وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَعَيُّنَ مَسْجِدِ قُبَاءَ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ أَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ كَعُمْرَةٍ.
(أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ لَفْظًا وَلَا نِيَّةً (فَيَوْمٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ فَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَإِنْ وَصَفَهُ بِطَوِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ حِينًا أَوْ دَهْرًا وَقَدْ يَجِبُ الْيَوْمُ الْوَاحِدُ اسْتِقْلَالًا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ قُبَيْلَ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ) نَذَرَ (أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) مِنْهَا يَجِبُ صَوْمُهَا لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَمَرَّ وُجُوبُ التَّبْيِيتِ فِي كُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ وَيَظْهَرُ فِي الْأَيَّامِ ذَلِكَ أَيْضًا وَاعْتِمَادُ شَارِحِ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي التَّمْهِيدِ يَلْزَمُهُ صَوْمُ الدَّهْرِ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُهُمَا أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِالدَّرَاهِمِ وَمَالُهُ كُلُّهُ دَرَاهِمُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهَا وَكَلَامُهُمْ فِي الْإِقْرَارِ يَرُدُّهُ، أَوْ أَنْ يُشَيِّعَ الْجَنَائِزَ أَوْ يَعُودَ الْمَرْضَى لَزِمَهُ عِيَادَةُ كُلِّ مَرِيضٍ وَتَشْيِيعُ كُلِّ جِنَازَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَلَاثَةٌ
(أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فَ) يُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ وَإِنْ قَالَ بِمَالٍ عَظِيمٍ (بِمَا) أَيْ: بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) وَإِنْ قَلَّ مِمَّا يُتَمَوَّلُ إذْ لَا يَكْفِي غَيْرُهُ لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ فِي الْخُلْطَةِ قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ كَذَلِكَ
(فُرُوعٌ) .
لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَزِمَهُ إلَّا بِسَاتِرِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ كَمَا بَيَّنْته فِي كِتَابِي قُرَّةِ الْعَيْنِ بِبَيَانِ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي، وَلَا يُلْحَقُ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدُ قُبَاءَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنْ صَحَّ الْخَبَرُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ كَعُمْرَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَاعْتِمَادُ شَارِحٍ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِهِ إذَا حَمَلْنَا النَّذْرَ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ فَإِنَّ أَقَلَّ مَا وَجَبَ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ يَوْمٍ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَعِنْدَ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ وَبُلُوغِ الصَّبِيِّ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرٍ إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) أَوْ شُهُورًا فَقِيَاسُهُ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ أَحَدَ عَشَرَ لِكَوْنِهِ جَمْعَ كَثْرَةٍ، وَلَوْ عَرَّفَ الْأَشْهُرَ اُحْتُمِلَ ذَلِكَ وَاحْتُمِلَ إرَادَةُ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ: كَأَيَّامٍ الْمُنَكَّرِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبُ. (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ) أَيْ: فِي الْأَيَّامِ الْمُعَرَّفِ السَّنَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ صَحَّ إنْ كَانَ صَوْمُهُ أَفْضَلَ مِنْ فِطْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُمَا) أَيْ: الْإِسْنَوِيَّ، وَذَلِكَ الشَّارِحَ (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ كُلُّهُ دَرَاهِمُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَصَدَّقَ إلَخْ) أَيْ: لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ إلَخْ. وَهُوَ جَوَابُ لَوْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُشَيِّعَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِدَرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ عِيَادَةُ كُلِّ مَرِيضٍ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ عِيَادَةُ كُلِّ مَرِيضٍ، وَتَشْيِيعُ كُلِّ جِنَازَةٍ غَيْرُ مَقْدُورٍ بِخِلَافِ صَوْمِ الدَّهْرِ فَمَنَعَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ فِي ذَيْنِك مَانِعٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهَا فَيُمْكِنُ الْتِزَامُهُ، وَيُجَابُ عَمَّا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْيَقِينِ، وَلَا يَقِينَ مَعَ احْتِمَالِ الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا ثَلَاثَةٌ) أَيْ: مِنْ الْجَنَائِزِ، وَالْمَرْضَى
(قَوْلُهُ: أَوْ نَذَرَ صَدَقَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ صَحَّ نَذْرُهُ، وَتَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ شَيْئًا لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ التَّصَدُّقُ) إلَى الْفُرُوعِ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ إلَخْ) كَدَانِقٍ، وَدُونَهُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَكْفِي غَيْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَلَا يَكْفِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَلِأَنَّ إلَخْ. بِالْوَاوِ، قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ الِاسْمِ؛ وَلِأَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إلَخْ. تَعْلِيلَانِ لِأَصْلِ الْمَتْنِ أَيْ: إنَّمَا جَازَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِهَذَا لِيَكُونَ الْحُكْمُ جَارِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ هَلَّا يَتَقَدَّرُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ كَمَا أَنَّهُ أَقَلُّ وَاجِبٍ فِي زَكَاةِ الْمَالِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْخُلَطَاءَ قَدْ يَشْتَرِكُونَ فِي نِصَابٍ فَيَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ قَلِيلٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ كَذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ مَالًا يُتَمَوَّلُ. اهـ. سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ عِلَّةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ الْمُغْنِي
. (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إلَخْ) . (فُرُوعٌ)
لَوْ نَذَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلتَّصَدُّقِ بِدِرْهَمٍ خُبْزًا لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِخُبْزٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ الْقُرْبَةَ إنَّمَا هِيَ التَّصَدُّقُ لَا الشِّرَاءُ، وَلَوْ قَالَ: ابْتِدَاءً مَالِي صَدَقَةٌ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ عَلَّقَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ بِدُخُولٍ مَثَلًا كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَنَذْرُ لَجَاجٍ فَإِمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ بِهِ مَرْغُوبًا فِيهِ كَقَوْلِهِ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ دُخُولَ الدَّارِ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَرَادَ ذَلِكَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ عَيْنًا؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَلَوْ قَالَ: بَدَلَ صَدَقَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ عَلَى الْغُزَاةِ. اهـ. مُغْنِي
زَادَ الْأَسْنَى عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ، وَفِي الثَّانِي مُطْلَقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَشْبَهُ تَخْصِيصُ لُزُومِ التَّصَدُّقِ بِكُلِّ مَالِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ، وَلَا لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى صَرْفِهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِذَلِكَ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا بِسَاتِرِ عَوْرَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُبْقِي زِيَادَةً عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُ بَرْدًا أَوْ حَرًّا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ أَوْ إلَى مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ) خِلَافًا لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَالْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحِ، وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَإِطْلَاقِ نَذْرِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَى كُلٍّ فَهَلْ كَذَلِكَ فِي صُورَةِ النَّوَافِلِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ فِي الْإِمَامِ ذَلِكَ أَيْضًا) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر
(قَوْلُهُ: قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ كَذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ مَالًا يُتَمَوَّلُ
(قَوْلُهُ: إلَّا بِسَاتِرِ عَوْرَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ زِيَادَةٌ عَلَى سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ.