وَمَحْرَمٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ خَدَّ عَائِشَةَ لِحُمَّى أَصَابَتْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ الصَّحِيحِ فِي جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ تَقْبِيلِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ غَيْرِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ وَمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ
. وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ بِمُهْمَلَةٍ وَمُعْجَمَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ حَرَكَةٌ مُزْعِجَةٌ رُبَّمَا تَوَلَّدَ عَنْهُ نَحْوُ لَقْوَةٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى لَهُ بِالرَّحْمَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِبَقَائِهِ عَلَى سَمْتِهِ وَخِلْقَتِهِ وَالْمَانِعَةِ مِنْ شَمَاتَةِ عَدُوِّهِ بِهِ إذَا حَمِدَ بِيَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك.
وَإِنَّمَا سُنَّ فِي السَّلَامِ رَدًّا وَجَوَابًا ضَمِيرُ الْجَمْعِ وَلَوْ لِلْوَاحِدِ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ كَمَا مَرَّ، وَلِصَغِيرٍ بِنَحْوِ: أَصْلَحَك اللَّهُ، أَوْ: بَارَكَ فِيك، وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْحَمْدِ، فَإِنْ شَكَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ إنْ حَمِدْته، وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ» أَيْ: وَجَعِ الضِّرْسِ وَاللَّوْصِ أَيْ: وَجَعِ الْأُذُنِ وَالْعِلَّوْصِ وَهُوَ وَجَعُ الْبَطْنِ، وَتَكْرِيرُ التَّشْمِيتِ إلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ بَعْدَهَا يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا عَلِمَهُ مَزْكُومًا؛ وَحَذَفُوهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ تَتَابُعِهَا عُرْفًا مَظِنَّةُ الزُّكَامِ وَنَحْوِهِ، يَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ يُسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا مُطْلَقًا وَيُسَنُّ لِلْعَاطِسِ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِهِ وَخَفْضُ
ــ
[حاشية الشرواني]
اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُحْرِمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَقْبِيلٌ إلَخْ) وَتُنْدَبُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ بَشَاشَةِ الْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا لِلتَّلَاقِي، وَلَا أَصْلَ لِلْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَ بَابًا لِغَيْرِهِ مُغْلَقًا يُنْدَبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ وَإِلَّا رَجَعَ، فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ: مَنْ أَنْتَ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ أَوْ يَقُولَ: الْقَاضِي فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطِبُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا أَوْ الْخَادِمُ، وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرِ الْأَشْرَارِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ، وَتُنْدَبُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: تَقْبِيلُ قَادِمٍ) أَيْ: وَجْهَهُ صَالِحًا أَمْ لَا اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمُعَانَقَتُهُ) وَيُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ: التَّقْبِيلُ وَالْمُعَانَقَةُ لِغَيْرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ نَحْوِ الْمُحْرَمِ) كَالْمَلِكِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا سُنَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِمُهْمَلَةٍ إلَى إذَا حَمِدَ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إلَخْ) ، وَيُنْدَبُ رَدُّ التَّثَاؤُبِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ غَلَبَهُ سَتَرَ فَمَه بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَنْ يُرَحِّبَ بِالْقَادِمِ الْمُسَلِّمِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: مَرْحَبًا وَأَنْ يُلَبِّيَ الْمُسَلِّمُ الْمُنَادِيَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: لَهُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَوْ لَبَّيْكَ فَقَطْ، أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَحْرِيمُ تَلْبِيَةِ الْكَافِرِ وَالتَّرْحِيبُ بِهِ، وَبَعِيدٌ اسْتِحْبَابُ تَلْبِيَةِ الْفَاسِقِ وَالتَّرْحِيبُ بِهِ أَيْضًا، وَأَنْ يُخْبِرَ أَخَاهُ بِحُبِّهِ لَهُ فِي اللَّهِ وَأَنْ يَدْعُوَ لِمَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْ حَفِظَك اللَّهُ أَوْ نَحْوَهُمَا، وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ الْجَلِيلِ فِي عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاك أَوْ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي، وَدَلَائِلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى وَأَنْ يُخْبِرَ (قَوْلُهُ: بِمُهْمَلَةٍ إلَخْ) أَيْ: فِي التَّشْمِيتِ اهـ شَرْحٌ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ لَقْوَةٍ) اللَّقْوَةُ دَاءٌ فِي الْوَجْهِ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَانِعَةُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَضَمِّنَةُ (قَوْلُهُ: إذَا حَمِدَ) مُتَعَلِّقٌ بِيُسَنُّ، وَقَوْلُهُ: بِيَرْحَمُك اللَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَالتَّشْمِيتُ لِلْمُسْلِمِ بِيَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ رَبُّك وَيُرَدُّ بِيَهْدِيك اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، وَتَشْمِيتُ الْكَافِرِ بِيَهْدِيك اللَّهُ وَنَحْوِهِ لَا بِيَرْحَمُك اللَّهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: رَدًّا) الْأَصْوَبُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ) فِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ مَعَ الْعَاطِسِ مَلَائِكَةٌ أَيْضًا وَيُنَاقِشُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: الْآتِي بِنَحْوِ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَلِصَغِيرٍ) أَيْ: وَمَا تَقَدَّمَ لِكَبِيرٍ وَيُشَمِّتُ لِصَغِيرٍ إلَخْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَصْلَحَك اللَّهُ إلَخْ) كَأَنْشَأَك اللَّهُ إنْشَاءً صَالِحًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ: التَّشْمِيتُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِصَغِيرٍ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُهُ بِالْمُمَيِّزِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَمْدِ) أَيْ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَأْتِي بِهِ ثَانِيًا بَعْدَ الْحَمْدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ حَمِدَهُ إلَخْ) أَيْ: وَتَحْصُلُ بِهَا سُنَّةُ التَّشْمِيتِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَذْكِيرُهُ الْحَمْدَ) أَيْ: إنْ تَرَكَهُ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَالْعِلَّوْصُ) كَسِنَّوْرٍ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَتَكْرِيرُ التَّشْمِيتِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ) كَعَافَاك اللَّهُ أَوْ شَفَاك اللَّهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ: الدُّعَاءَ بِالشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: وَحَذَفُوهُ) أَيْ: حَذَفَ غَيْرُهُ ذَلِكَ الْقَيْدَ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّهَا) أَيْ: الْعُطَاسَ الزَّائِدَةَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عُرْفًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِتَكَرُّرِهَا) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يُجَبْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِلْحَدِيثِ إلَى وَإِجَابَةٌ.
(قَوْلُهُ وَضْعُ شَيْءٍ) يَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ نَحْوِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَخَفْضُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ لَا يُشْتَهَى وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا قَالَ الْعَاطِسُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لَمْ يُشَمَّتْ إلَى أَنْ قَالَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُتَابَعْ كَذَلِكَ يُسَنُّ التَّشْمِيتُ بِتَكَرُّرِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا سُنَّ تَشْمِيتُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ إلَى ثَلَاثٍ إلَخْ فَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ مُتَوَالِيًا يُفْهِمُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيَظْهَرُ إلَخْ