للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ يَخْشَى مِنْهُ مَوْتَهُ بِالْجَلْدِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ بِالْقَطْعِ فَيُبَادِرْ بِهِ وُجُوبًا، وَخَرَجَ بِطَالَبُوهُ مَا لَوْ طَالَبَهُ بَعْضُهُمْ فَلَهُ أَحْوَالٌ فَحِينَئِذٍ (إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قُطِعَ) وَلَا يُوَالِي بَيْنَهُمَا خَوْفَ الْمَوْتِ فَيَفُوتُ قَوَدُ النَّفْسِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرْفٍ) وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ وَاحْتِمَالُ تَأْخِيرِ مُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ لَا إلَى غَايَةٍ فَيَفُوتُ الْقَتْلُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَبْنَى الْقَوَدِ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ مَا أَمْكَنَ فَانْدَفَعَ اسْتِحْسَانُ جَبْرِهِ عَلَى الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ وَالْإِذْنِ لِمُسْتَحِقِّ النَّفْسِ بِالتَّقَدُّمِ فَإِنْ أَبِي مَكَّنَ الْحَاكِمُ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ (فَإِنْ بَادَرَ) مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ (فَقَتَلَ) فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِتَعَدِّيهِ وَحِينَئِذٍ (فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَةٌ) فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ وَطَالَبَ الْآخَرَانِ (فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرَيْنِ) وُجُوبًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِمَا أَوْ اسْتِيفَاءَ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَطَعَ نَحْوَ أُنْمُلَةٍ لِأَنَّ الْجُرْحَ عَظِيمُ الْخَطَرِ وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الزُّهُوقِ فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا.

(وَلَوْ اجْتَمَعَ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى) كَأَنْ زَنَى بَكْرًا وَسَرَقَ وَشَرِبَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ) وُجُوبًا (الْأَخَفُّ) مِنْهَا (فَالْأَخَفُّ) حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقَتْلِ كَحَدِّ الشُّرْبِ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ مِنْهُ الْجَلْدُ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ الْقَطْعُ فَالْقَتْلُ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي تَقْدِيمِ قَطْعِ السَّرِقَةِ عَلَى التَّغْرِيبِ وَيُتَّجَهُ تَقَدُّمُ التَّغْرِيبِ؛ لِأَنَّهُ الْأَخَفُّ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ هَلَاكٌ ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا رَجَّحَ عَكْسَهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا ثُمَّ رِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ أَوْ قَتْلُ زِنًا وَقَتْلُ رِدَّةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ رُجِمَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَكَالًا وَقَالَ الْقَاضِي يُقْتَلُ لِلرِّدَّةِ إذْ فَسَادُهَا أَشَدُّ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِمَامَ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَلَوْ اجْتَمَعَاهُمَا وَقَتْلُ قَطْعِ الطَّرِيقِ قُدِّمَ وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ حَدٌّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ.

(أَوْ) اجْتَمَعَ (عُقُوبَاتٌ) لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ خِفَّةً أَوْ غِلَظًا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ أَوْ عُقُوبَاتٌ (لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيِّينَ) كَأَنْ كَانَ مَعَ هَذِهِ حَدُّ قَذْفٍ وَكَأَنْ شَرِبَ وَزَنَى وَقَذَفَ وَقَطَعَ وَقَتَلَ (قُدِّمَ) حَقُّ الْآدَمِيِّ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَا قَتْلًا فَيُقَدَّمُ (حَدُّ قَذْفٍ) وَقَطْعٍ (عَلَى) حَدِّ (زِنًا) لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ وَلَوْ أَغْلَظُ كَمَا قَالَ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ: يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ إلَخْ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ سم وع ش (قَوْلُهُ فَيُبَادِرُ بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِ (قَوْلُ الْمَتْنِ إذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ جُلِدَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ كَانَ الْمُصَنِّفُ غَنِيًّا عَنْ هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا غَابَ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَهُ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَطَالَبَ الْآخَرَانِ) إلَى قَوْلِهِ بِاسْتِيفَائِهِمَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ إلَخْ) سَوَاءٌ تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُ النَّفْسِ أَمْ تَأَخَّرَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَاحْتِمَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانُ جَبْرِهِ إلَخْ) هَذَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالْكَثِيرَةُ إجْبَارُهُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى) أَيْ: مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مُكِّنَ الْحَاكِمُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْقَتْلِ وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الِاسْتِحْسَانِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْقِيَاسُ) أَيْ: لِمَا سَبَقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَطَعَ إلَخْ) غَايَةٌ فِي الْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ نَحْوَ أُنْمُلَةٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بَعْضَ أُنْمُلَةٍ اهـ. .

