(لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] أَيْ: لِلْأَدَاءِ وَقِيلَ لَهُ وَلِلتَّحَمُّلِ وَقَوْلُهُ {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] وَيَجِبُ فِي الْأَدَاءِ حَيْثُ وَجَبَ الْفَوْرُ نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِفَرَاغِ حَمَّامٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِمَا (فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ) بِلَا عُذْرٍ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ عَصَى) وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعَ عَنْ الْيَمِينِ وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ شَاهِدَا نَحْوِ وَدِيعَةٍ وَقَالَا احْلِفْ عَلَى الرَّدِّ
(وَإِنْ كَانَ) فِي الْوَاقِعَةِ (شُهُودٌ فَالْأَدَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَيْهِمْ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِبَعْضِهِمْ فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَإِلَّا أَثِمُوا كُلُّهُمْ دَعَاهُمْ مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ وَالْمُمْتَنِعُ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ إثْمًا؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ كَمَا أَنَّ الْمُجِيبَ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ أَجْرًا لِذَلِكَ (فَلَوْ طَلَبَ) الْأَدَاءَ (مِنْ اثْنَيْنِ) بِأَعْيَانِهِمَا (لَزِمَهُمَا) وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيَحْلِفَ مَعَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّوَاكُلِ وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّهُ حَمْلُ أَمَانَةٍ وَهَذَا أَدَاؤُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ عَيَّنَ لَهُ وَهُنَاكَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَرُ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَوْ عَلِمَا إبَاءَ الْبَاقِينَ لَزِمَهُمَا قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْقَضِيَّةِ (إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ) الْأَدَاءُ إذَا دُعِيَ لَهُ (إنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَالْقَاضِي الْمَطْلُوبُ إلَيْهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا إذْ لَا عُذْرَ لَهُ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ فِي ذَلِكَ (فَلَا) يَلْزَمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لِأَدَائِهِ (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ قَصْدًا لَا اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ النِّسَاءَ فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ كَالرِّجَالِ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ فِي الْقَضِيَّةِ رِجَالٌ نَعَمْ الْمُخَدَّرَةُ لَا تُكَلَّفُ خُرُوجًا فَيُرْسَلُ لَهَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ أَيْضًا وَلَوْ دُعِيَ لِإِشْهَادَيْنِ وَاتَّحَدَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخْوَفَ فَوْتًا قَدَّمَهُ وَإِلَّا تَخَيَّرَ
(وَلِوُجُوبِ الْأَدَاءِ) وَلَوْ عُيِّنَا (شُرُوطٌ) أَحَدُهَا (أَنْ يُدْعَى مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) فَأَقَلَّ وَمَرَّ بَيَانُهَا لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ مَعَ تَعَذُّرِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ إذْ لَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ فَإِنْ دُعِيَ لِمَا فَوْقَهَا لَمْ يَجِبْ لِلضَّرَرِ مَعَ إمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الْبَلَدِ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ كَالصَّرِيحَةِ فِيهِ لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَفِسْقٍ وَغَيْبَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) أَيْ: إنْ دُعِيَا لَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلِلتَّحَمُّلِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ لِمُخَدَّرَةٍ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَعْذَارَ الشُّفْعَةِ أَعْذَارٌ هُنَا نِهَايَةٌ أَيْ: وَهِيَ أَوْسَعُ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَكْلٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى حَمَّامٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ وَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ) سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ أَدَاءِ صَاحِبِهِ أَمْ قَبْلَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَحْوُ وَدِيعَةٍ) أَيْ: نَحْوُ رَدِّهَا مِمَّا يُصَدَّقُ فِيهِ بِالْيَمِينِ
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ) أَيْ: سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ: مِنْهُمْ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ لَزِمَهُمَا) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّا إجَابَةَ غَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ مُفَارَقَةُ هَذَا لِمَا سَبَقَ فِي التَّحَمُّلِ سم وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ الْمَدْعُوُّ أَنَّ فِي الشُّهُودِ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْأَدَاءِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِمْ شَيْئًا أَمَّا إذَا عَلِمَ إبَاءَهُمْ إلَخْ وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ عَنْ سم وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي عَقِبَ مِثْلِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا عُلِمَتْ رَغْبَةُ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِامْتِنَاعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمَا قَطْعًا) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا عِنْدَ عِلْمِ إبَاءِ الْبَاقِينَ وَعِنْدَ عَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ: يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْأَصَحِّ الْآتِي فِي الْفِسْقِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي رَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ تَصْحِيحُ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا سم. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَلَا) مَعَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ الْآتِي قِيلَ: أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ يُحْوِجُ إلَى الْفَرْقِ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَوْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى ذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَلَمَّا كَانَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ مُفَصِّلًا بَيَّنَهُ بِذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ دُونَ مَا فِيهِ خَطَرٌ كَمَا لَوْ سَمِعَ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ اسْتَفْرَشَهَا أَوْ عَفَا عَنْ قِصَاصٍ ثُمَّ طَلَبَهُ فَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ جَزْمًا وَإِنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهُ قَصْدًا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُخَدَّرَةُ لَا تُكَلَّفُ إلَخْ) وَغَيْرُهَا مَنْ تَحْضُرُ وَتُؤَدِّي وَيَجِبُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ لِتُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دُعِيَ إلَخْ) وَلَوْ رُدَّ نَصُّ شَهَادَتِهِ لِجَرْحِهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا إلَيْهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا رَوْضٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِإِشْهَادَيْنِ) أَيْ: لِشَهَادَتَيْنِ بِحَقَّيْنِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ الْوَقْتُ) فَلَوْ تَرَتَّبَا قَدَّمَ الْأَوَّلَ ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ تَسَاوَيَا تَخَيَّرَ فِي إجَابَةِ مَنْ شَاءَ مِنْ الدَّاعِيَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدَّمَ مَا يَخَافُ فَوْتَهُ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ فَوْتٌ تَخَيَّرَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَاعُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَخَيَّرَ) أَيْ: وَإِنْ تَسَاوَيَا تَخَيَّرَ فِي إجَابَةِ مَنْ شَاءَ مِنْ الدَّاعِيَيْنِ
. (قَوْلُهُ: فَأَقَلَّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ اسْتَثْنَى إلَى وَخَرَجَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَثَالِثُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَى اسْتَثْنَى وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ بَيَانُهَا) أَيْ: بِأَنَّهَا الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهَا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) أَيْ: مَعَ إمْكَانِ الْإِثْبَاتِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ
الْحَاجَةُ
إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلَهُ تَوَاضُعًا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّ إجَابَةَ غَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ مُفَارَقَةُ هَذَا لِمَا سَبَقَ فِي التَّحَمُّلِ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا إبَاءَ الْبَاقِينَ لَزِمَهُمَا قَطْعًا) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا عِنْدَ عِلْمِ إبَاءِ الْبَاقِينَ وَعِنْدَ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي بِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ الِاجْتِهَادُ؛ تَصْحِيحُ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا اهـ. وَأَشَارَ بِالتَّعْلِيلِ الْآتِي الْمَذْكُورِ إلَى تَعْلِيلِ الْأَصَحِّ فِي الْفِسْقِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي رَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) مَعَ إفَادَةِ قَوْلِهِ الْآتِي قِيلَ: أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ يُحْوِجُ إلَى