بِكَسْرِ السِّينِ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ إزَالَةً لِشَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَالْفَصْدِ، وَمِثْلُهَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي الْعُضْوُ الْمُتَآكَلُ (إلَّا مَخُوفَةً) مِنْ حَيْثُ قَطْعُهَا (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا) أَصْلًا، بَلْ فِي قَطْعِهَا وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَا يَظْهَرُ، (أَوْ) فِي كُلٍّ مِنْ قَطْعِهَا وَتَرْكِهَا خَطَرٌ، لَكِنْ (الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي تَرْكِهَا؛ فَيُمْتَنَعُ الْقَطْعُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوَيَا، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ، أَوْ كَانَ التَّرْكُ أَخْطَرَ، أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ وَجَهِلَ حَالَ التَّرْكِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ لَا خَطَرَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا مِنْ غَيْرِ أَدَائِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ إذَا قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنَّ عَدَمَهُ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ أَيْ عَدْلٍ رِوَايَةً، وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ فِيمَا يَأْتِي أَيْ: وَعِلْمُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ، (وَلِأَبٍ وَجَدٍّ) لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا، وَأُلْحِقَ بِهِمَا السَّيِّدُ فِي قِنِّهِ وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً وَلَمْ تُقَيَّدْ بِذَلِكَ فِي التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ (قَطْعُهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ) فِي كُلٍّ، لَكِنْ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَى الْقَطْعِ لِصَوْنِهِمَا مَالَهُ فَبَدَنُهُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا انْحَصَرَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ أَوْ زَادَ خَطَرُهُ اتِّفَاقًا أَوْ اسْتَوَيَا، وَفَارَقَا الْمُسْتَقِلَّ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلْإِنْسَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ، (لَا) قَطْعُهَا مَعَ خَطَرٍ فِيهِ (لِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَوَصِيٍّ، فَلَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ شَفَقَةُ الْأَبِ وَالْجَدِّ
(وَلَهُ) أَيْ: الْأَصْلِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (وَلِسُلْطَانٍ) وَنُوَّابِهِ وَالْوَصِيِّ (قَطْعُهَا) إذَا كَانَ (بِلَا خَطَرٍ) فِيهِ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرْكِ خَطَرٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ وَأَبٍ لَا وِلَايَةَ لَهُ ذَلِكَ بِحَالٍ، فَإِنْ فَعَلَهُ فَسَرَى لِلنَّفْسِ اقْتَصَّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إمَّا أَوَّلًا فَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ حَيْثُ اعْتَمَدَ مَعْرِفَةَ نَفْسِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَلَى الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ النَّاشِرِيِّ خِلَافَهُ فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ قَالَ: لِأَنَّ كَسْبَهُ لِسَيِّدِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ إعْتَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مِثْلُهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَوْرًا فَلَا نَظَرَ؛ لِاحْتِمَالِ تَفْوِيتِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ بِهَلَاكِهِ بِالْقَطْعِ، نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَهُ سم فِي الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِسَنَةٍ مَثَلًا ع ش.
(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ السِّينِ) وَحُكِيَ فَتْحُهَا مَعَ سُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا اهـ. مُغْنِي فَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحِمَّصَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ لَكِنَّهَا مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فِيهِ) صِفَةُ سِلْعَةٍ أَيْ: كَائِنَةٍ فِيهِ سم، وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعٍ ع ش أَيْ: وَالضَّمِيرَانِ لِلْمُسْتَقِلِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمِثْلُ السِّلْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي الْعُضْوُ الْمُتَآكِل قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَجُوزُ الْكَيُّ وَقَطْعُ الْعُرُوقِ لِلْحَاجَةِ وَيُسَنُّ تَرْكُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ وَإِنْ عَظُمَ أَلَمُهُ وَلَمْ يُطِقْهُ؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ فَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ مَحْرَقٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ إلَى مَائِعٍ مُغْرِقٍ وَرَآهُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى لَفَحَاتِ الْمُحْرِقِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ، وَقَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلَخْ كَذَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) أَيْ: شَأْنُهُ هَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ وَجَهِلَ حَالَ التَّرْكِ إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ: لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَا الْقِسْمِ وَلَا لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ الْمَجْهُولَ حَالُهُ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ فَيَدْخُلَ فِيمَا يَأْتِي، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ فَيَدْخُلَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ سم وع ش. (قَوْلُهُ: بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَهُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ الْآتِيَةِ اهـ. أَسْنَى. (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ إذَا قَالَ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ اسْتِحْبَابُهُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكْفِي عِلْمُ الْوَلِيِّ) أَيْ: بِالطِّبِّ اهـ. ع ش، وَالْأَوْلَى بِأَنَّ عَدَمَ قَطْعِهَا يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) إلَى قَوْلِهِ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: السَّيِّدُ فِي قِنِّهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ قِيمَةً) أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ أَقَامَهَا الْأَبُ وَصِيَّةً، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ أَيْ: حُكْمَ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا قَيِّمَةً ع ش. (قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ) أَيْ: مِنْ الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَوَيَا) أَيْ: عَلَى الصَّحِيحِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَا) أَيْ: الْأَبُ وَالْجَدُّ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُمْ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً جَازَ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرٌ اهـ. مُغْنِي وَيُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمُ: وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ قَيِّمَةً. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَصْلُ الْأَبُ وَالْجَدُّ) هَذَا يَصْدُقُ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَالْأَوْلَى أَيْ: لِلْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ الْجَلَالَ وَالنِّهَايَةَ اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: أَفَادَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: الْآتِي وَأَبٌ لَا وِلَايَةَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَبٌ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا اهـ. ع ش أَيْ: أَوْ رَقِيقًا أَوْ سَفِيهًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الْأَجْنَبِيُّ أَوْ الْأَبُ الَّذِي لَا وِلَايَةَ لَهُ. (قَوْلُهُ: لِلنَّفْسِ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: اقْتَصَّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ: وَعَلَى الْأَبِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا عَنْ هَذَا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) الْقَلْبُ إلَى تَقْيِيدِ الزَّرْكَشِيّ أَمْيَلُ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُحَشِّيَّ سم قَالَ: قَوْلُهُ: اقْتَصَّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْخَطَرِ فِي الْقَطْعِ فَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْقَطْعَ حِينَئِذٍ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا فِي قَطْعِ أُنْمُلَةٍ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوَيَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ كَانَ التَّرْكُ أَخْطَرَ أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ قَطَعَهُمَا أَيْ: الْغُدَّةَ وَالْيَدَ الْمُتَأَكِّلَةَ مِنْ الْمُسْتَقِلِّ أَجْنَبِيٌّ بِلَا إذْنٍ فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَكَذَا الْإِمَامُ أَيْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ بِقَطْعِهِمَا بِلَا إذْنٍ. اهـ. ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا غَلَبَتْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَطْعِ خَطَرٌ وَجَهِلَ حَالَ التَّرْكِ فِيمَا يَظْهَرُ) لَك أَنْ تَقُولَ: لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَا الْقِسْمِ وَلَا لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ الْمَجْهُولَ حَالُهُ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ فَيَدْخُلَ فِيمَا يَأْتِي، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ فَيَدْخُلَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَهُ فَسَرَى لِلنَّفْسِ اقْتَصَّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) صَرِيحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute