وَبِقَوْلِنَا كَأَنْ يُكْرِهَهُ إلَى آخِرِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ نَادِرٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ اهـ فَهُمْ لَمْ يَسْكُتُوا عَنْ هَذَا إلَّا لِكَوْنِ الْغَرَضِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنْ انْتَفَى تَعَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ
وَوَقَعَ لَهُمَا فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا مِنْ التَّعَيُّنِ نَعَمْ لَا يَتَعَيَّنُ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ عُيِّنَ لِصَلَاةٍ لَا تَنْعَقِدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ
(أَوْ) نَذَرَ (هَدْيًا) لِنَعَمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قُلْت هَذَا مُسْتَثْنًى كَبَقِيَّةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي كَنْزِ الْأُسْتَاذِ خِلَافُهُ وَتَفْصِيلٌ طَوِيلٌ فَرَاجِعْهُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا كَأَنْ يُكْرِهَهُ إلَخْ يُعْلَمُ الْجَوَابُ إلَخْ) فِي عِلْمِ الْجَوَابِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمُنَافِيهَا جَمِيعَ الْوَقْتِ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مَعَ ذَلِكَ الْمُنَافِي وَيَقْضِي وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ حُبِسَ فِي مَكَان نَجَسٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ فِي صَلَاتِهِ اخْتِيَارًا عَلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ أَوْ نَحْوِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِعْلُهُ مَعَ الْمُنَافِي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَيْفَ أَمْكَنَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِإِمْرَارِهِ فِعْلَهَا عَلَى قَلْبِهِ اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهَيْئَتِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْكُتُوا عَنْ هَذَا) أَيْ عَنْ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَفَى) أَيْ الْغَرَضُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) أَيْ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ إلَخْ وَفِي سم مَا نَصُّهُ مَنَعَ التَّعْيِينَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ بِانْحِطَاطِ النَّذْرِ عَنْ الْوَاجِبِ الشَّرْعِيِّ وَأَطَالَ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ) أَيْ الصَّلَاةُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ وَلَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الصَّوْمِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ وَالصَّلَاةُ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْمَنْذُورِ فِيهِمَا اهـ وَانْظُرْ نَذْرَ مَنْ بِحَرَمِ مَكَّةَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا فِيهِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَخِلَافُ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ: قَدْ يُشْعِرُ إلَخْ يَدْفَعُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ كَالنِّهَايَةِ فِي شَرْحِ وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ، أَمَّا إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الصَّوْمَ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ نَذْرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ تَعْيِينَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ هَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي نَذْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَالِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ اهـ رَشِيدِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُمَا حَيْثُ حُمِلَ الْمَتْنُ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَ فِي نَذْرِهِ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمَ وَيُوَافِقُهُمَا أَيْضًا قَوْلُ فَتْحِ الْمُعِينِ وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ مَنْقُولٍ إلَى مَكَّةَ لَزِمَهُ نَقْلُهُ إلَخْ لَكِنْ يُوَافِقُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ قَوْلَ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: إلَى مَكَّةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ أَطْلَقَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَالَ أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ قُلْت: هَذَا يُسْتَثْنَى كَبَقِيَّةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَسِرُّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ لَزِمَتْ بِالنَّذْرِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْإِتْيَانُ بِهَا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِدُخُولِ الْوَقْتِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي كَنْزِ الْأُسْتَاذِ خِلَافُهُ وَتَفْصِيلٌ طَوِيلٌ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ) مَنَعَ التَّعْيِينَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ بِانْحِطَاطِ النَّذْرِ عَنْ الْوَاجِبِ الشَّرْعِيِّ وَأَطَالَ فِيهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُهُمْ إلَى آخِرِ الْحَاشِيَةِ الَّتِي فَوْقَ هَذِهِ، كَذَا صُورَةُ وَضْعِ الْمُحَشِّي الْحَاشِيَةَ الَّتِي فَوْقَ هَذِهِ فَتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا كَوْنَ الْحَاشِيَةِ الَّتِي فَوْقَ هَذِهِ مَوْضُوعَةً عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ هُنَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا مِنْ التَّعَيُّنِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَتَعَيَّنُ) قَدْ يُشْعِرُ بِانْعِقَادِ النَّذْرِ وَلَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ أَيْ: فِي الْأُولَى وَالْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْمَنْذُورِ فِيهِمَا انْتَهَى وَانْظُرْ نَذْرَ مَنْ بِحَرَمِ مَكَّةَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا فِيهِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَخِلَافُ الْأَوْلَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا يَتَعَيَّنُ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ) بَقِيَ الْمَكَانُ الْمَكْرُوهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا لَا يَتَعَيَّنُ وَقْتُ الْمَكْرُوهِ عُيِّنَ لِصَلَاةٍ لَا تَنْعَقِدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا نَصُّهُ وَبِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ فَيَأْتِي فِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ هُنَا مَا مَرَّ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَكْتُوبَةِ قُبَيْلَ بَابِ الْأَذَانِ مِنْ أَنَّهُمَا تَارَةً يَسْتَغْرِقَانِ الْوَقْتَ وَتَارَةً يَكُونَانِ فِي أَوَّلِهِ وَتَارَةً يَكُونَانِ فِي آخِرِهِ، فَحَيْثُ وَجَبَ فِعْلُ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ قَضَاؤُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ ثَمَّ وَجَبَ هُنَا، وَحَيْثُ لَا فَلَا قَالَ وَفِي الصَّوْمِ يَجِبُ قَضَاءُ الْإِغْمَاءِ دُونَ الْجُنُونِ وَيَجِبُ قَضَاءُ الْمَنْذُورَةِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ وَقْتَهَا حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْمَكْتُوبَةِ وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا امْرَأَةٌ فَاتَتْهَا الصَّلَاةُ فِي الْحَيْضِ وَلَزِمَهَا قَضَاؤُهَا انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