للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (نَاطِقٌ) فَلَا يُوَلَّى أَخْرَسُ، وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ كَسَابِقَيْهِ (كَافٍ) لِلْقِيَامِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا نَهْضَةٍ وَيَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ بِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ وَجَبَانٌ ضَعِيفُ النَّفْسِ وَفِي الرَّوْضَةِ يُنْدَبُ ذُو حِلْمٍ وَتَثَبُّتٍ وَلِينٍ وَفِطْنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَصِحَّةِ حَوَاسٍّ وَأَعْضَاءٍ.

وَعَدُّهُ الْفَطِنَةَ، وَالتَّيَقُّظَ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ فِي الْيَقَظَةِ التَّامَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ التَّغَفُّلِ وَاخْتِلَالِ الرَّأْيِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمِنْهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ يَرْجِعُ إلَيْهِ الْعُقَلَاءُ فِي رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ.

. (مُجْتَهِدٌ) فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ جَاهِلٍ وَمُقَلِّدٍ، وَإِنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إدْرَاكِ غَوَامِضِهِ وَتَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ؛ إذْ لَا يُحِيطُ بِهِمَا إلَّا مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إسْلَامٌ إلَى آخِرِهِ، أَوْ كَوْنُهُ مُسْلِمًا إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لَا الشَّخْصُ نَفْسُهُ. اهـ. وَيُرَدُّ بِوُضُوحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِتِلْكَ الصِّيَغِ مَا أَشْعَرَتْ بِهِ مِنْ الْوَصْفِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا وَاشْتَرَطَهُ جَمْعٌ وَاخْتِيرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَلِكَ، وَلَا كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْحِسَابِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ الْحِسَابِيَّةِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ اشْتِرَاطَهُ فِي الْمُفْتِي فَالْقَاضِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُفْتٍ وَزِيَادَةٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَصْوِيبُ ابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْغَالِبِ وُقُوعُهَا وَعَدَمِهِ عَلَى ضِدِّهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ رُجُوعَهُ لِغَيْرِهِ فِي تِلْكَ يَشُقُّ عَلَى الْخُصُومِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ، وَلَا مَعْرِفَتُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ أَيْ: وَعَكْسُهُ وَمَحِلُّهُمَا إنْ كَانَ ثَمَّ عَدْلٌ يُعَرِّفُهُ بِلُغَتِهِمْ، وَيُعَرِّفُهُمْ بِلُغَتِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا عَلَى مَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ أَنَّهُ لَوْ وَلَّى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ اجْتِمَاعَ تِلْكَ الشُّرُوطِ فِيهِ ثَمَّ بَانَتْ فِيهِ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ فَقَوْلُ جَمْعٍ لَا يَصِحُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلِلْمُوَلِّي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي الصَّالِحِ عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ بِمَا ذُكِرَ، وَيُسَنُّ لَهُ اخْتِبَارُهُ لِيَزْدَادَ فِيهِ بَصِيرَةً.

(وَهُوَ) أَيْ: الْمُجْتَهِدُ (مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَلَا يَنْحَصِرُ فِي خَمْسمِائَةِ آيَةٍ وَلَا خَمْسمِائَةِ حَدِيثٍ خِلَافًا لِزَاعِمَيْهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهَا تُسْتَنْبَطُ حَتَّى مِنْ آيِ الْقَصَصِ، وَالْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنْ أَرَادَ قَائِلُهُ الْحَصْرَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ السَّالِمَةِ مِنْ طَعْنٍ فِي سَنَدٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ الْأَحْكَامِ الْخَفِيَّةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَانَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُرْبِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ

ــ

[حاشية الشرواني]

لَوْ سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ، ثُمَّ عَمِيَ قَضَى فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا لَوْ نَزَلَ أَهْلُ قَلْعَةٍ عَلَى حُكْمِ أَعْمَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ إلَخْ) الْأَوْلَى دُونَ الْحُكْمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُوَلَّى أَخْرَسُ) إلَى قَوْلِهِ: وَجَبَانٌ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ: وَعَدَّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَانٌ ضَعِيفُ النَّفْسِ) فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَكُونُ عَالِمًا دَيِّنًا وَنَفْسُهُ ضَعِيفَةٌ عَنْ التَّنْفِيذِ، وَالْإِلْزَامِ، وَالسَّطْوَةِ فَيُطْمَعُ فِي جَانِبِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَصِحَّةُ حَوَاسٍّ وَأَعْضَاءٍ) وَأَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلُغَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يَقْضِي لِأَهْلِهِ قَنُوعًا سَلِيمًا مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقًا وَافِرَ الْعَقْلِ ذَا وَقَارٍ وَسَكِينَةٍ قُرَشِيًّا وَمُرَاعَاةُ الْعِلْمِ، وَالتُّقَى أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ النَّسَبِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَّهُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ. (قَوْلُهُ: مَا قُلْنَاهُ فِي الْيَقَظَةِ التَّامَّةِ) أَيْ: مِنْ إدْخَالِهَا فِي تَفْسِيرِ الْكِفَايَةِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إلَخْ) كَيْفَ يُرَادُ بِالْيَقَظَةِ التَّامَّةِ أَصْلُ التَّيَقُّظِ وَبِالتَّيَقُّظِ الْمُطْلَقِ كَمَالُهُ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدَ عُمَر.

. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) إلَى قَوْلِهِ: انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قِيلَ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاشْتَرَطَهُ إلَى وَلَا كَوْنُهُ عَارِفًا وَقَوْلَهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ إلَى وَلَا مَعْرِفَتُهُ وَقَوْلَهُ: فَقَوْلُ جَمْعٍ إلَى وَلِلْمَوْلَى. (قَوْلُهُ: تَوْلِيَةُ جَاهِلٍ) أَيْ: بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَفِظَ) إلَى قِيلَ: عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَهُوَ مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ لَكِنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِغَوَامِضِهِ، وَقَاصِرٌ عَنْ تَقْرِيرِ أَدِلَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى فَالْقَضَاءُ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) هَذَا الرَّدُّ إنَّمَا يُفِيدُ لَوْ أُرِيدَ بِالِانْبِغَاءِ الْوُجُوبُ لَا الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ) إلَى قَوْلِهِ: لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ) أَيْ: بِمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: تَصْوِيبُ ابْنِ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَنَّ رُجُوعَهُ) أَيْ: الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَلَا مَعْرِفَتُهُ) أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُمَا) أَيْ: الْأَصْلِ، وَالْعَكْسِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَدَارَ إلَخْ) بَيَانٌ؛ لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ الْعُقُودِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَتْ) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ) مِنْهُمْ الْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُوَلَّى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَإِذَا عَرَفَ الْإِمَامُ أَهْلِيَّةَ أَحَدٍ وَلَّاهُ، وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ حَالِهِ وَلَوْ وَلَّى مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ مَعَ وُجُودِ الصَّالِحِ لَهُ، وَالْعِلْمِ بِالْحَالِ أَثِمَ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّازِمِ، وَالْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ أَصَابَ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ اخْتِبَارُهُ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ أَهْلًا لِلِاخْتِبَارِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِإِخْبَارِ الْعَدْلَيْنِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ) كَانَ فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَكْتُوبًا بِالْحُمْرَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَتْنِ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ، وَالْمُحَلَّى، ثُمَّ أُصْلِحَ بِمَنْ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُجْتَهِدُ) إلَى قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي النِّهَايَةِ: إلَّا قَوْلَهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمَوَاعِظِ، وَالْقَصَصِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ) بَلْ يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ مَظَانَّ الْأَحْكَامِ فِي أَبْوَابِهَا فَلْيُرَاجِعْهَا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي خَمْسمِائَةِ آيَةٍ وَلَا خَمْسمِائَةِ حَدِيثٍ) حَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ آيُ الْأَحْكَامِ فِي خَمْسمِائَةٍ وَلَا أَحَادِيثُهَا فِي خَمْسِمِائَةٍ. (قَوْلُهُ: لِزَاعِمَيْهِمَا) زَاعِمُ الْأَوَّلِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَزَاعِمُ الثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ: كَالْحِكَمِ، وَالْأَمْثَالِ. (قَوْلُهُ: قَاضِيَةٌ بِبُطْلَانِهِ) أَيْ: لِمَا يَأْتِي أَنَّ غَالِبَ الْأَحَادِيثِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَائِلُهُ) أَيْ: انْحِصَارَ الْأَحَادِيثِ فِي خَمْسِمِائَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَحْكَامِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْأَحَادِيثِ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>