للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقِبَ الْعَقْدِ أَنْ يَحْكُمَ بِإِلْغَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْضًا لَهُ؛ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ فَتْوَى لَا حُكْمٌ؛ إذْ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ الْمُمْتَنِعُ نَقْضُهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي وَاقِعِ وَقْتِهِ دُونَ مَا سَيَقَعُ؛ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ بِهِ. وَالْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْحِسْبَةِ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ بَعْدَهَا إجْمَاعًا عَلَى مَا حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، نَعَمْ إنْ ثَبَتَ مَا قِيلَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، أَوْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ قَدْ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ قَدْ يَسُوغُ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ مِثْلُ هَذَا الْحُكْمِ لَمْ يَبْعُدْ امْتِنَاعُ نَقْضِهِ حِينَئِذٍ. وَمَرَّ فِي الطَّلَاقِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ.

. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ: الْقَاضِيَ وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ (يَقْضِي بِعِلْمِهِ) إنْ شَاءَ أَيْ: بِظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَفَادَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ. وَاشْتِرَاطُ الْقَطْعِ وَمَنْعُ الِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ مُطْلَقًا ضَعِيفٌ، وَمِنْ ثَمَّ مَثَّلَهُ الْأَئِمَّةُ بِأَنْ يُدَّعَى عِنْدَهُ بِمَالٍ، وَقَدْ رَآهُ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ قَبْلُ، أَوْ سَمِعَهُ قَبْلُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ سَمِعَ دَائِنًا أَبْرَأَ مَدِينَهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: مَعَ إبْرَائِهِ دَيْنُهُ بَاقٍ عَلَيَّ عُمِلَ بِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: عَقِبَ الْعَقْدِ) لَعَلَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْضًا لَهُ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَقُّ الْمَقَامِ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ فَتْوَى لَا حُكْمٌ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ فَلَيْسَ إلْغَاؤُهُ نَقْضًا لِلْحُكْمِ؛ إذْ الْحُكْمُ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهِ) أَيْ: الْحُكْمِ بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ هَذَا التَّعْلِيلُ، وَلَعَلَّ الْأَسْبَكَ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي وَاقِعِ وَقْتِهِ) أَيْ: فِي أَمْرٍ تَحَقَّقَ وَقْتَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ: الدَّعْوَى الْمُلْزِمَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، أَوْ الْحَنَابِلَةِ) عِبَارَتُهُ فِي الطَّلَاقِ عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ امْتِنَاعُ نَقْضِهِ) هُوَ مُتَّجَهٌ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَلَا يُنَافِيهِ الْإِجْمَاعُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَا يُسَلِّمُهُ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم وَمَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.

. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِمَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَهُوَ الشَّاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ فَبِالْعِلْمِ أَوْلَى لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَكَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ جَزْمًا لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى، وَالْمُغْنِي فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ أَيْ: الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ وُجُوبًا الظَّاهِرِ التَّقْوَى، وَالْوَرَعِ نَدْبًا أَمَّا قَاضِي الضَّرُورَةِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: قَضَيْت بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ بِذَلِكَ وَطُلِبَ مِنْهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَدَدْنَاهُ وَلَا نَعْمَلُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَوَّلَيْنِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِذَا نَفَّذْنَا أَحْكَامَ الْقَاضِي الْفَاسِقِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ بِلَا خِلَافٍ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَنْفِيذِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ النَّادِرَةِ مَعَ فِسْقِهِ الظَّاهِرِ وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ قَطْعًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ) إلَى قَوْلِهِ: كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَاشْتِرَاطُ الْقَطْعِ إلَى وَمِنْ ثَمَّ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَوْ رَأَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: ذَلِكَ وَقَوْلَهُ: وَتَبِعُوهُ إلَى قَالَ وَقَوْلَهُ: وَهُوَ احْتِيَاطٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَوْلَهُ: فَلَا تَنَاقُضَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَكَمَا إذَا إلَى، أَمَّا حُدُودُ الْآدَمِيِّينَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ إلَخْ) كَمُشَاهَدَةِ الْيَدِ، وَالتَّصَرُّفِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَكَخِبْرَةِ بَاطِنِ الْمُعْسِرِ، وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَا يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ أَيْ: فِي الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ بِمُجَرَّدِ الظُّنُونِ، وَمَا يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ بِلَا أَسْبَابٍ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا هَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَلِمَهُ بِالْمُشَاهَدَةِ، أَمَّا مَا عَلِمَهُ بِالتَّوَاتُرِ فَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ ثَمَّ التُّهْمَةُ فَإِذَا شَاعَ الْأَمْرُ زَالَتْ وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ التَّوَاتُرِ الظَّاهِرِ لِكُلِّ أَحَدٍ كَوُجُودِ بَغْدَادَ فَيَقْضِي بِهِ قَطْعًا وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ الْمُخْتَصِّ فَيَخْرُجُ عَلَى خِلَافِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِظَنِّهِ إلَخْ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ: أَيْ بِالْأَعَمِّ مِنْ عِلْمِهِ حَقِيقَةً وَظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَفَادَهُ) أَيْ: الْعِلْمَ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَاقِعَةِ بَيِّنَةٌ أُمّ لَا مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مُؤَكَّدًا كَانَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ أَوْ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِ مَنْعِ الِاكْتِفَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَثَّلَهُ) أَيْ: الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ. اهـ. أَسْنَى. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُدَّعَى عِنْدَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَقَدْ رَآهُ الْقَاضِي أَقْرَضَهُ ذَلِكَ، أَوْ سَمِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ) أَيْ: فَمُجَرَّدُ رُؤْيَةِ الْإِقْرَاضِ وَسَمَاعِ الْإِقْرَارِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ. اهـ. أَسْنَى. (قَوْلُهُ: أَبْرَأَ مَدِينَهُ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَوْلُهُ: فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ لَعَلَّهُ مِثَالٌ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأَخْبَرَهُ) أَيْ: أَخْبَرَ الْقَاضِي الْمَدِينَ بِالْإِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَعَ أَبْرَأْته إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَقَالَ أَعْرِفُ صُدُورَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَدَيْنُهُ بَاقٍ عَلَيَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عُمِلَ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَأَقَرَّ الدَّائِنُ بِوُصُولِ حَقِّهِ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ ثُمَّ بَلَغَ الْمَدِينُ ذَلِكَ فَقَالَ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَقَرَّ تَجَمُّلًا مَعَ بَقَاءِ حَقِّهِ بِذِمَّتِي وَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنِّي شَيْءٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْكَلَامُ وَيُرَاجَعْ؛ فَإِنَّ الصِّحَّةَ لَا تُنَافِي الْوُقُوعَ الْمُعَلَّقَ بِهَا، بَلْ تَقْتَضِيهِ كَاقْتِضَاءِ الشَّرْطِ الْجَزَاءَ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الطَّلَاقِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِي فَصْلِ خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ وَتَعْلِيقِهِ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ لَغْوٌ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نُقِضَ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ إذْ شَرْطُهُ إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وُقُوعُ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ وَقَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ، نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ دَعْوَى كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِذَلِكَ صَدَرَ مِمَّنْ يُؤَدِّي ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. اهـ.

قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ وَاضِحٌ هُوَ مُتَّجَهٌ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَلَا يُنَافِيهِ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَا يُسَلِّمُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِظَنِّهِ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ: أَيْ بِالْأَعَمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>