للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ لِغَرِيمٍ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَارِثٌ، وَلَمْ يَدَّعِ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِعَيْنٍ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ لَعَلَّهُ يُقِرُّ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا، وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَنْعِ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّيْنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَالْغَائِبُ كَالْمَيِّتِ فِيمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ شُرَيْحٍ تَمْتَنِعُ إقَامَةُ غَرِيمِ الْغَائِبِ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ عَيْنًا مَنْظَرٌ فِيهِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَدَّعِيَ لِيُقِيمَ شَاهِدًا، وَيَحْلِفَ مَعَهُ (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) إذَا طَلَبَهُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِكَفِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَالِ، وَلَا يُعْطِيهِ بِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ أَمَّا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ كَزَوْجَةٍ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالِّ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَبَائِعٍ يَدَّعِي بِالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ كَبَائِعٍ لَهُ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ، وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ الْحَجْرَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ حَيْثُ اسْتَحَقَّهُ فَيُجِيبُهُ، وَلَا يُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ يُقَدِّمُ مُؤْنَةَ مُمَوِّنِ الْغَائِبِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَطَلَبَ قَضَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ نَحْوُ مَرْهُونٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ فَلِلْقَاضِي بِطَلَبِ الْمُدَّعِي إجْبَارُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِطَرِيقَةٍ لِيَبْقَى الْفَاضِلُ لِلدَّائِنِ. اهـ.

وَلَوْ بَاعَ قَاضٍ مَالَ غَائِبٍ فِي دَيْنِهِ فَقَدِمَ، وَأَبْطَلَ الدَّيْنَ بِإِثْبَاتِ إيفَائِهِ، أَوْ نَحْوِ فِسْقِ شَاهِدٍ بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي عَمَلِهِ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) ، أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ مِنْ الْقُضَاةِ (أَجَابَهُ) وُجُوبًا، وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ قَاضِي ضَرُورَةٍ مُسَارَعَةً لِقَضَاءِ حَقِّهِ (فَيُنْهِي إلَيْهِ سَمَاعَ بَيِّنَةِ) ، ثُمَّ إنْ عَدَّلَهَا لَمْ يَحْتَجْ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى تَعْدِيلِهَا، وَإِلَّا احْتَاجَ إلَيْهِ (لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ، وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ فَلَا يَكْتُبُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ الْآنَ لَا قَاضٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي مُخَالَفَةِ هَذَا الْمَنْقُولِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ وَالْغَزِّيِّ مِنْ جَوَازِ إقَامَةِ الْغَرِيمِ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ الْعَيْنِ، وَقَالَ: لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ الدَّيْنِ، وَالْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْغَرِيمِ إثْبَاتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ. اهـ. سم أَقُولُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى كَالصَّرِيحِ فِي مُوَافَقَةِ مَا نَقَلَهُ عَنْ م ر فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: الدَّعْوَى إلَخْ.) اسْمٌ مُؤَخَّرٌ؛ لِأَنَّ (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ يُقِرُّ) هَلَّا جَازَ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَيْضًا لَعَلَّهُ يُقِرُّ. اهـ.

