقِ فِي سَوْقِهِ إلَى مَوْضِعِ الِاسْتِيفَاءِ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ وَشَدِّ عَيْنَيْهِ وَتَرْكِهِ مَمْدُودَ الْعُنُقِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِهِ لَهُ) الضَّمِيرَانِ لِلْقِصَاصِ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاكِمِ وَاللَّامُ بِحُضُورٍ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ مَعَ عَدْلَيْنِ) وَأَعْوَانِ السُّلْطَانِ مُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْقِصَاصِ فَيَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ بِوُقُوعِ الْقِصَاصِ لَوْ لَمْ يُحْضِرْهُمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِحْضَارُهُمَا مِمَّنْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ آكَدُ كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
نِسْبَةِ نَصِيبِهِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ ثُلُثُهَا وَقَدْ غَرِمَ مِنْ دِيَةِ الْجَانِي مَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا الَّذِي هُوَ مِثْلُ نِسْبَةِ نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ، وَهُوَ الثُّلُثُ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا زَادَ عَلَى نَفْسِ نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ لَغَرِمَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْهَا قَدْرُ ثُلُثِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ، وَمِنْ هُنَا يُشْكِلُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ بِالتَّقَاصِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِاخْتِلَافِ مَا لِلْمُبَادِرِ وَمَا عَلَيْهِ قَدْرًا كَمَا أَنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنَّ التَّقَاصَّ خَاصٌّ بِالنُّقُودِ وَالْوَاجِبُ الْإِبِلُ وَقَدْ أَوْرَدَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هَذَا الثَّانِيَ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَعْوَزَتْ الْإِبِلُ وَرَجَعَ الْوَاجِبُ إلَى النَّقْدِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا.
(قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الدِّيَتَانِ) وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ قَوْلِ الْجَمْعِ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُ الْمَتْنِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ اقْتَصَّ وَارِثُ الْجَانِي مِنْ الْمُبَادِرِ فَقَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ حَقِّهِ وَعَلَيْهِ تَمَامُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِوَرَثَتِهِ لِلْمُبَادِرِ مِنْهَا حِصَّتُهُ مِنْهَا نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْ الْجَانِي مَجَّانًا لَمْ يَجِبْ تَمَامُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَلْ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَافِي مِنْهَا وَإِنْ عَفَا عَنْ الْمُبَادِرِ مَجَّانًا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلَزِمَهُ لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ الْمُبَادِرُ تَمَامُ الدِّيَةِ، أَوْ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَافِي عَلَى مَا تَقَرَّرَ، أَوْ عَلَى مَالٍ فَعَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ أَيْضًا مِنْ تَمَامِ الدِّيَةِ، أَوْ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَافِي مِنْهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَلَهُ عَلَى الْمُبَادِرِ دِيَةُ الْجَانِي وَيَقَعُ التَّقَاصُّ مِنْهَا فِي قَدْرِ حِصَّةِ الْمُبَادِرِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ كَأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَكَرًا وَوُجِدَ شُرُوطُ التَّقَاصِّ كَأَنْ وَجَبَ النَّقْدُ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي أُنْثَى وَقَعَ التَّقَاصُّ بِشَرْطِهِ فِي جَمِيعِ دِيَتِهَا إنْ كَانَتْ حِصَّةُ الْمُبَادِرِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلَخْ) فِي تَوَجُّهِ الْإِشْكَالِ ابْتِدَارًا لِيَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ مَعَ فَرْضِ مَا هُنَا فِي الْإِقْدَامِ مَعَ الْمَنْعِ مِنْهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى إذْنِ الْبَاقِينَ بَعْدَ الْقُرْعَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ اقْتَصَّ بَعْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ وَكَالَتِهِ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ نَعَمْ يُتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ إذَا جَهِلَ الْمُبَادِرُ حُرْمَةَ الْمُبَادَرَةِ وَعُذِرَ فِي جَهْلِهِ إنْ قُلْنَا بِلُزُومِ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ الشَّارِحُ وَالْمَتْنُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) فَمَقْصُودُ الْمَتْنِ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرَانِ فَتَقْدِيرُ لَمْ فِي الثَّانِي لِبَيَانِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute