وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَمَى أَحَدُ الرَّعِيَّةِ حِمًى وَرَعَاهُ فَلَا يَغْرَمُ وَلَا يُعَزَّرُ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُسْتَحَقِّينَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَمَنْ قَالَ لِمُخَاصِمِهِ ابْتِدَاءً ظَالِمٌ فَاجِرٌ أَوْ نَحْوُهُ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَبِهِ إنْ صَحَّ يَتَقَيَّدُ قَوْلُ غَيْرِهِ يُعَزَّرُ فِي سَبٍّ لَا حَدَّ فِيهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَكَأَنَّ وَجْهَ اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَخْلُو عَنْهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ وَكَرِدَّةٍ وَقَذْفِهِ لِمَنْ لَاعَنَهَا وَتَكْلِيفِهِ قِنَّهُ مَا لَا يُطِيقُ وَضَرْبِهِ تَعَدِّيًا حَلِيلَتَهُ وَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الْكُلِّ لَكِنْ اُعْتُرِضَتْ الْأَخِيرَةُ بِوَطْءِ الْحَائِضِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا أَفْحَشُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ وَطْءَ الدُّبُرِ رَذِيلَةٌ يَنْبَغِي عَدَمُ إذَاعَتِهَا، وَكَالْأَصْلِ لِحَقِّ فَرْعِهِ مَا عَدَا قَذْفِهِ كَمَا مَرَّ وَكَتَأْخِيرِ قَادِرٍ نَفَقَةَ زَوْجَةٍ طَلَبَتْهَا أَوَّلَ النَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوَكَّلَ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ قَالَهُ الْإِمَامُ
وَفَهْمُ انْتِفَاءُ التَّعْزِيرِ مِنْهُ الْمُوجِبِ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ مُرَادُهُ لَا يُحْبَسُ لِكَوْنِهَا دَيْنًا فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِمُضِيِّ النَّهَارِ إذْ لَوْ نَشَزَتْ مَثَلًا أَثْنَاءَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَكَتَعْرِيضِ أَهْلِ الْبَغْيِ بِسَبِّ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُقَالُ انْتِفَاءُ تَعْزِيرِهِمْ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فَلَيْسُوا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْبَحْرِ رُبَّمَا هَيَّجَهُمْ التَّعْزِيرُ لِلْقِتَالِ فَيُتْرَكُ إنْ تَرَكَهُ لَيْسَ لِكَوْنِ سَبَبِهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ، وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ فِيهِ إلَّا الضَّرْبُ الْمُبَرِّحِ فَلَا يُضْرَبُ أَصْلًا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ
ــ
[حاشية الشرواني]
خِلَافُ ظَاهِرِ صَنِيعِ الشَّارِحِ بَلْ سِيَاقُهُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ مِنْ مَقُولِ الْبُلْقِينِيِّ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَّا بِنَقْلٍ، فَضَمِيرُ وَبِفَرْضِهِ حِينَئِذٍ لِلْعِصْيَانِ أَوْ التَّحْرِيمِ فَلَا إشْكَالَ وَلَا جَوَابَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ: الدُّخُولِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ قَالَهُ) أَيْ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ: بِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (قَوْلُهُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ) أَيْ: نَحْوُ ظَالِمٍ (قَوْلُهُ أَنَّ أَحَدًا) أَيْ: مِنْ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ لَا يَخْلُو عَنْهَا) كَوْنُ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِلتَّعْزِيرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، وَأَمَّا جَوَازُ التَّقَاصِّ فِيهِ الْمَارُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ فَوَجْهُهُ وَاضِحٌ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ أَيْ: بِأَنْ يُرَدُّ الْمَسْبُوبُ عَلَى سَابِّهِ بِقَدْرِ سَبِّهِ مِمَّا لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا قَذْفَ كَيَا ظَالِمُ وَيَا أَحْمَقُ، وَقَوْلُهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ أَيْ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ صَحَّ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا جَوَازُ التَّقَاصِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَرَدَّةٍ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ اُعْتُرِضَتْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَذْفِهِ لِمَنْ لَاعَنَهَا (قَوْلُهُ قِنَّهُ) أَيْ أَوْ دَابَّتَهُ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا) قِيلَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ أَمَّا هِيَ فَتُعَزَّرُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِنَقْلٍ م ر سم وَع ش (قَوْلُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الْمُرَادُ بِهِ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ إلَخْ يُوهِمُ جَرَيَانَهُ فِي الْكُلِّ أَعْنِي قَوْلَهُ كَرِدَّةٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِوَطْءِ الْمَرْأَةِ فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ مُخَالَفَةُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ فِيهِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ: فِي الرِّدَّةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا اهـ سَيِّدْ عُمَرْ وَقَالَ ع ش الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَذَوِي الْهَيْئَاتِ إلَى هُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّقْيِيدَ لَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّانِي وَيَدْخُلُ فِيهِ حِينَئِذٍ مَنْ قَطَعَ أَطْرَافَهُ مَرَّاتٍ اهـ أَقُولُ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الشَّارِحِ وَصَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لَكِنْ اُعْتُرِضَتْ الْأَخِيرَةُ بِوَطْءِ الْحَائِضِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِهِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا) أَيْ وَطْءَ الْحَائِضِ (قَوْلُهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَطْءَ الْحَلِيلَةِ فِي دُبُرِهَا غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَدَمُ كُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ اهـ ع ش أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ كُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ صَوَابُهُ إسْقَاطُ عَدَمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُحَرَّفٌ مِنْ عَلَى.