سم (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا إلَخْ.) مَرَّ آنِفًا مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إذَا طَلَبَهُ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى قَوْلِهِ: قِيلَ إنْهَاؤُهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْغَائِبِ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَامْتَنَعَ. اهـ. مُغْنِي أَيْ: الْغَائِبُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالِبُهُ) أَيْ: الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْطِيهِ إلَخْ.) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَحَكَمَ بِهِ بِشُرُوطِهِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ.) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: حَاضِرٌ فِي عَمَلِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: الْحَاضِرِ) أَيْ: الْمَالِ الْحَاضِرِ فَقَوْلُهُ: يُجْبَرُ أَيْ: الْمُدَّعِي خَبَرٌ جَرَى عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ بِلَا إظْهَارٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرُ، وَعَلَيْهِ فَالْخَبَرُ جَارٍ عَلَى مَا هُوَ لَهُ، وَفِي ضَمِيرِ مُقَابِلِهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ: كَزَوْجَةٍ تَدَّعِي إلَخْ.) ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِدَفْعِ مُقَابِلِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ نَفْسُهَا بِأَنْ تُسَلِّمَهَا لِلزَّوْجِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ: قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: كَبَائِعٍ لَهُ) أَيْ: لِلْمَالِ الْحَاضِرِ، وَقَوْلُهُ: ثَمَنَهُ أَيْ: الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ: اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الْمَالَ الْحَاضِرَ الَّذِي هُوَ الْمَبِيعُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ النَّصْبِ رَاجِعٌ إلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ: الْمَالُ الْحَاضِرُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَرْهُونٍ إلَخْ.) أَيْ: كَعَبْدٍ جَانٍ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: مَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْكُمْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَحَكَمَ بِهِ بِشُرُوطِهِ. اهـ. سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَحْكُمُ هَذَا لَا يَنْسَجِمُ مَعَهُ تَفْصِيلُ الْمَتْنِ الْآتِي الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ إنْهَاءُ الْحُكْمِ تَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْهَاءَ الْحَالِ) أَيْ: مِنْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ، أَوْ شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ، أَوْ سَأَلَ إنْهَاءَ حُكْمٍ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ) أَيْ: إنْ عُلِمَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ إلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إلَخْ. أَيْ: مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَيَنْتَهِي إلَيْهِ سَمَاعُ بَيِّنَةٍ) وَيَكْتُبُ فِي إنْهَائِهِ سَمَاعَ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ قَامَتْ عِنْدِي بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَاحْكُمْ بِهَذَا مَشْرُوطٌ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَا عِلْمُهُ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ إنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْهَاءُ الْحُكْمِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الْعِلْمِ، وَإِلَّا فَهُوَ شَاهِدٌ حِينَئِذٍ، وَلَعَلَّ مَا فِي الْعِدَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي، وَكَلَامُ السَّرَخْسِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ إلَخْ. فَإِطْلَاقُهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْبَيِّنَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِقَاضٍ آخَرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاضِي الْآخَرُ حَاضِرًا فَقَالَ لَهُ قَاضٍ: أَنَا أَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ هَلْ لَهُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ، وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ كَلَامِهِ الْآتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْكِتَابِ بِالْحُكْمِ إلَخْ. كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ الثَّانِي، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى عِبَارَتُهُمَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَمَاعُ بَيِّنَةٍ لِيَحْكُمَ بِهَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ بِعِلْمِهِ لَوْ كَتَبَ لِيَقْضِيَ لَهُ بِمُوجِبِ عِلْمِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِهِ هُوَ كَالشَّاهِدِ، وَالشَّهَادَةُ لَا تَتَأَدَّى بِالْكِتَابَةِ، وَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ جَوَازُهُ، وَيَقْضِي بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا جَوَّزْنَا الْقَضَاءَ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ عِلْمِهِ إخْبَارٌ عَنْ قِيَامِ الْحُجَّةِ فَلْيَكُنْ كَإِخْبَارِهِ عَنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا قَالَهُ فِي الْعِدَّةِ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ انْتَهَى، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي: ابْنَ الْمُقْرِي عَكْسُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

النَّفَقَةِ انْتَهَى يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ يُقِرُّ) هَلَّا جَازَ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَيْضًا لَعَلَّهُ يُقِرُّ (قَوْلُهُ:، وَلَا يُعْطِيهِ بِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ إلَخْ.) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَحَكَمَ بِهِ بِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَطْءِ) ، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِدَفْعِ مُقَابِلِ الصَّدَاقِ، وَهُوَ نَفْسُهَا بِأَنْ تُسَلِّمَهَا لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْكُمْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَحَكَمَ بِهِ بِشُرُوطِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>