كَمَا فِي الْآيَةِ لَكِنْ فِي الدُّنْيَا بِدَلِيلِ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠] وَلَا شَمْسَ ثَمَّ فَلَيْسَ هُوَ عَدَمَهَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (مِثْلُهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ) أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ وَقَدْ يَنْعَدِمُ فِي بَعْضِهَا كَمَكَّةَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ فِيهَا فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ وَقِيلَ جَمِيعُ أَيَّامِ الصَّيْفِ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقِيلَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الطُّولِ وَمِثْلُهَا عَقِبَهُ
وَقِيلَ يَوْمَانِ يَوْمٌ قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَوْمٌ بَعْدَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَ، وَالْأَوَّلَ غَلَطٌ وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ هُوَ الْأَخِيرُ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ صَنْعَاءَ كَمَكَّةَ فِي ذَلِكَ لَا يُوَافِقُ مَا حَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ؛ لِأَنَّ عَرْضَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضَ صَنْعَاءَ عَلَى مَا فِي زِيجَ ابْنِ الشَّاطِرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً تَقْرِيبًا فَلَا يَنْعَدِمُ الظِّلُّ فِيهَا إلَّا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ بِنَحْوِهَا أَيْضًا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ، وَجَوَازٌ إلَى مَا يَسَعُ كُلَّهُ، ثُمَّ حُرْمَةٌ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ لَا إيقَاعُهَا فِيهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ وَقْتَ حُرْمَةٍ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، وَضَرُورَةٌ وَسَيَأْتِي وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُجْزِئُ فِي الْبَقِيَّةِ وَعُذْرٌ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَاخْتِيَارٌ وَهُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ
(وَهُوَ) أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ أَيْ عَقِبَهُ هُوَ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) لَكِنْ لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ ظُهُورُ ذَلِكَ إلَّا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَلَوْ فَرَضَ مُقَارَنَةَ تَحَرُّمِهِ لَهَا بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا صَحَّ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي عَرْضِ الشِّرَاكِ أَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ لَا يُسَنُّ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ، وَالتَّأْخِيرُ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَرْبَابِ عِلْمِ الْهَيْئَةِ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَقَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فِي السَّادِسَةِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَمَرِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهَا شَيْخُنَا وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَلَا شَمْسٌ ثَمَّ) أَيْ: فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُودِ الظِّلِّ فِي الْجَنَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا شَمْسَ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ إلَخْ) أَيْ: فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَإِلَّا فَالزَّوَالُ لَا ظِلَّ لَهُ، بَلْ الظِّلُّ لِلشَّيْءِ عِنْدَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْعَدِمُ) أَيْ: ظِلُّ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِهِ) أَيْ: الِانْعِدَامِ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) الْأَوْلَى إحْدَى وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَبْقَى فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغَنِّي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ عَقِبَهُ هُوَ وَقَوْلُهُ فَلَوْ فَرَضَ إلَى وَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَهَا سِتَّةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَيْ وَقْتٌ لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَضِيلَةٌ زَائِدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَقَعُ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهَا وَلِأَجْلِهَا وَلَوْ كَمَالًا كَمَا ضَبَطُوهُ فِي الْمُغْرِبِ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ أَيْ وَقْتٌ يَخْتَارُ إتْيَانَ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ فَرَاغِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِوَقْتِ الْجَوَازِ الْآتِي وَقِيلَ إلَى نِصْفِهِ كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْ وَقْتٍ يَجُوزُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهُوَ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ فَرَاغِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ وَمَعَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا فَالثَّلَاثَةُ تَدْخُلُ مَعًا وَيَخْرُجُ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ أَوَّلًا وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَوَقْتُ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَيْسَ لَهُ وَقْتُ جَوَازٍ بِكَرَاهَةٍ وَوَقْتُ حُرْمَةٍ أَيْ وَقْتٌ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَإِلَّا فَإِيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَاجِبٌ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً بِأَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ فَهُوَ أَدَاءٌ مَعَ الْإِثْمِ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ إذَا زَالَتْ الْمَوَانِعُ، وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ التَّكْبِيرِ فَأَكْثَرُ فَتَجِبُ هِيَ وَمَا قَبْلَهَا إنْ جُمِعَتْ مَعَهَا وَوَقْتُ عُذْرٍ أَيْ وَقْتٌ سَبَبُهُ الْعُذْرُ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ جَمْعَ تَأْخِيرٍ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْوَقْتِ) قَالَ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبْعِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ حُرْمَةٌ) وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ إلَخْ) كَيْفَ، وَالْإِضَافَةُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ سم (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ إلَخْ) وَتَنْظِيرُهُ يَجْرِي فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَقُولُ: وَيُرَدُّ بِنَظِيرِ مَا رُدَّ بِهِ فِي وَقْتِ الْحُرْمَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا وَقْتًا مُسْتَقِلًّا فَمَا وَجْهُ عَدِّهِ عَلَى أَنَّ صِدْقَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ عَلَيْهِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ هُوَ وَقْتٌ يَخْتَارُ عَدَمَ التَّأْخِيرِ عَنْهُ مَعَ مَا تَأْتِيهِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ بَصْرِيٌّ
(قَوْلُهُ: ظُهُورُ ذَلِكَ) أَيْ: مَعْرِفَةُ الْمَصِيرِ الْمَذْكُورِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَعْرِفَةُ وَقْتِ الْعَصْرِ اهـ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ) وَقِيلَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا مُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَفُوتُ حِينَئِذٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَخِيرِ تَفُوتُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ) مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تُنَاطُ إلَّا بِمَا يَظْهَرُ لَنَا إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الظُّهُورِ لَيْسَتْ مِنْ الْعَصْرِ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُفَادَ كَلَامِ الشَّارِحِ تَعَسُّرُ الظُّهُورِ لَا تَعَذُّرُهُ وَاسْتِحَالَتُهُ عَادَةً
(قَوْلُهُ: فَلَوْ فُرِضَ مُقَارَنَةُ تَحَرُّمِهِ لَهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ التَّحَرُّمَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ الْغَيْرَ الظَّاهِرَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا نَظُنُّهُ بِأَنْ اتَّصَلَ بِتَمَامِ التَّحَرُّمِ ظُهُورُهُ، أَوْ ظَهَرَتْ فِي أَثْنَائِهِ فَهُوَ مُطَابِقٌ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ الْمُنَافَاةَ الْمَذْكُورَةَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ التَّحَرُّمَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ الظَّاهِرَةَ لَنَا فَغَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْمُنَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ الشِّرَاكِ) بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلسَّيْرِ الرَّقِيقِ بِظَاهِرِ النَّعْلِ ع ش
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِهِ كَانَتْ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ فَرْضِهَا لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَالِغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَحَصْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْآيَةِ) أَيْ: قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا} [الفرقان: ٤٥] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَتَّى تَطْلُعَ فَيَقَعَ ضَوْءُهَا عَلَى بَعْضِ الْأَجْرَامِ، أَوْ لَا يُوجَدُ وَيَتَفَاوَتُ إلَّا بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا اهـ
(قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ) كَيْفَ، وَالْإِضَافَةُ