للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِكَافِرٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ اُضْطُرِرْنَا لِذَلِكَ (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) أَوْ أُسَرَاءَ أَوْ التَّذْفِيفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ أَيْ لَا يَجُوزُ لِنَحْوِ شَافِعِيٍّ الِاسْتِعَانَةُ بِأُولَئِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ وَأُولَئِكَ يَتَدَيَّنُونَ بِقَتْلِهِمْ نَعَمْ إنْ احْتَجْنَا لِذَلِكَ جَازَ إنْ كَانَ لَهُمْ نَحْوُ جَرَاءَةٍ وَحُسْنُ إقْدَامٍ وَأَمْكَنَنَا دَفْعُهُمْ لَوْ أَرَادُوا قَتْلَ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ وَيَثِقَ بِوَفَائِهِمْ بِهِ انْتَهَى وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الِاسْتِعَانَةِ بِالْكَافِرِ أَيْضًا إلَّا إنْ أَلْجَأَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِمْ مُطْلَقًا وَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا جَوَازُ اسْتِخْلَافِ الشَّافِعِيِّ لِلْحَنَفِيِّ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ مُسْتَبِدٌّ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَهَؤُلَاءِ تَحْتَ رَايَةِ الْإِمَامِ فَفِعْلُهُمْ مَنْسُوبٌ لَهُ فَوَجَبَ كَوْنُهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِ (وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ الْحَرْبِ وَآمَنُوهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا لِيُقَاتِلُونَا مَعَهُمْ (لَمْ يَنْفُذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا) لِلضَّرَرِ فَنُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ الْحَرْبِيِّينَ (وَنَفَذَ) الْأَمَانُ (عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ آمَنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ قَالُوا وَقَدْ أَعَانُوهُمْ ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ إعَانَةُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْحَقِّ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا صَدَرَ مِنْهُمْ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ هَذِهِ هِيَ الْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ

وَأَمَّا مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَبُغَاةٍ فَقَدْ تَجَوَّزَ وَإِلَّا فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ وَمُقَاتِلَتِهِمْ كَبُغَاةٍ تَنَافٍ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ كَبُغَاةٍ إنْ كَانَ بَعْدَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُمْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَأْمَنِ حَرْبِيُّونَ فَلْيُقَاتَلُوا كَالْحَرْبِيِّينَ وَقَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يُقَاتَلُونَ أَصْلًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ لِعُذْرِهِمْ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ وَبَعْدَهُ يُقَاتَلُونَ كَحَرْبِيِّينَ

ــ

[حاشية الشرواني]

ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ فِي التَّتِمَّةِ صَرَّحَ بِجَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ أَيْ الْكَافِرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ بِكَافِرٍ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ نِهَايَةٌ وَمَنْهَجٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلِذَا لَا يَجُوزُ لِمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ مِنْ مُسْلِمٍ أَنْ يُوَكِّلَ كَافِرًا فِي اسْتِيفَائِهِ وَلَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ جَلَّادًا كَافِرًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ وَقَالَ ع ش بَعْدَ نَقْلِ مَا ذُكِرَ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَقُولُ وَكَذَا يَحْرُمُ نَصْبُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ نَعَمْ إنْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَوْلِيَتَهُ فِي شَيْءٍ لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ظَهَرَ فِيمَنْ يَقُومُ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خِيَانَةٌ وَأُمِنَتْ فِي ذِمِّيٍّ وَلَوْ لِخَوْفِهِ مِنْ الْحَاكِمِ مَثَلًا فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ تَوْلِيَتِهِ فِيهِ لِضَرُورَةِ الْقِيَامِ بِمَصْلَحَةِ مَا وُلِّيَ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ يُنَصِّبُهُ مُرَاقَبَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِيهِ اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ: ذِمِّيٍّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ لَا يَجُوزُ إلَى نَعَمْ وَقَوْلَهُ وَيَظْهَرُ إلَى وَلَا يُخَالِفُ (قَوْلُ الْمَتْنِ مُدْبِرِينَ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمْ مُدْبِرِينَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ لِنَحْوِ شَافِعِيٍّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأُولَئِكَ يَتَدَيَّنُونَ بِقَتْلِهِمْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ أَوْ اعْتِقَادًا إلَخْ دُونَ قَوْلِهِ لِعَدَاوَةٍ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلِاسْتِعَانَةِ بِمَنْ يَرَى قَتْلَ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: جَازَ إنْ كَانَ لَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الشَّيْخَانِ يَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حُسْنُ إقْدَامٍ وَجَرَاءَةٌ وَالثَّانِي أَنْ يُمْكِنَ دَفْعُهُمْ عَنْهُمْ إلَخْ زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ شَرْطًا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنْ يَشْرِطَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَشْرِطَ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ فِي قُدْرَتِنَا عَلَى دَفْعِهِمْ غُنْيَةً عَنْ ذَلِكَ اهـ نِهَايَةٌ قَالَ السَّيِّدُ عُمَرَ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ سم مَا نَصُّهُ يُتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ لَوْ شَعَرَ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَلْجَأَتْ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ وَقَوْلِهِ وَيَظْهَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَيْهِمْ) أَيْ الْكَافِرِ وَمَنْ يَرَى قَتْلَ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فَيَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ بِدُونِ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَا هُنَا) أَيْ قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِشَافِعِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: مُسْتَبِدٌّ) أَيْ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: وَهَؤُلَاءِ) أَيْ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ (قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) إلَى قَوْلِهِ هَذِهِ هِيَ الْعِبَارَةُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) أَيْ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَقَصْرُهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْمِيمِ لَحْنٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَكِّيٍّ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش (قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) أَيْ وَبِالْقَصْرِ مَعَ التَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي تَأَسِّيًا مُطْلَقًا وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ لَكِنَّ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي ضَبْطُ آمَنَهُمْ بِالْمَدِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ: مِنْ اللَّحْنِ قَصْرَ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِيُقَاتِلُونَا مَعَهُمْ) أَيْ لِيُعِينُوهُمْ عَلَيْنَا (قَوْلُهُ: فَنُعَامِلُهُمْ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَنَا غَنْمُ أَمْوَالِهِمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ وَمُدْبِرِهِمْ وَتَذْفِيفُ جَرِيحِهِمْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ لَنَا (قَوْلُهُ: إعَانَةُ بَعْضِكُمْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى بَعْضٍ أَيْ مِنْكُمْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ إلَخْ) أَيْ الْبَاغُونَ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعَاطِيفِ (قَوْلُهُ: وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ) أَيْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِيمَا صَدَرَ مِنْهُمْ) أَيْ قَبْلَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَحْكَامَ الْبُغَاةِ) أَيْ فَلَا نَسْتَبِيحُهُمْ لِلْأَمَانِ مَعَ عُذْرِهِمْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: هَذِهِ هِيَ الْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا م ر وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ اهـ أَيْ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ مُرَتَّبًا عَلَى تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ فَالْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ وَبِهِ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ سم وَقَاتَلْنَاهُمْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِمْ بِالْبُغَاةِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ فَمَنْ ظَفَرْنَا بِهِ مِنْهُمْ نُبَلِّغُهُ الْمَأْمَنَ فَيَكُونُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِكَافِرٍ) أَيْ يَحْرُمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا إنْ احْتَجْنَاهُمْ وَلَهُمْ إقْدَامٌ وَجَرَاءَةٌ وَأَمْكَنَ دَفْعُهُمْ أَيْ لَوْ اتَّبَعُوهُمْ بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ قَالَ فِي شَرْحِهِ زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ وَشَرَطْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَتْبَعُوا مُدْبِرًا وَلَا يَقْتُلُوا جَرِيحًا وَيَثِقُ بِوَفَائِهِمْ بِذَلِكَ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مَعَ قَوْلِهِمْ وَأَمْكَنَ دَفْعُهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ الْأَمَانُ عَلَيْهِمْ) قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَإِذَا حَارَبُونَا مَعَهُمْ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُمْ فِي حَقِّهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>