(صُدِّقَ) وَحَلَفَ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ نَعَمْ إنْ أُسِرَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِي الْأُولَى يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَحُضُورِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ قَدْرًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فِيهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
. (وَفِي دَعْوَى الْأَمَانِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِسُهُولَتِهَا وَرَّدُوهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِهِ أَوْ بِنَحْوِهِ. (وَيُشْتَرَطُ لِعَقْدِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) الْعَامُّ أَوْ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعِظَامِ فَاخْتُصَّتْ بِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الْعَامُّ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا. (الْإِجَابَةُ إذَا طَلَبُو) هَا لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ هُنَا مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ. (إلَّا) أَسِيرًا أَوْ. (جَاسُوسًا) مِنْهُمْ وَهُوَ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ بِخِلَافِ النَّامُوسِ فَإِنَّهُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ. (نَخَافُهُ) فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُمَا بَلْ لَا يُقْبَلُ مِنْ الثَّانِي لِلضَّرَرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ طَلَبَهَا مَكِيدَةٌ مِنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ. (وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) وَصَابِئَةٌ وَسَامِرَةٌ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي أَصْلِ دِيَتِهِمْ سَوَاءً الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي آيَتِهَا. (وَالْمَجُوسُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَقَالَ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ. (وَأَوْلَادُ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ) أَوْ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبَدَّلَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ وَذَبِيحَتِهِمْ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِبْضَاعِ وَالْمَيِّتَاتِ التَّحْرِيمُ بِخِلَافِ وَلَدِ مَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْد بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اكْتَفَوْا بِالْبَعْثَةِ وَإِنْ كَانَ النَّسْخُ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ وَسَبَبُهُ وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الضَّارَّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ بَعْدَ النَّسْخِ لَا أَحَدِهِمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ لِعَقْدِهَا لِمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَثَنِيٌّ كَمَا يَأْتِي. (أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ) أَيْ دُخُولِ الْأَبَوَيْنِ هَلْ هُوَ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ تَغْلِيبًا لِلْحَقْنِ أَيْضًا وَبِهِ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فِي نَصَارَى الْعَرَبِ قِيلَ لَا مَعْنَى لِإِطْلَاقِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَتَقْيِيدِهِ أَوْلَادَهُمْ
ــ
[حاشية الشرواني]
انْتَهَى وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُوجِبُ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ وَإِنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ فَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ سم وَقَوْلُهُ هَلْ يَجِبُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَبْذُهُ. اهـ. ع ش وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ وَالرَّدِّ الْآتِي عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَسُكُوتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْهِمَا عَنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَفَائِدَةُ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا صَرَّحَ بِمُؤَمِّنِهِ وَعَيَّنَهُ فَيُنْظَرُ هَلْ هُوَ مِمَّا يَصِحُّ أَمَانُهُ شَرْعًا أَمْ لَا (قَوْلُ الْمَتْنِ صُدِّقَ) أَيْ: فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ مُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ ذَلِكَ يُؤَمِّنُهُ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَدْخُلَ بِلَادَنَا إلَّا بِأَمَانٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أُسِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَنَا أَسِيرًا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لَا يَخْفَى تَعَسُّرُهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأُولَى) أَيْ: دَعْوَى دُخُولِهِ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: يُمَكَّن) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّمْكِينِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِنَحْوِهِ) كَالْتِزَامِ الْجِزْيَةِ، أَوْ كَوْنِهِ رَسُولًا. اهـ. ع ش وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْجِزْيَةَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَحَدِهِمَا) أَيْ: مِنْ الْإِمَام، أَوْ نَائِبه
(قَوْلُهُ: إذَا طَلَبُوهَا) فِيهِ كِتَابَةُ الْأَلِفِ فِي آخِرِ الْفِعْلِ الْمُتَّصِلِ بِالضَّمِيرِ وَلَوْ قَدَّرَ عَقْدَهَا كَمَا فِي الْمُغْنِي لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلْأَمْرِ بِهِ) أَيْ: بِقَبُولِ مَطْلُوبِهِمْ
(قَوْلُهُ: مَصْلَحَةٌ) بَلْ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَسِيرًا) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ بَذَلَهَا أَيْ: الْجِزْيَةَ أَسِيرُ كِتَابِيٌّ حَرُمَ قَتْلُهُ لَا إرْقَاقُهُ وَغُنْمُ مَالِهِ انْتَهَى. اهـ. سم وَمِثْلُهَا فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ نَخَافُهُ) أَيْ: الْجَاسُوسَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَسِيرِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا تُقْبَلُ) أَيْ: لَا تَجُوزُ إجَابَتُهُمْ (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّانِي) أَيْ: الْجَاسُوسِ
(قَوْلُهُ: لَوْ ظَهَرَ لَهُ) أَيْ: الْعَاقِدُ مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ (قَوْله مِنْهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ مُطْلَقًا جَاسُوسًا كَانُوا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ: لَا تَجُوزُ إجَابَتُهُمْ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ سم الطَّبَلَاوِيُّ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ عَلِمْنَا مُوَافَقَتَهُمْ، أَوْ شَكَكْنَا فِيهَا. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَأَمَّا الصَّائِبَةُ وَالسَّامِرَةُ فَيُعْقَدُ لَهُمْ الْجِزْيَةُ إنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ وَإِلَّا فَلَا نَعْقِدُ لَهُمْ وَكَذَا نَعْقِدُ لَهُمْ لَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمْ) أَيْ: الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي آيَتِهَا) أَيْ: الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فَارَقَ) أَيْ: جَوَازُ الْعَقْدِ مَعَهُمْ
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ بِهِ وَتَأْيِيدٌ لِعَدَمِ حِلِّ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى) هَذَا شَامِلٌ بِبَعْدِ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا فَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَقِبَ نَاسِخَةٍ مِنْ قَوْلِهِمَا، أَوْ تَهَوَّدَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ) أَيْ: وَهُوَ الرَّاجِحُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ) يُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَنْ تَهَوَّدَ كَمَا يُصَدَّقُ بِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ يُصَدَّقُ بِأَحَدِهِمَا فَمِنْ أَيْنَ الِاقْتِضَاءُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا ذَلِكَ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ لَمَّا كَانَتْ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّوْجِيهِ وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ فِي وَلَدِ مَنْ تَهَوَّدَ مَنْ دَخَلَ كُلٌّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: لِعِقْدِهَا) عِلَّةُ الِاتِّجَاهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: بِجَوَازِ الْعَقْدِ لِلْمَشْكُوكِ فِي وَقْتِ دُخُولِ أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُهُ، أَوْلَادَهُمْ) أَيْ: بِكَوْنِ أُصُولِهِمْ تَهَوَّدَتْ، أَوْ تَنَصَّرَتْ قَبْلَ النَّسْخِ. هـ ا. ع ش
(قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْضًا يَصِحُّ أَمَانُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُوجِبُ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ فِي الْجُمْلَةِ فَفِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الْأَمَانِ إنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ وَنَحْوُهُ وَظَنَّ صِحَّتَهُ بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ
. (قَوْلُهُ: إلَّا أَسِيرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ بَذَلَهَا أَيْ الْجِزْيَةَ أَسِيرٌ كِتَابِيٌّ حَرُمَ قَتْلُهُ لِإِرْقَاقِهِ وَغُنْمِ مَالِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ) يُتَأَمَّلْ