للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ، بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا أَعْنِي الْأَسْبَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا مِنْ أَوَّلِهِ حَصَلَ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ عَلَى مَا فِي الذَّخَائِرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ

وَضَابِطُهَا أَنَّ كُلَّ مَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ فِعْلِهِ وَلَوْ أُخِّرَ فَاتَتْ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْرَادِ مَعَهُ أَفْضَلُ وَيَنْدُبُ لِلْإِمَامِ الْحِرْصُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِهِمْ لِأَسْبَابِهَا عَادَةً وَبَعْدَهُ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ وَلَوْ نَحْوَ شَرِيفٍ وَعَالِمٍ فَإِنْ انْتَظَرَهُ كُرِهَ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا «اشْتَغَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَقْتِ عَادَتِهِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً وَابْنُ عَوْفٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ تَأَخُّرُهُ، بَلْ أَدْرَكَ صَلَاتَهُمَا وَاقْتَدَى بِهِمَا وَصَوَّبَ فِعْلَهُمَا» نَعَمْ يَأْتِي فِي تَأَخُّرِ الرَّاتِبِ تَفْصِيلٌ لَا يُنَافِيهِ هَذَا لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِرْصِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَدْ يَجِبُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا فِي مُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَكَمَنْ رَأَى نَحْوَ غَرِيقٍ، أَوْ أَسِيرٍ لَوْ أَنْقَذَهُ أَوْ صَائِلٍ عَلَى مُحْتَرَمٍ لَوْ دَفَعَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَجِبُ التَّأْخِيرُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ

(تَنْبِيهٌ)

تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا بِشُرُوطِهَا وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِهِ إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ اهـ

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ إلَخْ) جَعْلُهُ فِي حَيِّزِ الِاغْتِفَارِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَكْلِ اللُّقَمِ الْمُوَفِّرَةِ لِلْخُشُوعِ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَدْ بَيَّنَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْأَسْبَابَ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَصَلَ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ) أَيْ: لَكِنَّ الْفِعْلَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ بَعْدُ صَدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ كَمَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَالْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ دَرَجَاتُ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ ع ش

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الذَّخَائِرِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ع ش (قَوْلُهُ: مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ) نَحْوُ أَرْبَعِينَ صُورَةً مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرِ وَقْتِ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ فَيُؤَخِّرُ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ أَيْ إذَا كَانَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ، أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ، أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهَا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلِلْمَعْذُورِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى الْيَأْسِ مِنْ الْجُمُعَةِ إذَا أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ اهـ وَقَوْلُهُمَا وَلِمُسَافِرٍ إلَخْ اسْتَشْكَلَهُ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا خِلَافُ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَانِعِهِ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ

(قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ تَقْيِيدُهَا بِالْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ فَاسِقًا، أَوْ مُخَالِفًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ التَّعَدُّدَ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ نَعَمْ وَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْكَمَالُ فِي الثَّانِيَةِ مِمَّا يَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّةَ الْإِعَادَةِ كَالْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى وَلَا يَتَأَتَّى التَّعَدُّدُ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ وَمَا بَيَّنَّاهُ ثَمَّ سم (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مَا لَفْظُهُ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا قَدْرُ مَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ أَيْ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي ضِيقِ وَقْتِهَا وَمِنْ ثَمَّ أَطْبَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهَا مِنْ أَوَّلِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَقْيِيدِهِ ثَمَّ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلُهُ أَفْضَلُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ بِالْكَمَالِ السُّنَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ مَعَ التَّأْخِيرِ وَتَفُوتُ مِنْ أَصْلِهَا بِالتَّقْدِيمِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَاصِلَةٌ مَعَ كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ وَإِنْ فَاتَ بِتَقْدِيمِهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهَا لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ بَعِيدٍ لِنَحْوِ كِبَرِهِ، أَوْ فِقْهِ إمَامِهِ نُدِبَ لَهُ الْإِبْرَادُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِي قَرِيبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ كَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ لِنَحْوِ شَرِيفٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِي تَأَخُّرِ الرَّاتِبِ إلَخْ) أَيْ: الْإِمَامِ الرَّاتِبِ لِمَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا بِالْقَرَائِنِ قِيَامَ عَارِضٍ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْنَعُ عَادَةً مِنْ الْحُضُورِ سم (قَوْلُهُ: نَحْوُ غَرِيقٍ إلَخْ) أَيْ: كَحَرِيقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ) بَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ فَوْتُ عَرَفَةَ وَانْفِجَارُ الْمَيِّتِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ ع ش

(قَوْلُهُ: تَجِبُ الصَّلَاةُ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَكَذَا إلَى وَإِذَا وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَزَمَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ أَثِمَ وَإِنْ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا عَزْمٌ خَاصٌّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْحَدِيثَ عَلَى مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى السَّهَرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ) جَعْلُهُ فِي حَيِّزِ الِاغْتِفَارِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ الْأَفْضَلُ أَيْضًا تَقْدِيمُ أَكْلِ اللُّقَمِ الْمُوَفِّرَةِ لِلْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ وَمَا بَيَّنَّاهُ، ثُمَّ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) قَدْ يُجَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>