أَنَّهَا بَذْلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَمَّا وَجَبَ عَيْنًا كَانَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَكَانَ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ كَحَيَاةِ الْقَتِيلِ فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَجَابَ بِنَحْوِ ذَلِكَ (عِنْدَ سُقُوطِهِ) بِنَحْوِ مَوْتٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْهُ عَلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ) مُوجَبُهُ (أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا) مُرَادُهُ قَوْلُ أَصْلِهِ لَا بِعَيْنِهِ الظَّاهِرُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا فِي ضِمْنِ أَيِّ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يُودِيَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْقَوَدُ وَلَا دِيَةَ كَمَا مَرَّ فِي قَتْلِ مُرْتَدٍّ مُرْتَدًّا وَفِيمَا لَوْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا جَزُّ الرَّقَبَةِ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ كَمَا فِي قَتْلِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالْمُسْلِمِ لِذِمِّيٍّ وَقَدْ لَا يَجِبُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي قَتْلِ قَنِّهِ.
فَائِدَةٌ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ شَرِيعَةَ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُحَتِّمُ الْقَوَدَ وَعِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُحَتِّمُ الدِّيَةَ فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَهُمَا (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ) يَعْنِي الْمُسْتَحِقَّ (عَفْوٌ) عَنْ الْقَوَدِ فِي نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ (عَلَى الدِّيَةِ) ، أَوْ نِصْفِهَا مَثَلًا (بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفَى مِنْهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلِأَحَدِ الْمُسْتَحَقِّينَ الْعَفْوُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَتَجَزَّأُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عُفِيَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجَانِي سَقَطَ عَنْ كُلِّهِ كَمَا أَنَّ تَطْلِيقَ بَعْضِ الْمَرْأَةِ تَطْلِيقٌ لِكُلِّهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِرَبْطِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ يَقَعُ الْعَفْوُ بِرَبْطِهِ بِهِ وَمَا لَا فَلَا وَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لَهُ الْجَانِي خُذْ الدِّيَةَ عِوَضًا عَنْ الْيَمِينِ فَأَخَذَهَا، وَلَوْ سَاكِتًا سَقَطَ الْقَوَدُ وَجُعِلَ الْأَخْذُ عَفْوًا أَنَّهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) أَيْ إلَى مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَنَّهَا) أَيْ الدِّيَةُ وَقَوْلُهُ بَدَلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ أَيْ بَدَلُ الْقَتِيلِ رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً أَيْ لَا بَدَلُ الْقَوَدِ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَدَلَ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْعِبَارَةَ الْمُوَافِقَةَ لِلْمَقْصُودِ هِيَ هَذِهِ لَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ سم وَع ش (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ الْأَوَّلُ) ، وَهُوَ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ أَيْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُ عَنْهُ لُزُومُ مَا ذُكِرَ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْقَوَدَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ لِلُزُومِهِ عَيْنًا فَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَلَمْ يَلْزَمْ مَا ذُكِرَ ع ش (قَوْلُهُ بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ لَا عَنْهَا أَيْ نَفْسِ الْقَتِيلِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ رَشِيدِيٍّ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ بَدَلًا عَنْهُ أَيْ الرَّجُلِ لَا عَنْهَا أَيْ الْمَرْأَةِ. اهـ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ أَجَابَ بِنَحْوِ ذَلِكَ) فَإِنَّهُ قَالَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ. انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ حَاصِلِ جَوَابِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا وَمَرْجِعُ هَذَيْنِ الضَّمِيرَيْنِ فِيهِ سم أَيْ وَبَيْنَ الْجَوَابَيْنِ بَوْنٌ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ) إلَى الْفَائِدَةِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَى وَقَدْ يَتَعَيَّنُ.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ) أَيْ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الْقَتْلِ كَأَصَالَةِ الْقَاتِلِ ع ش (قَوْلُهُ عَنْهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ مُرَادُهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ مُبْهَمًا (قَوْلُهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى يَكُونَ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ فِي الْوَاقِعِ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الظَّاهِرِ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مَنْ قُتِلَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ) أَيْ لَهُ بِأَنْ تُدْفَعَ لَهُ الدِّيَةُ، أَوْ يُقَادُ أَيْ لَهُ ع ش (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ) اسْتَشْكَلَهُ سم رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قَالَ إنَّهُ الْجَدِيدُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْقَوَدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَمْدُ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ كَقَتْلِ الْوَالِدِ إلَخْ فَإِنَّ مُوجِبَهُ الدِّيَةُ جَزْمًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي عَمْدٍ تَدْخُلُهُ الدِّيَةُ لِيَخْرُجَ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ مُرْتَدًّا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقَوَدُ جَزْمًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ) قَدْ يُوهِمُ أَنَّ مَا مَرَّ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَلَيْسَ مُرَادًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ يَعْنِي الْمُسْتَحِقَّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ قَطَعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مِنْ عَدَمِ تَخَلُّلِ إلَى، وَلَوْ عُفِيَ وَقَوْلُهُ وَمَرَّ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ) أَيْ وَيَسْقُطُ بِذَلِكَ الْقَوَدُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش (قَوْلُهُ سَقَطَ) أَيْ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ كَالْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا قَبْلَهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْأَعْضَاءِ كَالْقَلْبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ عَنْ قَطْعِهَا وَقَوَدِهَا.
(قَوْلُهُ سَقَطَ الْقَوَدُ) جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ عَفْوًا) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
هَذَا الْإِبَاءِ إنْكَارٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ بَدَلٌ عَنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ قِصَاصًا لَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُجَابُ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الْعِبَارَةَ الْمُوَافِقَةَ لِلْمَقْصُودِ هِيَ هَذِهِ لَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَجَابَ بِنَحْوِ ذَلِكَ) فَإِنَّهُ قَالَ أَمَّا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَعَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْبَدَلِ بَدَلٌ. انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ حَاصِلِ جَوَابِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا وَمَرْجِعُ هَذَيْنِ الضَّمِيرَيْنِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ الظَّاهِرُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْوَاقِعِ حَتَّى يَكُونَ الْوَاجِبُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فِي الْوَاقِعِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِيهِ لَوْ كَانَ قَالَ الْقَاتِلُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَهُوَ أَيْ الْوَلِيُّ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ فَهُوَ صَادِقٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَوَدُ وَاجِبًا عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