(قَوْلُهُ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ لِحَقِّ فَرْعِهِ) أَيْ: فَلَا يُعَزَّرُ فِيهِ وَقَوْلُهُ مَا عَدَا قَذْفَهُ أَيْ: فَيُعَزَّرُ فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَكَتَأْخِيرِ قَادِرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ إلَى وَكَتَعْرِيضِ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَفَهْمُ انْتِفَاءِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَكَتَعْرِيضِ أَهْلِ الْبَغْيِ) إلَى قَوْلِهِ وَنُوزِعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي رَدِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ عِنْدَنَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ لَا يَخْفَى أَنَّ تَعْرِيضَ الْغَيْرِ بِمَا يَكْرَهُهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغِيبَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ اهـ رَشِيدِيٌّ وَع ش.
(قَوْلُهُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ) فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ هُوَ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فِي حُكْمِ الْقَذْفِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ اهـ سم أَيْ: بَلْ فِي الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ لِكَوْنِ سَبِّهِ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ) أَيْ: فَهُوَ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِسَبِّ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ أَيْضًا مَعْصِيَةٌ وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الْبَحْرِ ثُبُوتُ التَّعْزِيرِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي انْتَفَى بِسَبَبِهِ تَعْزِيرُهُمْ عَلَى سَبِّ الْإِمَامِ وَكَذَا قَضِيَّةُ ثُبُوتِ تَعْزِيرِ غَيْرِهِمْ بِسَبِّ الْإِمَامِ لِذَلِكَ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَكَمَنْ لَا يُفِيدُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي شَرْحِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
(قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَشْمَلُ الْقَتْلَ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ قَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا حَدَّ فِيهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَوَدَ (قَوْلُهُ وَوَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا إلَخْ) قِيلَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ أَمَّا هِيَ فَلَا تُعَزَّرُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِنَقْلٍ م ر (قَوْلُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الْمُرَادُ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ م ر (قَوْلُهُ لَكِنْ اُعْتُرِضَتْ الْأَخِيرَةُ بِوَطْءِ الْحَائِضِ) فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِهِ م ر (قَوْلُهُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْغَيْرِ بِمَا يَكْرَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْغِيبَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي مَبْحَثِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ فِي حَدِّ الْغِيبَةِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ أَوْ إيمَاءٍ بَلْ وَبِالْقَلْبِ إنْ أَصَرَّ عَلَى اسْتِحْضَارِهِ انْتَهَى فَهُوَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، فَعَدَمُ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ هُنَا إذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ الْمُعْرِضِ بِهِ يُوجِبُ الِاسْتِثْنَاءَ فَقَوْلُهُ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ هُوَ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ فِي حُكْمِ الْقَذْفِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ لِكَوْنِ سَبَبِهِ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ) أَيْ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِسَبِّ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ مَعْصِيَةٌ وَقَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الْبَحْرِ بِثُبُوتِ التَّعْزِيرِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الَّذِي انْتَفَى بِسَبَبِهِ تَعْزِيرُهُمْ عَلَى سَبِّ الْإِمَامِ وَكَذَا ثُبُوتُ تَعْزِيرِ غَيْرِهِمْ بِسَبِّ الْإِمَامِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ م ر