للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْيَدِ (مَعًا، أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي الْجِنَايَةِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ) مَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنْ مَوْتِ الْجَانِي بِالسِّرَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (نِصْفُ الدِّيَةِ) إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا كَانَ فِي مَعْنَى السَّلَمِ فِي الْقَوَدِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ فِي قَطْعٍ بِدَيْنٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ قِيلَ جَزْمًا وَاعْتُرِضَ.

(وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ) قَوَدِ (يَمِينٍ) ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِجَانٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ: (أَخْرِجْهَا) أَيْ يَمِينَك لِأَقْطَعهَا قَوَدًا (فَأَخْرَجَ يَسَارًا) لَهُ (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) عَالِمًا، أَوْ جَاهِلًا عَلَى الْأَوْجَهِ فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) لَا ضَمَانَ فِيهَا، وَلَا فِي سِرَايَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْعِ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا بِقَصْدِ إبَاحَتِهَا بَذْلٌ لَهَا مَجَّانًا نَعَمْ يُعَزَّرُ الْعَالِمُ مِنْهُمَا بِالتَّحْرِيمِ، وَكَنِيَّةِ إبَاحَتِهَا مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَأَخْرَجَ الْيَسَارَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْعِوَضِيَّةَ وَيَبْقَى قَوَدُ الْيَمِينِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَذَكَرَهُ بَعْدُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَهَا وَإِلَّا سَقَطَ لِتَضَمُّنِ رِضَاهُ بِالْيَسَارِ بَدَلًا الْعَفْوَ وَلَهُ دِيَةُ يَمِينِهِ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ عَدَمَ إجْزَائِهَا شَرْعًا لَكِنْ جَعَلَهَا عِوَضًا، وَلَا نَظَرَ لِقَصْدِ الْإِبَاحَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ رِضَا الْمُسْتَحِقِّ بِالْعِوَضِيَّةِ مُتَضَمِّنٌ لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَطْعِ، وَإِنْ فَسَدَ الْعِوَضُ

أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَالْإِخْرَاجُ لَهُ يُهْدِرُهَا؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ لَهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْقِنُّ فَقَصْدُهُ الْإِبَاحَةُ لَا يُهْدِرُ يَسَارَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَسْقُطُ قَوَدُهَا إذَا كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِإِخْرَاجِهِ ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ قَطَعَ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ (وَإِنْ قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ عِوَضًا (عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْقَاطِعُ فِي ظَنِّهِ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْهِ الْجَعْلَ الْمَذْكُورَ وَقَالَ بَلْ عَرَفْت أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَقَوْلُ أَصْلِهِ عَرَفْت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِضَمِّ التَّاءِ فَيَكُونُ أَخَفَّ إيهَامًا لِمَا يَأْتِي، أَوْ بِفَتْحِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

مُغْنِي وَأَسْنَى.

(قَوْلُهُ فِي الْيَدِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ سَبَقَ مَوْتُهُ مَوْتَ الْجَانِي مُغْنِي (قَوْلُهُ بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ) أَيْ حَصَلَ قِصَاصُ الْيَدِ بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي وَالسِّرَايَةُ بِالسِّرَايَةِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ تَأَخَّرَ إلَخْ) ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ يَنْبَغِي سُقُوطُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ السَّابِقَ ثُمَّ نَسِيَ، أَوْ عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ السَّابِقِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ، أَوْ يُوقَفَ الْأَمْرُ إلَى الْبَيَانِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْأَصَحِّ) .

(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قَطْعِ يَدَيْهِ مَثَلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ النَّفْسَ، أَوْ فِي مُوضِحَةٍ وَجَبَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَقَدْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقِصَاصِ الْمُوضِحَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا فِي شَرْحِ وَلَهُ عَفْوُهُ بِنِصْفِ دِيَةٍ.

