الْمُرَادُ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ لَا كُلُّ أَهْلِ الْبَلَدِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلُو عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ، وَيَعْلُو عَلَى مُلَاصِقِهِ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى نَعَمْ إنْ شَرَطَ مَعَ الضَّبْطِ بِذَلِكَ بُعْدَهُ عَنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ عُرْفًا بِحَيْثُ صَارَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ اعْتِمَادُهُ حِينَئِذٍ (، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ كَطَرَفٍ مُتَقَطِّعٍ عَنْ الْعِمَارَةِ بِأَنْ كَانَ دَاخِلَ السُّوَرِ مَثَلًا، وَلَيْسَ بِحَارَتِهِمْ مُسْلِمٌ يُشْرِفُونَ عَلَيْهِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ تَصْوِيرِ الِانْفِصَالِ مَعَ عَدِّهِ مِنْ الْبَلَدِ (لَمْ يُمْنَعُوا) مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ؛ إذْ لَا ضَرَرَ هُنَا بِوَجْهٍ، وَلَوْ لَاصَقَتْ أَبْنِيَتُهُمْ دُورًا لِبَلَدٍ مِنْ جَانِبٍ جَازَ الرَّفْعُ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ أَيْ: حَيْثُ لَا إشْرَافَ مِنْهُ، وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ بِمَنْعِ بُرُوزِهِمْ فِي نَحْوِ النِّيلِ عَلَى جَارٍ مُسْلِمٍ لِإِضْرَارِهِمْ لَهُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْإِعْلَاءِ قَالَ: بَلْ قِيَاسُ مَنْعِ الْمُسَاوَاةِ ثَمَّ مَنْعُهَا هُنَا انْتَهَى
وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ جَازَ ذَلِكَ فِي أَصْلِهِ أَمَّا إذَا مُنِعَ مِنْ هَذَا حَتَّى الْمُسْلِمُ كَمَا مَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي نَهْرٍ حَادِثٍ مَمْلُوكَةٍ حَافَّاتُهُ، وَلَوْ رُفِعَ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ لَمْ يُسْقِطْ الْهُدْنَةَ بِتَعْلِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا بَيْعُهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى الْأَوْجَهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الصُّلْحِ، وَالْعَارِيَّةَ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مَا كَانَ لِبَائِعِهِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْهَدْمِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إبْقَاؤُهُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الرَّجْمُ بِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ فِيمَا بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ، أَوْ أَسْلَمَ الظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الْهَدْمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَكَمْت أَيَّامَ قَضَائِي عَلَى يَهُودِيٍّ بِهَدْمِ بِنَاءٍ أَعْلَاهُ، وَبِالنَّقْصِ عَنْ الْمُسَاوَاةِ لِجَارِهِ الْمُسْلِمِ فَأَسْلَمَ فَأَقْرَرْته عَلَى بِنَائِهِ انْتَهَى فَمَا قَالَاهُ فِي الْإِسْلَامِ يُوَافِقُ مَا ذَكَرْته
وَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْبَيْعِ لِمُسْلِمٍ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته، وَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرْته لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِهِمْ.
(وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) أَيْ: الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ، وَمِثْلُهُ مُعَاهَدٌ، وَمُسْتَأْمَنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (رُكُوبَ خَيْلٍ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْعِزِّ
ــ
[حاشية الشرواني]
مُلَاصَقَةٍ اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: نَعَمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ فَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَعْلُو عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاصِقُوهُ، وَلَا عَلَى مُلَاصِقِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ اهـ.، وَهُوَ أَيْضًا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي نَعَمْ إنْ شُرِطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْجَارَّ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. أَيْ: فَمَا زَادَ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ مُسَاوَاةِ بِنَائِهِ لَهُ، أَوْ ارْتِفَاعِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِلْأَرْبَعِينَ دَارًا اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَيَعْلُو عَلَى مُلَاصَقَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: كُلُّ مُلَاصِقٍ لَهُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ هُوَ مِنْ مَحَلَّتِهِ اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ: بِنَاءِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ صَارَ) أَيْ: بِنَاءُ الذِّمِّيِّ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ أَيْ: إلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ مِنْ حَيْثُ الْجِيرَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ اعْتِمَادُهُ) أَيْ: قَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) إلَى قَوْلِهِ: بِأَنْ كَانَ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى قَوْلِهِ: وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: فَانْدَفَعَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ: بِنَاءِ الْمُسْلِمِ، وَبِنَاءِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِمَحَلَّةٍ) ، وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْكَسْرِ لُغَةً مَوْضِعُ الْحُلُولِ، وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ، وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ اهـ. ع ش عَنْ الْمِصْبَاحِ