(قَوْلُهُ كَأَنْ زَنَى) إلَى قَوْلِهِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ثُمَّ رَأَيْت إلَى وَلَوْ اجْتَمَعَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى قَالَ الْقَاضِي (قَوْلُ الْمَتْنِ قُدِّمَ الْأَخَفُّ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْحُدُودِ تَعْزِيرٌ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ بُرْئِهِ مِنْهُ الْجَلْدُ) أَيْ: وَالتَّغْرِيبُ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَالْقَتْلُ) أَيْ: بِغَيْرِ مُهْلَةٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ تَقْدِيمُ التَّغْرِيبِ) أَيْ: عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ وَمَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي آنِفًا اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ رَجَّحَ عَكْسَهُ) أَيْ: تَقْدِيمَ قَطْعِ السَّرِقَةِ عَلَى التَّغْرِيبِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ قَبْلَ قَطْعِ السَّرِقَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ قُدِّمَ الْأَخَفُّ اهـ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ إلَخْ) وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ فِي غَيْرِ مُحَارَبَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُدِّمَ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَرَجَعَ الْآخَرُ إلَى الدِّيَةِ وَفِي انْدِرَاجِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ فِيمَا لَوْ سَرَقَ وَقَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَجْهَانِ أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا نَعَمْ اهـ مُغْنِي وَوَافَقَهُ النِّهَايَةُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ فَقَالَ أَوْجَهُهُمَا لَا فَيُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ ثُمَّ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ لِلْمُحَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَفُوتُ بِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْهِ مَالَ سم اهـ.

(قَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ: لِلسَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ رُجِمَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إلَخْ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَخْ (قَوْلُهُ رُجِمَ إلَخْ) وَيَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الرِّدَّةِ رَجَّحَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ

مَصْلَحَةً

) أَيْ: فَإِنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ فِي قَتْلِهِ بِالزِّنَا رَجَمَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَاهُمَا) أَيْ: قَتْلُ زِنًا وَقَتْلُ رِدَّةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَيْسَ حَقَّ آدَمِيٍّ مَعَ أَنَّ فِي الزِّنَا مَعَ إكْرَاهِ الْمُزَنِيّ بِهِ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَعْرَاضِ اهـ سم. .

(قَوْلُهُ أَوْ اجْتَمَعَ عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ) مَا صُورَةُ الِاسْتِوَاءِ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ كَقَذْفِ اثْنَيْنِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَعَ هَذِهِ) أَيْ: حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالِارْتِدَادِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ شَرِبَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى كَأَنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُفَوِّتْ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَقَوْلُهُ قَتْلًا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ إلَخْ) دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَأْخِيرِ الْجَلْدِ لِلْمَرَضِ (قَوْلُهُ فَيُبَادِرُ بِهِ وُجُوبًا) قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ م ر.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ آدَمِيٌّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَيْسَ حَقُّ آدَمِيٍّ مَعَ أَنَّ فِي الزِّنَا مَعَ إكْرَاهِ الْمَزْنِيِّ بِهِ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَعْرَاضِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ) مَا صُورَةُ الِاسْتِوَاءِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لِلْآدَمِيِّ وَاسْتَوَتْ كَقَذْفِ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَفِي انْدِرَاجِ قَطْعِ السَّرِقَةِ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ فِيمَا لَوْ سَرَقَ وَقَتَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>