(قَوْلُهُ عَالِمًا) أَيْ أَنَّهَا الْيَسَارُ مَعَ ظَنِّ الْإِجْزَاءِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَمُهْدَرَةٌ) فَرْعٌ

عَلَى الْمُبِيحِ الْكَفَّارَةُ إنْ مَاتَ سِرَايَةً كَقَاتِلِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِقَطْعٍ يَسْتَحِقُّ مِثْلَهُ رَوْضٌ وَأَسْنَى سم عَلَى مَنْهَجِ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاطِعُ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمُهْدَرَةٌ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ إلَى وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْقِنُّ وَقَوْلُهُ، أَوْ الصَّبِيُّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ بَقَاءُ الْقَوَدِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إذَا مَاتَ الْمُبِيحُ، أَوْ ظَنَّ الْقَاطِعُ الْإِجْزَاءَ، أَوْ جَعَلَهَا عِوَضًا فَإِنَّهُ يَعْدِلُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ وَقَعَتْ هَدَرًا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ) هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الظَّانُّ الْمُسْتَحِقَّ وَوَكَّلَ فِي قَطْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ تَعَدَّى وَقَطَعَ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الظَّانُّ هُوَ الْوَكِيلَ فَقَطْ، وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوْكِيلِ فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْقَوَدِ أَيْضًا طَبَلَاوِيٌّ أَيْ وَعَلَى الْوَكِيلِ دِيَةُ الْيَسَارِ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِيهَا لِظَنِّهِ الْإِجْزَاءَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ بِسُقُوطِ الْقَوَدِ وَيَلْزَمُ الدِّيَةُ لَوْ عَلِمَ أَيْ الْقَاطِعُ وَكَذَا ضَمِيرُ جَعَلَهَا (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ جَعَلَهَا عِوَضًا (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ الْمَجْنُونُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَمَا مَعْنَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَالْإِخْرَاجُ) أَيْ بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْقِنُّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ حُرٍّ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ حُرًّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَالتَّقْيِيدُ بِالْقِنِّ لِتَصَوُّرِ كَوْنِ الْإِخْرَاجِ هُوَ الْمُسْقِطَ بِمُجَرَّدِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْمَجْنُونُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الْمُقَدَّرُ فِي كَلَامِهِ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَسَارَهُ وَقَطَعَهَا الْمُقْتَصُّ عَالِمًا بِالْحَالِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَجَبَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَجْنِيَ عَاقِلًا ثُمَّ يُجَنَّ وَإِلَّا فَالْمَجْنُونُ حَالَةَ الْجِنَايَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ.

(تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِمُبَاشَرَةِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْقَطْعِ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ كَمَا سَبَقَ وَصَوَّرَهَا الْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ. اهـ وَمَرَّ عَنْ ع ش آنِفًا تَصْوِيرٌ آخَرُ (قَوْلُهُ أَوْ الصَّبِيُّ) أَيْ إخْرَاجُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا فِي خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ جَانِبًا وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ) أَيْ عَلِمَ الصَّبِيُّ، أَوْ الْمَجْنُونُ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَكَذَّبَهُ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ بَلْ عَرَفْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ أَنَّ هَذَا) أَيْ فَكَذَّبَهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَصْلِهِ عَرَفْت إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ قَالَ قَصَدْت إيقَاعَهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا وَقَالَ الْقَاطِعُ عَرَفْت أَنَّ الْمُخْرَجَ الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْيَسَارِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَتْ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ أَنَّ الْمَتْنَ حَمَلَهَا عَلَى فَتْحِ تَاءِ عَرَفْت؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُطَابِقُهَا حِينَئِذٍ وَأَنَّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تُفِيدُ أَنَّ الْقَاطِعَ كَذَّبَ الْمُخْرِجَ فِي دَعْوَاهُ ظَنَّ الْإِجْزَاءِ لَا فِي دَعْوَاهُ الْجَعْلَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ جَعْلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْمَحَلِّيِّ التَّكْذِيبَ رَاجِعًا لِلظَّنِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ مُطَابِقَةً مَا فِي الْأَصْلِ سم (قَوْلُهُ فَيَكُونُ أَخَفَّ إيهَامًا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُ الشَّرْحِ وَقَوْلُ أَصْلِهِ عَرَفْت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِضَمِّ التَّاءِ فَيَكُونُ أَخَفَّ إيهَامًا لِمَا يَأْتِي وَبِفَتْحِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>