(قَوْلُهُ: كَطَرَفٍ) أَيْ: مِنْ الْبَلَدِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ تَصْوِيرُ الِانْفِصَالِ مَعَ عَدِّهِ مِنْ الْبَلَدِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِحَارَتِهِمْ إلَخْ) حَالٌ مِنْ الْوَاوِ فِي كَانُوا (قَوْلُهُ: مَعَ عَدِّهِ) أَيْ: الْمُنْفَصِلِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ) إلَى قَوْلِهِ: أَيْ: حَيْثُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِمَنْعِ بُرُوزِهِمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبُرُوزِ هُنَا أَنْ يَكُونَ بِنَاؤُهُ فِي حَافَّةِ النَّهْرِ أَقْرَبَ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ لَكِنْ قَدْ يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْقُرْبِ الْمَذْكُورِ الِاطِّلَاعُ عَلَى عَوْرَةِ جَارِهِ الْبَعِيدِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّهْرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ النِّيلِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِي نَحْوِ الْخُلْجَانِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى جَارٍ مُسْلِمٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ ظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبُرُوزِ عَلَى الْخُلْجَانِ بِغَيْرِ هَذَا الْقَيْدِ، وَحَيْثُ قَيَّدَ بِالْجَارِ فَانْظُرْ فِي أَيِّ صُورَةٍ يُخَالِفُ الْخُلْجَانُ فِيهَا غَيْرَهَا مِنْ الدُّورِ حَتَّى تَكُونَ مَقْصُودَةً بِالْحُكْمِ اهـ. ع ش.
وَتَظْهَرُ الْمُخَالَفَةُ بِمَا قَدَّمْته آنِفًا مِنْ الْمُرَادِ بِالْبُرُوزِ (قَوْلُهُ: كَالْإِعْلَاءِ) أَيْ: كَالْإِضْرَارِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثَمَّ) أَيْ: فِي الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَصَوَّرُ) أَيْ: الْبُرُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَفَعَ) إلَى قَوْلِهِ: أَخْذًا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِبَيْعِهِ لِمُسْلِمٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْهَدْمِ حَاكِمٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَلَوْ بَنَى دَارًا عَالِيَةً، أَوْ مُسَاوِيَةً، ثُمَّ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ لَمْ يَسْقُطْ الْهَدْمُ إذَا كَانَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْهَدْمِ، وَإِلَّا سَقَطَ اهـ. ع ش، وَذَكَرَ الْمُغْنِي عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِثْلَهَا، وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إبْقَاؤُهُ إلَخْ) قَالَ ع ش اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اهـ. وَقَالَ سم أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اهـ.، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ
وَقِيلَ: الْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ اهـ. وَلَعَلَّهُ أَفْتَى بِهِمَا فِي، وَقْتَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَحَكَمْت إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِالنَّقْصِ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فَمَا قَالَاهُ) أَيْ الشَّيْخُ، وَالْأَذْرَعِيُّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ) أَيْ: فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ: الذَّكَرُ) إلَى قَوْلِهِ: عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَمِثْلُهُ إلَى الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الذَّكَرُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْأُنْثَى، وَغَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُمْنَعُونَ اهـ سم.
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ
(قَوْلُهُ: وَيَعْلُو عَلَى مُلَاصِقِهِ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى) قَدْ يُقَالُ: كُلُّ مُلَاصِقٍ لَهُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ هُوَ مِنْ مَحَلَّتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ شُرِطَ مَعَ الضَّبْطِ بِذَلِكَ بُعْدُهُ عَنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَخْ.) ، وَلَوْ لَاصَقَتْ دَارُ الذِّمِّيِّ دَارَ مُسْلِمٍ مِنْ أَحَدِ جَوَانِبِهَا اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ عَدَمُ الِارْتِفَاعِ، وَالْمُسَاوَاةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَارَ فِيهِ كَنْزٌ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إبْقَاؤُهُ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ إلَخْ.) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَخَالَفَهُ فِي هَامِشِ الْأَنْوَارِ فَكَتَبَ فِيهِ عَدَمُ التَّقْرِيرِ، وَفَرَّقَ بِمَا كَتَبْنَاهُ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الذَّكَرُ إلَخْ.)