للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ تَصَالَحَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى) أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا نَحْوُ (مِائَتَيْ بَعِيرٍ) مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَصِفَتِهِ (لَغَا) الصُّلْحُ (إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ فَهُوَ كَالصُّلْحِ مِنْ مِائَةٍ عَلَى مِائَتَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ عَيْنًا (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) وَيَثْبُتُ الْمَالُ وَكَذَا لَوْ عَفَا مِنْ غَيْرِ تَصَالُحٍ عَلَى ذَلِكَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ وَيَبْقَى الْقَوَدُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُمَا أَمَّا غَيْرُ الْجِنْسِ الْوَاجِبِ فَقَدْ مَرَّ.

(وَلَوْ قَالَ) حُرٌّ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ (رَشِيدٌ) أَوْ سَفِيهٌ لِآخَرَ (اقْطَعْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ) لَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَا دِيَةَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي، أَوْ أَتْلِفْ مَالِي، وَإِذْنٌ لِقِنٍّ يُسْقِطُ الْقَوَدَ لَا الْمَالَ، وَإِذْنُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْمُكْرَهِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا (فَإِنْ سَرَى) الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (أَوْ قَالَ) ابْتِدَاءً (اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ فَهَدَرٌ) كَمَا ذُكِرَ لِلْإِذْنِ وَلِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَثْبُتُ لِلْمُوَرِّثِ ابْتِدَاءً أَيْ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْقَوَدِ الْبَدَلِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَيُعَزَّرُ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ ابْتِدَاءً.

(وَلَوْ قُطِعَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ عُضْوُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِهِ (فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْرِ فَلَا شَيْءَ) مِنْ قَوَدٍ وَدِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَسْقَطَ الْحَقَّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَسَقَطَ (وَإِنْ سَرَى) إلَى النَّفْسِ (فَلَا قِصَاصَ) فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ لِتَوَلُّدِ السِّرَايَةِ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قُطِعَ إذْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فِيهِ قَوَدٌ نَحْوُ جَائِفَةٍ مِمَّا لَا يُوجِبُ قَوَدًا عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْقَوَدِ فِيهَا ثُمَّ سَرَتْ الْجِنَايَةُ لِنَفْسِهِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَقْتَصَّ فِي النَّفْسِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْمَالِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْقَوَدِ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَالَ سم.

أَقُولُ وَقَدْ يَأْبَى عَنْ الْمُرَادِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الدِّيَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ بِأَنْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ ع ش عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُ إلَخْ فَلَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى أَنْ لَا مَالَ صَحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ وَلَغَا قَوْلُهُ عَلَى أَنْ لَا مَالَ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَقِيلَ كَصَبِيٍّ فَتَجِبُ. اهـ

(قَوْلُ الْمَتْنِ، وَلَوْ تَصَالَحَا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالْجَانِي مِنْ الْقَوَدِ عَلَى أَكْثَرِ إلَخْ، وَلَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَحَدُهُمَا) أَيْ لَا بِعَيْنِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ إلَخْ) أَيْ وَالدِّيَةُ بَدَلٌ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ مُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنْ مِنْ جِنْسِهَا (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْجِنْسِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا ع ش (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي الْمَتْنِ آنِفًا.

(قَوْلُهُ حُرٌّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مُخْتَارٌ وَقَوْلَهُ وَالْمُكْرَهُ وَقَوْلَهُ أَيْ؛ لِأَنَّهَا إلَى نَعَمْ وَقَوْلَهُ وَيُعَزَّرُ (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ فَهَدَرٌ) أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ وَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا ذُكِرَ) أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَلَا دِيَةَ سم.

(قَوْلُهُ تَثْبُتُ لِلْمُوَرِّثِ ابْتِدَاءً) أَيْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ ثُمَّ يَتَلَقَّاهَا الْوَارِثُ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَرَى، أَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي إلَخْ إذْ الْقَطْعُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَوْلُهُ فَهَدَرٌ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِذْنُ لَا يُؤَثِّرَ فِيهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُعَزِّرُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مِنْ انْضِمَامِ الْقَطْعِ الْمُجَرَّدِ عَنْ السِّرَايَةِ إلَيْهِمَا. اهـ أَيْ إلَى مَا لَوْ سَرَى وَمَا لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ أَيْ عُضْوُهُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ قَوَدٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِهِ) أَيْ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْتِيتُ ضَمِيرَيْ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَأَرْشِهِ) لَا يَخْفَى صَرَاحَةً السِّيَاقُ كَقَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ إلَخْ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا وَالْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ لَاغٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ عَفَا عَنْ الْأَرْشِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ سم (أَقُولُ) وَصَرَّحَ بِهِ الْمُغْنِي وَسَيَأْتِي عَنْ سم نَفْسِهِ الْمَيْلُ إلَيْهِ وَعَنْ ع ش تَوْجِيهُهُ (قَوْلُهُ مِنْ قَوَدٍ) إلَى قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا سَامَحُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَوَقَعَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ إلَى النَّفْسِ) أَمَّا إذَا سَرَى إلَى عُضْوٍ آخَرَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْفُ عَنْ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِتَوَلُّدِ السِّرَايَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ فِي نَفْسٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَطَرَفٍ فَقَدْ مَرَّتْ عِلَّتُهُ آنِفًا (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ الْقَطْعُ مِنْ جِنْسِ إلَخْ عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَعْضِ مَعْلُولِهَا (قَوْلُهُ نَحْوُ جَائِفَةٍ) فَاعِلُ خَرَجَ (قَوْلُهُ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَخْ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ نَحْوِ جَائِفَةٍ وَتَذْكِيرُ الرَّابِطَةِ نَظَرًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعَافِي (قَوْلُهُ أَنْ يَقْتَصَّ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهَا فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُنْظَرْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِالنَّظَرِ لِلْمَالِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْمَالِ بِحَالٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ الْقَوَدِ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا مَالَ إذْ عِبَارَةُ الصَّبِيِّ مُلْغَاةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَفِيهٌ) يُوهِمُ مُسَاوَاتَهُ لِلرَّشِيدِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ الْآتِي وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَوِّغَ عَفْوَهُ وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالرُّشْدِ ثُمَّ سَمِعْت أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ قَالَ إنَّ هَذَا هُوَ وَجْهُ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَهَدَرٌ كَمَا ذُكِرَ) أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَثْبُتُ لِلْمُوَرِّثِ ابْتِدَاءً ثُمَّ قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ) هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أُشْكِلَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إلَّا بِالْعَفْوِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لِلْمُوَرِّثِ، أَوْ لِلْوَارِثِ مَعَ أَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِأَصْلِ وُجُوبِهَا إذْ لَمْ يُوجَدْ الْإِذْنُ فِي الْقَتْلِ، أَوْ الْقَطْعِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سُقُوطَ مَا يَجِبُ بِذَلِكَ وَالْوَاجِبُ بِذَلِكَ لَيْسَ إلَّا الْقَوَدُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) هَلْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ لَا الْقَوَدُ عَيْنًا.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَأَرْشِهِ) لَا يَخْفَى صَرَاحَةُ السِّيَاقِ كَقَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا أَرْشُ الْعَفْوِ إلَخْ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْ الْأَرْشِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا وَالْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ لَاغٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُنْظَرْ صُوَرُ الْمَسْأَلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِمَا إذَا عُفِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>