للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْأَوْجَهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ عَوْدِهَا مُعْجِزَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَحَّ حَدِيثُهَا فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ضَعْفَهُ، أَوْ وَضْعَهُ، وَكَذَا صَحَّ أَنَّهَا حُبِسَتْ لَهُ عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً مِنْ نَهَارِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ فِي نَفْسِ الْعَوْدِ

وَأَمَّا بَقَاءُ الْوَقْتِ بِعَوْدِهَا فَبِحُكْمِ الشَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا عَادَتْ صَلَّى عَلَى الْعَصْرِ أَدَاءً، بَلْ عَوْدُهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا لِذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ حَتَّى غَرَبَتْ بِنَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا اهـ وَأَقُولُ: جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ «أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَرْجِعُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ

(، وَالْمَغْرِبُ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِالْغُرُوبِ) أَيْ غَيْبُوبَةِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَإِنْ بَقِيَ الشُّعَاعُ وَيُعْرَفُ فِي الْعُمْرَانِ، وَالصَّحَارِي الَّتِي بِهَا جِبَالٌ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ مِنْ أَعَالِي الْحِيطَانِ، وَالْجِبَالِ مِنْ غَرْبٍ بَعْدُ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فِي الْقَدِيمِ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِيهِ، وَالْأَحْمَرُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَاحِدَةٍ زِيدَ فِيهَا، أَوْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ سم بِحَذْفِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ) فَيَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَعَلَى مَنْ أَفْطَرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ عَدَمَ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ اتِّفَاقًا شَيْخُنَا وَمَرَّ آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ جَمِيعَهُ إلَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ

(قَوْلُهُ: حَدِيثُهَا) أَيْ: حَدِيثُ عَوْدِ الشَّمْسِ، وَالتَّأْنِيثُ مُكْتَسَبٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بَلْ عَوْدُهَا) أَيْ: بِدُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ إلَّا لِذَلِكَ أَيْ لِيُصَلِّيَ عَلَى الْعَصْرِ أَدَاءً وَقَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ أَيْ فِكْرُهُ أَنْ يُوقِظَهُ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ سم أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ اجْتَهَدَ جَوَازَ التَّأْخِيرِ، بَلْ أَفْضَلِيَّتَهُ مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إيقَاظِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ سم (قَوْلُهُ: جَاءَ فِي حَدِيثٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا) وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ سُكُوتِهِ عَنْ وَقْتِ الصُّبْحِ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ طُلُوعُهَا مِنْ الْمَغْرِبِ مَنْزِلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ الْمَشْرِقِ فَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُضِيِّ قَدْرٍ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ) وَعَلَيْهِ فَيُسَنُّ الْبُدَاءَةُ فِيمَا يَظْهَرُ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنَّ الْفَرْضَ يَقْتَضِي تَرْتِيبَهَا كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مَنْدُوبٌ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَغْرِبُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي فَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: يَدْخُلُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ صِفَةٌ إلَى خَرَجَ (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ) أَيْ الْغُرُوبُ (قَوْلُهُ: فِي الْعُمْرَانِ، وَالصَّحَارِي الَّتِي بِهَا إلَخْ) أَيْ: وَيَكْفِي فِي غَيْرِهِمَا تَكَامُلُ سُقُوطِ الْقُرْصِ فَقَطْ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: مِنْ غَرْبٍ إلَخْ) أَيْ: الْغُرُوبُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَرَبَ بِفَتْحِ الرَّاءِ إذَا بَعُدَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى مُؤَكَّدَةٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: بَلْ الْأَوْلَى لَازِمَةٌ وَهِيَ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمَوْصُوفِ، وَأَمَّا الْكَاشِفَةُ فَهِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِحَقِيقَةِ مَوْصُوفِهَا وَهِيَ هُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَبِالتَّعْبِيرِ بِالْكَاشِفَةِ، وَاللَّازِمَةِ يَتَمَيَّزُ حَقِيقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، وَأَمَّا الْمُؤَكَّدَةُ فَإِنَّهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً فَيَمْتَدُّ الْوَقْتُ لِغُرُوبِهَا وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُعْتَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا اهـ وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيرِ غُرُوبِهَا مَا تَقَرَّرَ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّقْدِيرِ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ لَا فِي هَذَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ لَنُقِلَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُبَيْلَ يَكْرَهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً اهـ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى وَفْقِ اسْتِبْعَادِهِ هُنَا مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ امْتِدَادِ الْوَقْتِ لِغُرُوبِهَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ بِتَصْوِيرِ مَا هُنَا بِمَا إذَا امْتَدَّ النَّهَارُ لَكِنْ لَمْ يَفُتْ اللَّيْلُ وَمَا يَأْتِي بِمَا إذَا امْتَدَّ بِحَيْثُ فَاتَ كَأَنْ امْتَدَّ قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ اللَّيْلُ، أَوْ الْيَوْمُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْ طُولِهِ فَوَاتُ نَهَارٍ، أَوْ لَيْلٍ قُدِّرَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَفُتْ شَيْءٌ مِنْ لَيَالِيِ الشَّهْرِ وَلَا أَيَّامِهِ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ زِيدَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قُلْنَاهُ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْقَ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي فِيهِ الْيَوْمُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ يَنْقُصُ عَدَدُ أَيَّامِهِ الْبَاقِيَةِ بِقَدْرِ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اتِّجَاهُ هَذَا الْفَرْقِ وَإِنَّ أَيَّامَ الدَّجَّالِ إنَّمَا كَانَ فِيهَا مَا بَيَّنَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا شَهْرٌ مُتَمَيِّزُ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ بَعْضَ أَيَّامِهِ كَجُمُعَةٍ مَثَلًا مَعَ تَحَقُّقِ عَدَدِ أَيَّامِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى مُؤَكَّدَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>