أَنْ يَكْتُمَ وَيَعِفَّ.
وَهَذَا لَمْ يَكْتُمْ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ قَيَّدُوا الشَّهَادَةَ بِعِشْقِ غَيْرِ الْأَمْرَدِ وَبِالْمُعَيَّنَةِ غَيْرَهَا فَلَا إثْمَ فِيهِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ صَنْعَتِهِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ قَيْدٌ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ مِنْهُ لِبِنَاءِ الشَّيْخَيْنِ الْإِطْلَاقَ عَلَى ضَعِيفٍ وَيَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ نَصْبُ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ وَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ
(وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا وَهَذِهِ أَحْسَنُ الْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَعْرِيفِ الْمُرُوءَةِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِخُلُقِ الْقَلَنْدَرِيَّةِ فِي حَلْقِ اللِّحَى وَنَحْوِهَا (فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ وَالْمَشْيُ) فِيهِ (مَكْشُوفَ الرَّأْسِ) أَوْ الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ كَشْفُ ذَلِكَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَمْشِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ مَاشِيًا لِتَافِهٍ مَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا فِيمَا يَظْهَرُ يُسْقِطُهَا لِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ «الْأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ» وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ إلَّا إنْ صَدَقَ جُوعُهُ أَوْ عَطَشُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ كَانَ يَأْكُلُ حَيْثُ وُجِدَ لِتَقَلُّلِهِ وَبَرَاءَتُهُ مِنْ التَّكَلُّفِ الْعَادِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ الْحَقُّ فِيمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ قُلْت أَوْ كَانَ صَائِمًا مَثَلًا فَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ بِسُنَّةِ الْفِطْرِ لِعُذْرِهِ (وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا أَوْ وَضْعُ يَدِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
اعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: قَيَّدُوا الشَّهَادَةَ) أَيْ شَهَادَةَ الْمَيِّتِ عِشْقًا. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُعَيَّنَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَكْلُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَمَحَلُّهُ إلَى وَيَقَعُ. (قَوْلُهُ: وَبِالْمُعَيَّنَةِ غَيْرُهَا إلَخْ) وَلَيْسَ ذِكْرُ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ كَلَيْلَى تَعْيِينًا رَوْضٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي تَشْبِيبِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ عَدَمِ الرَّدِّ بِذَلِكَ عِبَارَةُ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ قَوْلِ الرَّوْضِ وَالتَّشْبِيبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ نَصُّهُ وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ بَنَاهُ الْأَصْلُ عَلَى ضَعِيفٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْأَصْلِ بِالْقَلِيلِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: لَا شَكَّ أَنَّهُ مُعَيَّنٌ) أَيْ فَيَفْسُقُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ (فَرْعٌ) .
شُرْبُ الْخَمْرِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ يُوجِبُ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَلَّ الْمَشْرُوبُ وَلَمْ يُسْكِرْ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ وَقَصْدِ تَخَلُّلٍ لَا مُمْسِكِهَا فَرُبَّمَا قَصَدَ بِإِمْسَاكِهَا التَّخَلُّلَ وَلَا عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ شُرْبَهَا أَوْ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ وَالْمَطْبُوخُ مِنْهَا كَالنَّبِيذِ فَإِذَا شَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَةٌ وَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ قَدْرًا لَا يُسْكِرُ وَاعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ كَالْحَنَفِيِّ حُدَّ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَا مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً وَهُوَ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا، وَإِنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ نَكَحَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَوَطِئَ فِيهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْحِلَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، أَوْ الْحُرْمَةَ رُدَّتْ لِذَلِكَ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُلْتَقِطِ النِّثَارِ وَإِنْ كُرِهَ الْتِقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَ الدَّعْوَةِ بِلَا نِدَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ اسْتِحْلَالَ صَاحِبِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مُحَرَّمًا إلَّا دَعْوَةَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَهَا؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ عَامٌّ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْمُرُوءَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالْهَمْزِ وَإِبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ إلَخْ قَالَهُ التِّلْمِسَانِيُّ: وَفِي الْمِصْبَاحِ آدَابٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْمِلُ مُرَاعَاتُهَا الْإِنْسَانَ عَلَى مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ انْتَهَى. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُمُورَ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ كَشَفَ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَإِنَّ الْفِسْقَ يَسْتَوِي فِيهِ الشَّرِيفُ، وَالْوَضِيعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا) إنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْمُنَافِي فَفِي عَدَمِ التَّغَيُّرِ نَظَرٌ سم، وَقَدْ يُدْفَعُ النَّظَرُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْعُرُوضِ التَّيَسُّرُ لَا الِاتِّصَافُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ عِبَارَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ الْمُرُوءَةِ) أَيْ الْمَقُولَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمُرَادُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَاعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خُلُقُ أَمْثَالِهِ حَلْقُ اللِّحَى كالقَلَنْدَرِيَّةِ مَعَ فَقْدِ الْمُرُوءَةِ فِيهِمْ، وَقَدْ أَشَرْت إلَى رَدِّ هَذَا بِقَوْلِي مِمَّنْ يُرَاعِي مَنَاهِيجَ الشَّرْعِ، وَآدَابَهُ. اهـ.
أَيْ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُبَاحَةِ) أَيْ الْخُلُقِ الْمُبَاحَةِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ الْقَلَنْدَرِيَّةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ) أَيْ لِغَيْرِ سُوقِيٍّ رَوْضٌ، وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَدَنِ) إلَى قَوْلِهِ مَا يُفِيدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ كَانَ إلَى يُسْقِطُهَا، وَقَوْلُهُ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَى قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْعَوْرَةِ) أَيْ أَمَّا كَشْفُهَا فَحَرَامٌ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ، وَزَادَ الْمُغْنِي، وَلِغَيْرِ مُحْرِمٍ بِنُسُكٍ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: مَاشِيًا) ، وَالْأَنْسَبُ فِي سُوقٍ. (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ يُسْقِطُهَا خَبَرُ قَوْلِهِ فَالْأَكْلُ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِتَأْوِيلِ كُلِّ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَقِيسَ بِهِ الشُّرْبُ. هـ.
قَالَ ع ش، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ شُرْبِ الْقَهْوَةِ، وَالدُّخَانِ فِي بُيُوتِهَا أَوْ عَلَى مَسَاطِبِهَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَاطِي لِذَلِكَ مِنْ السُّوقَةِ الَّذِينَ لَا يَحْتَشِمُونَ ذَلِكَ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الشُّرْبُ) إلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ الْحَقُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: قَالَ إلَى قَالَ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدَقَ إلَخْ) أَيْ غَلَبَ إلَخْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِتَقَلُّلِهِ) أَيْ عَدِّهِ نَفْسَهُ حَقِيرًا. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ أَوْ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ أَوْ كَانَ صَائِمًا إلَخْ اتَّجَهَ عُذْرُهُ حِينَئِذٍ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْظُرْهُ غَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ أَمَّا لَوْ نَظَرَهُ مَنْ دَخَلَ لِيَأْكُلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ نَظَرٌ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ التَّنْظِيرُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ إلَخْ) أَوْ حِكَايَةُ مَا يَفْعَلُهُ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ رَوْضٌ، وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ فَمِهَا) أَيْ كَوَجْهِهَا. (قَوْلُهُ: لَا رَأْسِهَا) إلَى قَوْلِهِ، وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَا رَأْسِهَا) أَيْ وَنَحْوُهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ وَضْعُ يَدِهِ) عَطْفٌ عَلَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الْمُنَافِي فَفِي عَدَمِ التَّغَيُّرِ نَظَرٌ