إلَيْهِ، وَإِلَّا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ، فَإِنْ حَكَمَ بِالثُّبُوتِ كَانَ حُكْمًا بِتَعْدِيلِهَا وَسَمَاعِهَا فَلَا يَحْتَاجُ حَاكِمٌ آخَرُ إلَى النَّظَرِ فِيهَا كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الثُّبُوتَ بِلَا حُكْمٍ لَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ، لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ بَلْ صَرِيحُهُ خِلَافُهُ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا: الثُّبُوتُ لَيْسَ حُكْمًا بِالثَّابِتِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ بِتَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَقَبُولِهَا وَجَرَيَانِ مَا شَهِدَتْ بِهِ، وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِيهَا انْتَهَتْ.
قَالَ: وَفِيمَا إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ كَثَبَتْ عِنْدِي وَقْفُ هَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ هُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا، لَكِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الشَّاهِدِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ ثُبُوتِ سَبَبِهِ كَوَقَفَ فُلَانٌ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى نَظَرٍ آخَرَ، وَمِنْ ثَمَّ يَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي شُرُوطِهِ، وَقَالَ أَيْضًا: وَالتَّنْفِيذُ بِشَرْطِهِ إلَّا مَا غَلَبَ فِي زَمَنِنَا حُكْمٌ وَفَائِدَتُهُ التَّأْكِيدُ لِلْحُكْمِ قَبْلَهُ. وَيَجُوزُ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، وَلَا حَلِفٍ فِي نَحْوِ غَائِبٍ، بِخِلَافِ تَنْفِيذِ الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ فِيهَا، فَإِنْ فِيهِ خِلَافًا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ حُكْمًا مِنْ الْمُنَفِّذِ إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ عِنْدَهُ، وَإِلَّا كَانَ إثْبَاتًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ.
وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لِلسُّبْكِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ، وَقَدْ جَمَعْته كُلَّهُ، وَمَا فِيهِ مِنْ نَقْدٍ، وَرَدٍّ وَزِيَادَةٍ فِي كِتَابِي الْمُسْتَوْعَبِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ، وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ بِمَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فَاطْلُبْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. وَمِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ، وَالتَّابِعَةَ لَهَا بِخِلَافِهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَةَ فَقَطْ فَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ الْهِبَةِ لِلْفَرْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ لِشُمُولِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ لِلْحُكْمِ بِجَوَازِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ: الْآتِي: وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ إلَخْ؛ إذْ لَا حُكْمَ هُنَا وَلَا تَنْفِيذَ بَلْ ثُبُوتٌ مُجَرَّدٌ. اهـ. فَتَبَيَّنَ بِهَا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَالْفَاسِدِ أَيْ: مِنْ جَرَيَانِ الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ فِيمَا قُصِدَ إثْبَاتُ فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَى تَسْجِيلِ الْفِسْقِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ: مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ التَّسْجِيلُ بِالْفِسْقِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ بِالتَّوْبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَلَعَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فَأَمَّا عِنْدَهَا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَيُتَّجَهُ الْجَوَازُ، وَالتَّوْبَةُ إنَّمَا تَنْفَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي انْتَهَتْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: ثَبَتَ إلَخْ لَيْسَ بِحُكْمٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: حَكَمَ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ صَرَّحَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالثُّبُوتِ) أَيْ: لِلْحَقِّ، أَوْ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ) أَيْ: الْحُكْمُ بِتَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعِهَا. (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: أَوْ سِجِلًّا إلَخْ مَا يُوَافِقُهَا مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي كِتَابِهِ الْآتِي إشَارَتُهُ إلَيْهِ وَفَائِدَةُ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِي الْبَيِّنَةِ، وَحُكْمُهُ جَوَازُ نَقْلِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، ثُمَّ قَالَ عَنْ السُّبْكِيّ: وَنَقْلُ الثُّبُوتِ فِي الْبَلَدِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ النَّقْلِ وَتَخْصِيصِ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِالْأَوَّلِ أَيْ: وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ السَّبَبَ، وَالْأَوْلَى فِيهِ الْجَوَازُ أَيْضًا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ انْتَهَتْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ: قَوْلُ الْحَاكِمِ: ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ حُكْمًا أَيْ: فَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَاهُ) أَيْ الْحُكْمِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: كَوَقَفَ فُلَانٌ) هُوَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: بِذِكْرِ الْوَقْفِ، وَالْوَاقِفِ دُونَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ: الْبَلْدَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِيهِ) أَيْ: التَّنْفِيذِ فِي الْبَلْدَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: الثُّبُوتَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ حُكْمًا إلَخْ) أَيْ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ تَقَدُّمُ دَعْوَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ) أَيْ: بِأَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَعْوَى وَطَلَبٌ مِنْ الْخَصْمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ عِنْدَنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَسِجِلًّا إلَخْ زِيَادَةُ بَسْطٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِالْمُوجَبِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ. (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى نَقْدٍ، وَيُحْتَمَلُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ لِجَمَعْته. (قَوْلُهُ: الْمُسْتَوْعِبِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ نَعْتٌ لِكِتَابِي وَقَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يُوجِذْ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَوْعِبِ، وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى الِاسْتِيعَابِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحُكْمَ) إلَى قَوْلِهِ: فَلَوْ حَكَمَ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ: الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ) أَيْ فَرُجُوعُ الْأَصْلِ مِنْ الْآثَارِ التَّابِعَةِ فَيَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ دُونَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ بِخِلَافِ مِلْكِ ذَلِكَ الْمَوْهُوبِ الْخَاصِّ فَإِنَّهُ مِنْ الْآثَارِ الْمَوْجُودَةِ فَيَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا. اهـ. سم. (قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ: وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ إلَخْ؛ إذْ لَا حُكْمَ، وَلَا تَنْفِيذَ، بَلْ ثُبُوتٌ مُجَرَّدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ: مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ التَّسْجِيلُ بِالْفِسْقِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ بِالتَّوْبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَلَعَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا عِنْدَهَا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَيُتَّجَهُ الْجَوَازُ، وَالتَّوْبَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِيهَا) عِبَارَتُهُ فِي كِتَابِهِ الْآتِي إشَارَتُهُ إلَيْهِ وَفَائِدَةُ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِي الْبَيِّنَةِ، وَحُكْمُهُ جَوَازُ نَقْلِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، ثُمَّ قَالَ عَنْ السُّبْكِيّ: وَنَقْلُ الثُّبُوتِ فِي الْبَلَدِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ النَّقْلِ وَتَخْصِيصِ مَحِلِّ الْخِلَافِ بِالْأَوَّلِ أَيْ: وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ السَّبَبَ، وَالْأَوْلَى فِيهِ الْجَوَازُ أَيْضًا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ) أَيْ: فَرُجُوعُ الْأَصْلِ مِنْ الْآثَارِ التَّابِعَةِ فَيَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ دُونَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ بِخِلَافِ مِلْكِ