للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (جِهَادٌ) وَلَوْ مَعَ عَدَمِ سَفَرٍ، (إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ) وَإِنْ عَلَيَا مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَإِنْ كَانَا قِنَّيْنِ؛ لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ؛ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا لَهُ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَصَحَّ: «أَلَك وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ فَأَكْرِمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا.» هَذَا (إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ؛ لِاتِّهَامِهِ بِمَنْعِهِ لَهُ حَمِيَّةً لِدِينِهِ وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا لِلْمُقَاتِلِينَ.

وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ اسْتِئْذَانُ سَيِّدِهِ أَيْضًا، وَالْقِنُّ يَحْتَاجُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَبَوَيْهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِلَا إذْنٍ سَفَرٌ مَعَ الْخَوْفِ وَإِنْ قَصُرَ مُطْلَقًا وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ.

إلَّا لِعُذْرٍ، كَمَا قَالَ: (لَا سَفَرَ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) ، وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ، لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمَا مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ: وَقْتَهُ فِي الْعَادَةِ أَوْ أَرَادُوهُ؛ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْوُجُوبِ؛ وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ أَنَّ لَهُمَا مَنْعَ مَنْ أَرَادَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ فِعْلِهَا عَمَّنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا فِي حَيَاتِهِ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْوَاجِبِ رِعَايَةً لِعَظِيمِ فَضْلِهَا جَوَازُهُ هُنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا عَنْ ذِمَّتِهِ لَوْ اسْتَطَاعَ بَعْدُ. (وَكَذَا كِفَايَةٌ) مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَةٍ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْأَصْلِ (فِي الْأَصَحِّ) ، إنْ كَانَ السَّفَرُ آمِنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ، وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَوْجَهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ أَوْ رُجِيَ بِقَرِينَةِ زِيَادَةِ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادِ أُسْتَاذٍ كَمَا يَكْتَفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ بِتَوَقُّعِ زِيَادَةٍ أَوْ رَوَاجٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْأَصْلُ، وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ يَصْلُحُونَ لِلْإِفْتَاءِ أَمْ لَا، وَفَارَقَ الْجِهَادَ لِخَطَرِهِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغَ مَا قَصَدَهُ، وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ السَّفَرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَبَثِ.

وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

اهـ رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: عَلَى حُرٍّ) إلَى قَوْلِهِ وَلِقَوْلِهِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ كَانَ الْحَيُّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَيَا) قِيَاسُهُ عُلْوًا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ جَاءَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ فَيُقَالُ فِي مُضَارِعِهِ يَعْلُو وَيُعْلَى وَعَلَيْهِ فَمَا هُنَا عَلَى إحْدَى اللُّغَتَيْنِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ أَيْ: فِي الْجِهَادِ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمَا لَهُ حَالٌ مِمَّنْ اسْتَأْذَنَهُ وَقَوْلُهُ «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي رِوَايَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: تَحْرِيمُ الْجِهَادِ بِدُونِ إذْنِ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ اسْتِئْذَانُ الْكَافِرِ) أَيٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا الْمُنَافِقُ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: حَمِيَّةً لِدِينِهِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ يَهُودِيًّا وَالْمُقَاتِلُونَ نَصَارَى أَوْ عَكْسُهُ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَمِيَّةِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَقَدْ يَمْنَعُ دَعْوَى الْقَطْعِ بِأَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْمُبَعَّضَ) أَيْ: إذَا أَرَادَ الْجِهَادَ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَكَذَا الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ وَالْقِنُّ يَحْتَاجُ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَأَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُكَلَّفِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فِي شَرْحٍ وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ كَالتِّجَارَةِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصِيرًا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ فَكَالْجِهَادِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَالْوَالِدُ الْكَافِرُ فِي هَذِهِ الْأَسْفَارِ كَالْمُسْلِمِ مَا عَدَا الْجِهَادَ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لِعُذْرٍ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ مَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَهُوَ تَحْرِيمُ السَّفَرِ الطَّوِيلِ مَعَ الْأَمْنِ بِلَا عُذْرٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ) يَشْمَلُ الْخَوْفَ وَقَيَّدَ بِالْأَمْنِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَقَدْ يُجْعَلُ الْوَاوُ هُنَا لِلْحَالِ فَيَكُونُ قَيْدًا اهـ سم، وَيُؤَيِّدُهُ لُزُومُ التَّكْرَارِ مَعَ مَا قَبْلَهُ لَوْ جَعَلَ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) وَمِنْهُ السَّفَرُ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِمَا لَا يَتَيَسَّرُ بَيْعُهُ أَوْ شِرَاؤُهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ يَتَيَسَّرُ لَكِنْ يَتَوَقَّعُ زِيَادَةً فِي ثَمَنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُسَافِرُ إلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَمَا يَكْتَفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ إلَخْ اهـ ع ش قَالَ سم هَلْ مِنْ الْعُذْرِ التَّنَزُّهُ اهـ.

(أَقُولُ) الظَّاهِرُ نَعَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا سَفَرَ تَعَلُّمٍ فَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ تَوَقَّعَ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَيْ: مِثْلُ تَعَلُّمِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّسَعَ وَقْتُهُ) كَتَعَلُّمِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ مَثَلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ تَكَرَّرَ خُرُوجُ قَوَافِلِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَهَلْ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ غَيْرِ آخِرِ قَافِلَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ جَوَازُهُ) أَيْ: جَوَازُ خُرُوجِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ عِلْمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا قَبْلَهُ اهـ سم أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِإِذْنِهِ) أَيْ: الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الْغَرَضِ) أَيْ: وَلَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: الْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ أَيْضًا فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْآمِنُ) بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ صِفَةُ سَفَرِهِ

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى وَيُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ مِنْ قِيَاسِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى الْجِهَادِ (قَوْلُهُ الْجِهَادُ) أَيْ: حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ الْأَبَوَيْنِ إلَّا إذَا دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِيهِ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَطَوِيلٌ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ مَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَهُوَ تَحْرِيمُ السَّفَرِ الطَّوِيلِ مَعَ الْأَمْنِ بِلَا عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ) شَمِلَ الْخَوْفَ وَقَيَّدَ بِالْأَمْنِ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي وَكَذَا كِفَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدْ تُجْعَلُ الْوَاوُ هُنَا لِلْحَالِ فَتَكُونُ قَيْدًا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) هَلْ مِنْ الْعُذْرِ التَّنَزُّهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ إلَخْ) لَوْ تَكَرَّرَ خُرُوجُ قَوَافِلِ أَهْلِ بَلَدِهِ فَهَلْ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ غَيْرِ آخِر قَافِلَةٍ؟ . (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>