(وَتَسْقُطُ عُقُوبَاتٌ تَخُصُّ الْقَاطِعَ) مِنْ تَحَتُّمِ قَتْلٍ وَصَلْبٍ وَقَطْعِ رِجْلٍ وَكَذَا يَدٍ وَعِبَارَتُهُ تَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ بِهِ الْقَاطِعُ اجْتِمَاعُ قَطْعِهِمَا فَهُمَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ إذَا سَقَطَ بَعْضُهَا سَقَطَ كُلُّهَا (بِتَوْبَةٍ) عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ عَمَلُهُ لِلْآيَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَخُصُّهُ كَالْقَوَدِ وَضَمَانِ الْمَالِ (لَا بَعْدَهَا) وَإِنْ صَلَحَ عَمَلُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَبْلٍ فِيهَا فَائِدَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا قَبْلَهَا لَا تُهْمَةَ فِيهَا وَبَعْدَهَا فِيهَا تُهْمَةُ دَفْعِ الْحَدِّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الظَّفَرِ بِهِ سَبْقَ تَوْبَةٍ قَبْلَهُ وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ صِدْقِهِ فَوَجْهَانِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْهُمَا عَدَمُ تَصْدِيقِهِ لِلتُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ لِأَمَارَةٍ يُكَذِّبُهَا فِعْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً قُبِلَ.
(تَنْبِيهٌ)
وَقَعَ لَلْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وُجُوبُهُ لَا جَوَازُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحِ فَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ حَتْمًا. .
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَسْقُطُ إلَخْ) وَلَوْ ثَبَتَ قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ رَجَعَ قُبِلَ رُجُوعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ) أَيْ: دُونَ أَصْلِ الْقَتْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ بَلْ يُقْتَلُ قِصَاصًا لَا حَدًّا إلَّا إنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ فَيَسْقُطُ قَتْلُهُ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ وَصَلْبٍ إنْ عُطِفَ عَلَى قَتْلٍ كَانَ الْمَعْنَى وَتَحَتَّمَ صَلْبُهُ مَعَ أَنَّ الصَّلْبَ يَسْقُطُ مِنْ أَصْلِهِ فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى تَحَتُّمِ؛ لِأَنَّ الصَّلْبَ مِنْ حَيْثُ هُوَ عُقُوبَةٌ تَخُصُّهُ وَقَوْلُهُ وَقَطْعُ رِجْلٍ إلَخْ فَيَسْقُطُ قَطْعُ رِجْلِهِ وَيَدِهِ مَعًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ خِلَافَهُ فَإِنَّ الرِّجْلَ هِيَ الْمُخْتَصَّةُ بِالْقَاطِعِ وَالْيَدَ تُشَارِكُهُ فِيهَا السَّرِقَةُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَصَّ بِهِ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ وَقَوْلُهُ الْقَاطِعُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمُخْتَصِّ (قَوْلُهُ فَهُمَا) أَيْ: الرِّجْلُ وَالْيَدُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بَعْضُهَا) وَهُوَ هُنَا قَطْعُ الرِّجْلِ لَلْمُحَارَبَةِ وَقَوْلُهُ كُلُّهَا لَعَلَّ الْأَوْلَى الْبَاقِي وَهُوَ هُنَا قَطْعُ الْيَدِ.
(قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] الْآيَةُ وَالْمُرَادُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنْ لَا تَمْتَدَّ إلَيْهِمْ يَدُ الْإِمَامِ لِهَرَبٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ أَوْ امْتِنَاعٍ اهـ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ فِي أَسْبَابِهَا كَإِرْسَالِ الْجُيُوشِ لِإِمْسَاكِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْآيَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهَا) أَيْ التَّوْبَةَ قَبْلَهَا أَيْ: الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ لَا تُهْمَةَ فِيهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَعِيدَةٌ عَنْ التُّهْمَةِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْحَقِيقَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَظَهَرَتْ أَمَارَةُ صِدْقِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَمَارَةٍ) أَيْ: أَمَارَةِ صِدْقٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهَا عَلَى النَّدَمِ وَالْعَزْمِ مِنْ أَرْكَانِهَا وَنُطْقُهُ بِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسْتَدَلُّ بِالْقَرَائِنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ) أَقُولُ لَا عَجَبَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَتُّمُ فَالْمَعْنَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ تَحَتُّمُهُ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ لَا جَوَازُهُ فَلِلْوَلِيِّ اسْتِيفَاؤُهُ وَهَذَا مَعْنَى صَحِيحٍ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا فِي حَدِّ نَفْسِهِ يُوصَفُ بِالْجَوَازِ بِمَعْنَى عَدَمِ امْتِنَاعِ تَعَاطِيهِ وَبِالْوُجُوبِ أَيْ: التَّحَتُّمِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ سُقُوطِهِ فَإِذَا حَصَلَتْ التَّوْبَةُ سَقَطَ الْوَصْفُ الثَّانِي وَبَقِيَ الْوَصْفُ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ الْوَصْفَيْنِ ثَابِتَانِ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قِصَاصًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لَهُ فِي نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ هَذَا الْقَتْلِ الَّذِي يُسَمَّى قِصَاصًا لَهَا هَذَانِ الْوَصْفَانِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ إنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْقِصَاصِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْعِنْوَانِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِنْوَانَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ انْدِفَاعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَا عَجَبَ فِيمَا قَالَهُ وَلَا فِي سُكُوتِ مُحَشِّيهِ اهـ سم وَقَدْ يُجَابُ عَنْ طَرَفِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْقَتْلَ هُنَا وَظِيفَةُ الْإِمَامِ فَقَطْ دُونَ الْوَلِيِّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ نَظَرْنَا إلَى الْوَلِيِّ إلَخْ لِمُجَرَّدِ تَوْسِيعِ الدَّائِرَةِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ طَلَبِ الْوَلِيِّ إلَّا وَصْفَ الْوُجُوبِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ وَيُقْتَلُ حَدًّا، وَأَمَّا قَوْلُ السَّارِقِ وَإِنْ جَازَ أَوْ وَجَبَ إلَخْ فَأَوْ فِيهِ بِمَعْنَى بَلْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً قَبْلُ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ الْبَيِّنَةُ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهَا عَلَى النَّدَمِ، وَالْعَزْمُ مِنْ أَرْكَانِهَا، وَنُطْقُهُ بِذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَنْ غَيْرِ مُوَاطَأَةِ الْقَلْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسْتَدَلُّ بِالْقَرَائِنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ) أَقُولُ لَا عَجَبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّحَتُّمُ فَالْمَعْنَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ تَحَتُّمُهُ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ لَا جَوَازِهِ فَلِلْوَلِيِّ اسْتِيفَاؤُهُ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ الْبَيْضَاوِيِّ أَمَّا الْقَتْلُ قِصَاصًا فَإِلَى الْأَوْلِيَاءِ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وُجُوبُهُ لَا جَوَازُهُ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا فِي حَدِّ نَفْسِهِ يُوصَفُ بِالْجَوَازِ بِمَعْنَى عَدَمِ امْتِنَاعِ تَعَاطِيهِ وَبِالْوُجُوبِ أَيْ التَّحَتُّمِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ سُقُوطِهِ فَإِنْ حَصَلَتْ التَّوْبَةُ سَقَطَ الْوَصْفُ الثَّانِي وَبَقِيَ الْأَوَّلُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ الْوَصْفَيْنِ ثَابِتَانِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قِصَاصًا وَلَا يُفِيدُ كَوْنُهُ قِصَاصًا بَلْ بِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لَهُ فِي نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَ هَذَا الْقَتْلِ الَّذِي يُسَمَّى قِصَاصًا لَهُ هَذَانِ الْوَصْفَانِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ، أَمَّا الْقَتْلُ قِصَاصًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْقِصَاصَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْعُنْوَانِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعُنْوَانَ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ لِتَعْلَمَ انْدِفَاعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَا عَجَبَ فِيمَا قَالَهُ وَلَا فِي سُكُوتِ مُحَشِّيهِ وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى تَأْوِيلٍ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنْ الِاسْتِطَالَةِ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ وَمُحَشِّيهِ بِمَا لَا مَنْشَأَ لَهُ إلَّا إهْمَالُ التَّأَمُّلِ وَعَدَمُ مُرَاعَاةِ الْقَوَاعِدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم