لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا لِتَمْهِيدِ إثْبَاتِ الْحُقُوقِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ لَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَفِيهَا حِفْظُ الْحُقُوقِ عَنْ الضَّيَاعِ وَقُيِّدَتْ بِالْجُمْلَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ لِلْخَصْمِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ.
وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كِتَابَةَ مَا جَرَى تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا لَكِنْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَالْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِكَوْنِ كِتَابَةِ الصَّكِّ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَثَرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْقَاضِي بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ تُغْنِي عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَيُسَنُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُبَجِّلَ الْقَاضِيَ وَيَزِيدَ فِي أَلْقَابِهِ أَيْ: بِالْحَقِّ لَا الْكَذِبِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ الْيَوْمَ؛ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِنَحْوِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك اهـ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّحَمُّلِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا مَقْبُولُهَا إلَّا إنْ عُذِرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ كَانَ مُخَدَّرَةً أَوْ دَعَاهُ قَاضٍ إلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيُشْهِدَهُ عَلَيْهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَى الشَّهَادَةِ بِزِنَا زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ دُونِ أَرْبَعَةٍ وَبِخِلَافِ دُعَاءِ غَيْرِ الزَّوْجِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ: أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِمَّنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ وَقَدَّمَ هَذِهِ فِي السِّيَرِ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَا يَظْهَرُ وَجْهُ هَذَا الْعَطْفِ مِنْ حَيْثُ النَّحْوُ وَصَرِيحُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِقْرَارِ فَيُقَدَّرُ فِي الْكُلِّ التَّحَمُّلُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الثَّانِي وَكَذَا الْإِقْرَارُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ وَغَيْرُهُ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَرَجْعَةٍ وَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَهُوَ الْكِتَابُ فَالتَّحَمُّلُ فِي كُلٍّ مِنْهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا) أَيْ: التَّحَمُّلِ وَالْكِتَابَةِ وَغَيْرُ الشَّارِحِ جَعَلَ الْحَاجَةَ عِلَّةً لِلتَّحَمُّلِ فَقَطْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنَحْوُهَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ أَمَّا فَرْضِيَّةُ التَّحَمُّلِ فِي ذَلِكَ فَلِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَخْ، وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي حِفْظِ الْحَقِّ وَلَهَا أَثَرٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ: فِي آدَابِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ) الْمَنْفِيُّ هُوَ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ زِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) الظَّاهِرُ التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ كِتَابَةُ الصَّكِّ وَرَسْمُ الشَّهَادَةِ إلَّا بِأُجْرَةٍ فَلَهُ أَخْذُهَا كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي تَحَمُّلِهِ إذَا دُعِيَ لَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ) يَعْنِي بِأَنَّ وُجُوبَ إشْهَادِ الْقَاضِي عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ فِي آدَابِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لَا الْكَذِبِ إلَى بَلْ هُوَ وَقَوْلَهُ: قَالَ الدَّارِمِيُّ وَقَوْلَهُ: إلَّا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا إلَى وَقَدْ دُعِيَ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُبَجِّلَ الْقَاضِيَ) أَيْ: فِي الْأَدَاءِ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ) أَيْ: الْكَذِبُ.
(قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءِ مَعْطُوفًا عَلَى الْكَذِبِ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ يَأْبَى عَنْهُ كَوْنُ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ مِنْ الشَّارِحِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ الْأَسْنَى حَيْثُ ذَكَرَ هُنَا كَلَامَ ابْنِ أَبِي الدَّمِ الْمَذْكُورَ وَأَقَرَّهُ مُسْقِطًا عَنْهُ التَّفْسِيرَ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءِ لَهُ بِنَحْوِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَلِلْأَسْنَى فِي بَابِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: عَنْ مَفْهُومِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ: قَالَ الدَّارِمِيُّ أَوْ دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً إلَخْ) أَيْ: وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ التَّحَمُّلِ فِي الْحُدُودِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِمَّنْ يَقْبَلُ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الذَّهَابُ لِلتَّحَمُّلِ مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ. عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَالتَّحَمُّلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ؛ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ حَضَرَ أَوْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ عَنْ مَعْذُورٍ أَوْ مُخَدَّرَةٍ أَوْ عَنْ قَاضٍ فِي حُكْمِهِ انْتَهَتْ اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ التَّحَمُّلِ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ لَزِمَهُ إذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِطِ الْعَدَالَةِ مُعْتَقِدًا لِصِحَّةِ مَا يَتَحَمَّلُهُ وَحَضَرَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَجْمِعًا لِلشُّرُوطِ فَلَا وُجُوبَ قَالَ الْقَاضِي جَزْمًا أَوْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ فَلَا وُجُوبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مَعْذُورًا بِمَرَضٍ إلَخْ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّحَمُّلِ فَرْضَ كِفَايَةٍ إذَا كَانَ الْمُتَحَمِّلُونَ كَثِيرِينَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِيهِ انْتَهَى اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَقْبَلُ غَيْرَهُ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْذُورًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ثُمَّ رَأَيْتُ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا دَعَا الْمَشْهُودُ لَهُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فَأَبَى الْحُضُورَ قَالَ أَمَّا إذَا أَجَابَهُ لِلْحُضُورِ وَلَا عُذْرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِ الشُّهُودِ السَّعْيَ لِلتَّحَمُّلِ اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُقْبَلُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ هَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْرَارَ) فِيهِ تَأَمُّلٌ
. (قَوْلُهُ: وَلَهُ طَلَبُ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا إنْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَمَعْنَى تَحَمُّلِهِ الْتِزَامُهُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ قَالَ أَقُولُ: بَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ يَعْنِي بِهِ الْأَدَاءَ الَّذِي هُوَ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَحَمُّلِ الْمَشْهُودِ بِهِ إلَّا بِتَأْوِيلِ تَحَمُّلِ حِفْظِهِ أَوْ أَدَائِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ السِّيَرِ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا الطَّلْبَقَةُ أَيْ: التَّحِيَّةُ بِهَا وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك فَقِيلَ بِكَرَاهَتِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ لَهُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ بَلْ حَرَامٌ وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ اهـ. وَفِيهِمَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي بَيَانِ مَا يُدْعَى بِهِ لِلسُّلْطَانِ إذَا تَعَلَّقَتْ الْفَتْوَى بِهِ مَا نَصُّهُ وَيُكْرَهُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ فَلَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ السَّلَفِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عُذِرَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَالتَّحَمُّلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ حَضَرَ ذَلِكَ أَوْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ عَنْ مَعْذُورٍ أَوْ مُخَدَّرَةٍ أَوْ عَنْ قَاضٍ فِي حُكْمِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِمَّنْ يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute