للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ انْفَرَدُوا بِجِوَارِنَا، وَأُلْحِقَ بِدَارِنَا دَارُ حَرْبٍ فِيهَا مُسْلِمٌ، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُمْ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ عَنْ الْمُسْلِمِ إلَّا بِالدَّفْعِ عَنْهُمْ فَقَرِيبٌ، أَوْ دَفْعُ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ بِخُصُوصِهِمْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (وَقِيلَ: إنْ انْفَرَدُوا لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ) كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ الذَّبُّ عَنَّا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ مُطْلَقًا حَيْثُ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُمْ تَحْتَ قَبْضَتِنَا كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَمَّا عِنْدَ شَرْطِ أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مَعَنَا، أَوْ بِمَحَلٍّ إذَا قَصَدُوهُمْ مَرُّوا عَلَيْنَا فَسَدَ الْعَقْدُ لِتَضَمُّنِهِ تَمْكِينَ الْكُفَّارِ مِنَّا، وَإِلَّا فَلَا

(وَنَمْنَعُهُمْ) وُجُوبًا (إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) ، وَبِيعَةٍ، وَصَوْمَعَةٍ لِلتَّعَبُّدِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَنُزُولِ الْمَارَّةِ (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) كَالْبَصْرَةِ، وَالْقَاهِرَةِ (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ) حَالَ كَوْنِهِمْ مُسْتَقِلِّينَ، وَمُتَغَلِّبِينَ (عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا صُلْحٍ كَالْيَمَنِ، وَقَوْلُ شَارِحٍ، وَالْمَدِينَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِجَازِ، وَهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ سُكْنَاهُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ ابْنِ عَدِيٍّ «لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا» ، وَجَاءَ مَعْنَاهُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا

وَيُهْدَمُ وُجُوبًا مَا أَحْدَثُوهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِمْ هَدْمُهُ، وَالصُّلْحُ عَلَى تَمْكِينِهِمْ مِنْهُ بَاطِلٌ، وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، أَوْ الْفَتْحِ يَبْقَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ بِبَرِيَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَاتَّصَلَ بِهِ الْعُمْرَانُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا يَأْتِي فِي الصُّلْحِ، وَمَرَّ فِي الْقَاهِرَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ، أَمَّا مَا بُنِيَ مِنْ ذَلِكَ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَطْ، وَلَوْ مِنْهُمْ فَيَجُوزُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَغَيْرُهُ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً) كَمِصْرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: أَوْ انْفَرَدُوا إلَخْ) أَيْ: وَهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ اهـ. رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: بِجِوَارِنَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَضَمِّهَا، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِيهَا مُسْلِمٌ) أَيْ: فَنَمْنَعُهُ عَنْهُمْ، وَمَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ بِأَذًى يَصِلُ إلَى الْمُسْلِمِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَطْرَافُ دَارِ الْحَرْبِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُرِيدَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْإِلْحَاقِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَنْهُمْ بِخُصُوصِهِمْ) أَيْ: الذِّمِّيِّينَ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ) أَيْ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ مَنْعِ الْمُسْلِمِ عَنْهُمْ، وَمَنْعِ مَنْ يَتَعَرَّضُ إلَخْ اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِبَلَدٍ) أَيْ: بِجِوَارِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ الذَّبُّ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ طُرُوقِ الْعَدُوِّ لَنَا اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانُوا بِدَارِنَا، أَوْ بِجِوَارِهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا عِنْدَ شَرْطِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَحَلٍّ إذَا إلَخْ) هَذَا صَادِقٌ بِمَحَلٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ مَنْ لَا يَمُرُّ بِنَا، أَوْ يَمُرُّ بِنَا، وَهُمْ غَيْرُ مُجَاوِرِينَ لَنَا انْتَهَى أَيْ: فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ. سم، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الْمُخَالَفَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ، أَوْ بِمَحَلٍّ بِجِوَارِنَا (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدُوهُمْ) أَيْ: قَصَدَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِسُوءٍ الذِّمِّيِّينَ الْكَائِنِينَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، أَوْ أَسْلَمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ: كَنِيسَةٍ) وَبَيْتِ نَارٍ لِلْمَجُوسِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِيعَةٍ) بِالْكَسْرِ لِلنَّصَارَى مُخْتَارٌ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَصَوْمَعَةٍ) كَجَوْهَرَةٍ بَيْتٌ لِلنَّصَارَى اهـ. قَامُوسٌ

(قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِهِمْ مُسْتَقِلِّينَ إلَخْ) عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ جَعْلُ عَلَى لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ مَعَهُ أَيْ: مُصَاحِبِينَ لَهُ، وَكَائِنِينَ فِيهِ، أَوْ بِمَعْنَى فِي أَيْ: كَائِنِينَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم (قَوْلُهُ: كَالْيَمَنِ) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَذَلِكَ إلَى، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ، وَقَوْلَهُ: وَمَرَّ إلَى أَمَّا مَا بُنِيَ، وَقَوْلَهُ: فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ شَارِحٍ إلَخْ) تَبِعَ الْمُغْنِي هَذَا الشَّارِحَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ كَالْمَدِينَةِ، وَالْيَمَنِ انْتَهَى، وَيُجَابُ عَنْ نَظَرِ الشَّارِحِ بِأَنَّ دُخُولَهَا فِي هَذَا الْقِسْمِ الْمُقْتَضِي ثُبُوتَ هَذَا الْحُكْمِ لَا يُنَافِي اخْتِصَاصَهَا بِحُكْمٍ آخَرَ، وَهُوَ مَنْعُ سُكْنَاهَا لَا سِيَّمَا، وَهَذَا الْمَنْعُ إنَّمَا كَانَ فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ، وَتَحَقَّقَ الْعَمَلُ بِالْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَنْعِ السُّكْنَى اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ ع ش

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ التَّمْثِيلُ بِهِ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَدِينَةَ مِنْ الْحِجَازِ، وَهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُرَادَ التَّمْثِيلُ لِأَصْلِ مَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْدَاثِ، وَعَدَمِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ أَحْدَثُوا كَنِيسَةً، وَنَحْوَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ابْنِ عَدِيٍّ لَا تُبْنَى إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تُبْنَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَجَاءَ مَعْنَاهُ عَنْ عُمَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا صَالَحَ نَصَارَى الشَّامِ كَتَبَ إلَيْهِمْ كِتَابًا أَنَّهُمْ لَا يَبْنُونَ فِي بِلَادِهِمْ، وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا، وَلَا كَنِيسَةً، وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ: عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: وَالصُّلْحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ عَاقَدَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ إحْدَاثِهَا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا وُجِدَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بَعْدَ الْإِحْدَاثِ إلَى قَوْلِهِ: يَبْقَى، وَقَوْلَهُ: وَكَذَا إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا مَا بُنِيَ، وَقَوْلِهِ: فَقَطْ، وَقَوْلِهِ: وَمَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ فِي مِصْرَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِحْدَاثِ، أَوْ الْإِسْلَامِ) نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْفَتْحِ أَيْ: عَنْوَةً الْآتِي، وَقَدَّمَهُ إلَى هُنَا لِمُجَرَّدِ الِاخْتِصَارِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّلْحِ) أَيْ: فِي صُورَتَيْ الْفَتْحِ صُلْحًا.

(قَوْلُهُ: كَمِصْرِ) أَيْ: الْقَدِيمَةِ، وَمِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مِصْرُنَا الْآنَ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حَالَةَ الْفَتْحِ فَأَرْضُهَا الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهَا لِلْغَانِمِينَ، فَيَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْفَتْحِ، وَبِهِ يُعْلَمُ وُجُوبُ هَدْمِ مَا فِي مِصْرِنَا، وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ مِنْ الْكَنَائِسِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ اهـ. ع ش، وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ، وَمَرَّ فِي الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: الْآتِي، وَمَرَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَكِنْ جَوَازُ تَعَرُّضِنَا مُنَافٍ لِمَقْصُودِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَمِمَّا يُفْهِمُ وُجُوبَ دَفْعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَنْهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ: الْآتِي فَإِنْ أُرِيدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَحَلٍّ إلَخْ.) ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَحَلٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ أَنْ لَا يُنْدَبَ عَنْهُمْ مَنْ لَا يَمُرُّ بِنَا، أَوْ يَمُرُّ بِنَا، وَهُمْ غَيْرُ مُجَاوِرِينَ لَنَا. اهـ. أَيْ: فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: مُصَاحِبِينَ لَهُ، وَكَائِنِينَ فِيهِ، أَوْ بِمَعْنَى فِي أَيْ: كَائِنِينَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَقِينًا) تَقْيِيدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>