للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (لَا غَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ) تَحْكِيمًا لِقَرِينَةِ الْحَالِ وَلَوْ طَرَأَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ لِنَحْوِ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ اسْتَخْلَفَ جَزْمًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَّا إنْ نُهِيَ عَنْهُ وَنَظَرَ فِيهِ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا فَلْيَكُنْ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ النِّيَابَةِ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا نُهِيَ عَنْهُ حَتَّى لِلْعُذْرِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا أُطْلِقَ النَّهْيُ عَنْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ الِاسْتِخْلَافَ خَارِجَ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَبِهِ اغْتَرَّ بَعْضُهُمْ لَكِنْ يَأْتِي رَدُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَمَعْزُولٍ الْمُبَيِّنِ لِمَا هُنَا

. (وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) ؛ لِأَنَّهُ قَاضٍ (إلَّا أَنْ يُسْتَخْلَفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) وَتَحْلِيفٍ (فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) مِنْ شَرْطِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ التَّحْلِيفِ مَثَلًا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ، وَمِنْ ذَلِكَ نَائِبُ الْقَاضِي فِي الْقُرَى إذَا فُوِّضَ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ يَكْفِيهِ الْعِلْمُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ عَنْ تَقْلِيدٍ كَمَا قَالَاهُ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَنْ نُصِّبَ لِلْجَرْحِ، وَالتَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ. وَلَهُ اسْتِخْلَافُ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ كَمَا أَنَّ لِلْإِمَامِ تَوْلِيَتَهُمَا، نَعَمْ لَوْ فَوَّضَ الْإِمَامُ اخْتِيَارَ قَاضٍ، أَوْ تَوْلِيَتَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ هُنَا أَقْوَى لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ، وَالنَّائِبِ فِي التَّوْلِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ سَمَاعُ شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمَا بِالتَّعْدِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ جَازَ لَهُ سَمَاعُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَذَا مَحَلُّ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِمَا إذَا ظَهَرَ فِيهِ عِنْدَ النَّاسِ اجْتِمَاعُ الشُّرُوطِ. اهـ. وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ وَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ جَازَ لَهُ تَوْلِيَتُهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ

(وَيَحْكُمُ) الْخَلِيفَةُ (بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ مُتَبَحِّرٍ حُكْمٌ بِغَيْرِ مُعْتَمَدِ مَذْهَبِهِ وَلَا لِمُتَبَحِّرٍ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ عُرْفًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ خِلَافَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ غَيْرَ الْحَقِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِالْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: يَجُوزُ وَجَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْتَهِ لِرُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَهُوَ الْمُقَلِّدُ الصِّرْفُ الَّذِي لَمْ يَتَأَهَّلْ لِنَظَرٍ، وَلَا تَرْجِيحٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمَتْنِ: فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) وَلَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ مَا لَا يَرَاهُ الْمُسْتَخْلِفُ فِي مَذْهَبِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مُخَالِفًا لِيَعْقِلَ مَا لَا يَرَاهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا وَلِيَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَحْكِيمًا) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْعَجْزِ الْمُقَارِنِ أَمَّا الطَّارِئُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّوْلِيَةِ) أَيْ: الْمُطْلَقَةِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ فُرِضَ الْوِلَايَةُ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَيْ: الْمُوَلِّي لِيَذْهَبَ أَيْ: لِذَلِكَ الْإِنْسَانِ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَعْوَى رَدِّهِ سَاقِطَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْتِي رَدُّهُ) وَيَأْتِي بِهَامِشِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ اللَّامِ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَوْلُ جَمْعٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا أَنَّ لِلْإِمَامِ تَوْلِيَتَهُمَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ: كَالْقَاضِي) أَيْ: فِي شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلَهُ) أَيْ: مِثْلَ الْمُسْتَخْلَفِ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِخْلَافُ وَلَدِهِ) إلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا أَنَّ لِلْإِمَامِ تَوْلِيَتَهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ: لِلْقَاضِي اسْتِخْلَافُ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ أَيْ: فِيمَا لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُهُمَا) أَيْ: كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ اخْتِيَارُ نَفْسِهِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي التَّوْلِيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّائِبِ (قَوْلُهُ: سَمَاعُ شَهَادَتِهِمَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا اهـ أَيْ: وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ. (قَوْلُهُ: سَمَاعُهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْقَاضِي الْمُوَلِّي لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. اهـ. ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: أَيْ: الْمُتَوَلَّى. اهـ.، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِهِ جَوَازُ اسْتِخْلَافِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ مَحَلُّهُ أَيْ: جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِمَا أَنْ تَثْبُتَ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ. اهـ. أَيْ غَيْرِ الْقَاضِي الْمُوَلِّي لَهُمَا.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: بِاجْتِهَادِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِ اللَّازِمِ حَيْثُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمُقَلِّدِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) آنِفًا فِي السَّوَادَةِ قَبْلَ التَّنْبِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ مُتَبَحِّرٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتَقْلِيدِ الْغَيْرِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُرْفًا) أَيْ: كَمَا يَأْتِي عَنْ الْحُسْبَانِيِّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَنْ اسْتَخْلَفَ خِلَافُهُ أَيْ: الْحُكْمُ بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ غَيْرَ الْحَقِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِخْلَافُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَعْمَلُ بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ فِي تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ لِمَا مَرَّ وَإِنْ قَالَ: لَا تَحْكُمْ فِي كَذَا مِمَّا يُخَالِفُهُ فِيهِ جَازَ وَحَكَمَ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَوَادِثِ كَقَوْلِهِ: لَا تَحْكُمْ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، وَالْحُرِّ بِالْعَبْدِ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بِالْحُكْمِ الْحَقِّ إلَخْ) وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِهِ، وَالْمُقَلِّدُ مُلْحَقٌ بِمَنْ يُقَلِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ بِمُعْتَقَدِهِ فَلِذَا أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يَحْكُمُ إلَخْ) وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ) أَيْ: حُكْمُ الْمُقَلِّدِ بِغَيْرِ مَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ مَعَ التَّقْلِيدِ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَوَقَّفُ مَعَ اعْتِبَارِ التَّقْلِيدِ فِي اعْتِبَارِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَقَضَاءِ بَلَدَيْنِ، أَوْ بَلَدٍ كَبِيرٍ. (قَوْلُهُ: جَزْمًا وَقَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْأَصَحِّ) كَانَ يُمْكِنُ الْعَكْسُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا أُنْهِيَ إلَخْ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ الِاسْتِخْلَافَ خَارِجَ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ إلَخْ) وَلَوْ فَوَّضَ الْوِلَايَةَ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ لِيَذْهَبَ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْتِي رَدُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: كَمَعْزُولٍ) وَيَأْتِي بِهَامِشِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) أَيْ: بِكَسْرِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُتَبَحِّرٍ) ظَاهِرٌ وَلَوْ بِتَقْلِيدِ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ) وَهُوَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>